نقل موقع سوريا كما نريد تحقيقاً جديداً صادر عن موقع “Bellingcat” الاستقصائي قبل ايام، يكشف قيام مجموعة غامضة بدعم الرئيس بشار الأسد، بمنح آلاف الدولارات لنشطاء “اليمين” المتطرف ومواقع المؤامرة وشخصيات يوتيوب ومؤسس ويكيليكس جوليان أسانج – وكل ذلك تحت ستار جائزة “النزاهة المطلقة في الصحافة”.

وجاء في التحقيق “أن نظام دمشق قام من خلال أذرعه بنشر رواياته المضللة عالمياً، بعد أن حاول نشرها عربياً من خلال وسائل الإعلام المحلية والإقليمية”. وأوضح موقع “Bellingcat” الاستقصائي، في تحقيقه المطول أن التمويل قدم تحت غطاء جائزة تدعى “جائزة سيرينا شيم للنزاهة المطلقة في الصحافة”.

وترعى هذه الجائزة منظمة تدعى “جمعية الاستثمار في لجان العمل الشعبي”، وهي من المفترض أنها منظمة غير ربحية مقرها في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، والتي تهدف “ظاهريا” إلى رفع مستوى الوعي حول “قضايا العدالة الاجتماعية التي هي مفتاح السلام العالمي المستدام”. لكن الهدف الحقيقي بحسب التحقيق، هو تعزيز الدعم العام لنظام بشار الأسد الذي تورط في جرائم حرب أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين. وقد كافأ النظام هذه المجموعة بتأشيرات مكنتهم من الوصول إلى كبار المسؤولين في دمشق، بالإضافة إلى مكافأة مجموعة أخرى متفرعة عن الجمعية تدعى “حركة التضامن السورية”.

وجائزة “سيرينا شيم” التي تدعمها الجمعية مالياً، تمنح على حد وصفها إلى “الصحافيين غير المشهورين الذين يقولون الحقائق في الأوقات العصيبة”، وقد سميت الجائزة باسم صحافية أميركية كانت تعمل لصالح قناة “برس تي في” الإيرانية، وقد لقت مصرعها خلال حادث سيارة في عام 2014 أثناء وجودها في تركيا.

وأكد التحقيق أنه تم منح الجائزة لعشرين شخص أو مؤسسة إخبارية. مما يعني أنه حوال120000 دولار أميركي من أموال الجائزة ذهبت لصالح وسائل الإعلام الموالية للأسد ، على افتراض أن نفس المعدل هو نفسه في جميع المجالات ، مع الفائزين الآخرين بمن فيهم Ajamu Baraka ، مرشح حزب الخضر الأمريكي لعام 2016 لمنصب نائب الرئيس ؛ “كيفورك المسيان”، ناشط سوري يعمل لدى حزب اليمين المتطرف البديل لألمانيا ؛ وكيتلين جونستون، أسترالية تصف نفسها بأنها “صحفية ممولة بنسبة 100 في المائة من القراء” والتي روجت للنظرية القائلة بأن سيث ريتش ، الموظف في المجلس الوطني الديمقراطي وكان مسؤولاً عن تسريب رسائل البريد الإلكتروني الديمقراطية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.

وذكر تحقيق “Billingcat” أن حاكم ولاية أوهايو السابق قد صرح بأن الجمعية قد قدمت تمويلا لصالح عضو الكونغرس السابق في أوهايو دينيس كوسينيتش، والذي قد دافع عن الأسد ضد تهم جرائم الحرب الموجهة ضده، بل قابل الدكتاتور السوري في عام 2017. وقدم كوسينيتش اعتذاراً لاحقاً عن تلقيه التمويل من هذه الجمعية التي تحاول تجميل صورة الدكتاتور السوري، إذ ظن في بادئ الأمر أنها “مجموعة مدافعة عن الحقوق المدنية”، وقد تعهد بإرجاع هذه النقود.

أما الجبهة الثانية، فهي حركة التضامن السورية التي تأسست في عام 2013 لتسهيل جولة للقسيسة أغنيس التي تدعم بشار الأسد في أميركا الشمالية.
وتدعي أغنيس أن هجوم الغوطة الكيماوي مجرد مؤامرة من قبل الثوار السوريين، وأن الأبرياء لم يقتلوا على يد النظام، وقد تحدثت الأم أغنيس أمام حشود في مناطق مختلفة بالولايات المتحدة، كممثلة عن لجنة “مصالحة” التابعة للجمعية السورية.
ويعرّف التحقيق لجنة “المصالحة” بأنها مبادرة زائفة تابعة لجمعية الاستثمار، أطلقها نظام الأسد من دمشق ويقودها علي حيدر وزير الدولة لشؤون المصالحة، وزعيم حزب السوري القومي الاجتماعي، وتدعي اللجنة أنها تسعى للإصلاح بين طرفي الأزمة السورية والوصول إلى اتفاق ينهي الصراع، حسب ما يرى التحقيق.

ولا تكشف حركة التضامن السورية أو رعاتها بجمعية الاستثمار عن المتبرعين لها، إلا أن كليهما لديه مبالغ مالية، فبين عامي 2007 و2017، تلقت الجمعية نحو 1.8 مليون دولار من متبرعين لم يكشف عن هوياتهم، وذلك بحسب التقارير المالية المقدمة مع مصلحة الضرائب “IRS”.
ويقود حركة التضامن السورية “كمال عبيد”، وهو مهندس إنشائي وعضو استشاري بمجموعة تدعى “مهندسون وإنشائيون من أجل حقيقة 9/11″، والتي تدعي أن هجمات 11 سبتمبر 2011 كانت مخطط داخلي، وتقوم حركة التضامن السورية بالولايات المتحدة بتمويل مجموعة فلسطينية أخرى تدعى “حركة التضامن العالمية في شمال كاليفورنيا”.
كما كشف تحقيق “Billingcat” تلقي بعض الناشطين الأميركيين الذين يتعاملون مع مثل هذه المؤسسات لتمويل منها، مثل جيمي دور، الكوميديان الذي أصبح معلقاً سياسياً، وقد كشفت تقارير مصلحة الضرائب تلقي “دور” أموالاً من الجمعية الراعية لجائزة “سيرينا شيم” الصحافية في عام 2017.

وكان دور قد صرح في نفس العام بأن الهجوم الكيماوي الذي استهدف بلدة خان شيخون التي كانت في قبضة المعارضة “هجوم كاذب”، وأنه تم زرع جثث الأطفال على يد المتطرفين. وكانت الأمم المتحدة قد أكدت أن نظام الأسد هي الطرف الوحيد في الحرب السورية الذي يمتلك غاز السارين السام والقوات الجوية المسؤولة عن مقتل الأبرياء في بلدة خان شيخون السورية.
وكان “دور” قد استضاف في إحدى حلقاته على يوتيوب، الصحافية إيفا بارتلت، إحدى مؤسسات جمعية التضامن السورية، وأول من يفوز بجائزة “سيرينا شيم” الصحافية، والتي تتبنى نفس رواية نظام الأسد.
يذكر أن جمعية الصحفيين المحترفين توصي العاملين بوسائل الإعلام بـ “رفض الهدايا، والمكافآت، والرسوم” التي “قد تهدد النزاهة أو الحياد”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.