تربية الدواجن في الرقة ودورها في تأمين اللحوم البيضاء لأبناء المدينة

تربية الدواجن في الرقة ودورها في تأمين اللحوم البيضاء لأبناء المدينة

تراجعت تربية الدواجن في مدينة #الرقة وريفها، خلال السنوات الخمس الأخيرة تراجعاً ملحوظاً، بعد ترك غالبية مربي الدواجن لمداجنهم، بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها من عناصر تنظيم «داعش» أثناء سيطرتهم على المنطقة، وقوانينه الصارمة التي فرضها عليهم، ما أثر سلباً على اقتصاد المدينة وحاجة الأهالي لمشتقات الدواجن من بيض ولحوم بيضاء.

ووفق تقارير سابقة عن اتحاد غرف الزراعة في الحكومة السورية، فإن ما يقارب من 70% من المداجن في سوريا، أصبحت خارج الخدمة، والرقة وريفها كانت جزء من هذه الحالة العامة، نتيجة الحرب والأوضاع الأمنية الصعبة التي طالت معظم المناطق والقرى، ناهيك عن تهجير ونزوح سكان مدن وأرياف بأكملها، والتي كانت السبب في إنهاء هذا القطاع الهام في الاقتصاد السوري، وحسب الأرقام الصادرة فإن لحوم الدواجن من هذا القطاع كانت تساهم نحو 54% من إجمالي استهلاك اللحوم لدى السوريين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود الذين لا يمتلكون القدرة المادية في شراء اللحوم الحمراء.

تحقيق الاكتفاء الذاتي
مع عودة الأهالي لمحافظتهم بعد خروج التنظيم منها، كان لا بد من عودة أصحاب المداجن لممارسة دورهم في سد حاجة الأسواق المحلية من مشتقات الدجاج، للمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي التي تسعى إليه المدينة.

إبراهيم الحسن (صاحب مدجنة في مدينة #الطبقة)، تحدث لموقع «الحل نت» حول الموضوع قائلاً إن: «عوامل عدة ساهمت في نشاط حركة تربية الدواجن في مدينة الرقة وريفها وأهمها، توفير الجهات المعنية جميع الأدوات والمواد اللازمة للعمل، من علف وأدوية بيطرية، ومواد التدفئة التي تحتاجها الدواجن في الشتاء (فحم ومازت)، بالإضافة لعودة العمال من أصحاب الخبرة لممارسة عملهم، إلى جانب توفير مشتقات الدجاج في المدينة مما ساعد بتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالي انخفاض أسعار مشتقات الدجاج من لحوم وبيض، والقدرة على التصدير للمناطق المجاورة، وتوفير المئات من فرص العمل للشباب من أبناء المنطقة».

أما رمضان العبدالله (ناشط من المدينة) يقول لموقع «الحل نت»، إن: «أهالي مدينة الرقة يعتمدون في العمل بشكل أساسي على الزراعة والثروة الحيوانية بأنواعها كافة، إذ كثرت المداجن بالمدينة في الآونة الأخيرة، وذلك نتيجة توفر مقومات العمل الأساسية، إضافة للدعم الذي يتلقاه مربي الدواجن من الجهات المختصة، وذلك بهدف سد حاجة السوق من اللحوم البيضاء التي تأتي في المرتبة الثانية من ناحية الاستهلاك في المدينة بعد اللحوم الحمراء».

عمل المداجن في الرقة
وعن طريقة عمل المداجن في المدينة وريفها، تحدث يحيى أبو زيد (مشرف على إحدى المداجن بريف المدينة) لموقع «الحل نت» إن: «العمل في المداجن يقوم على متابعة (الصيصان) الصغيرة خوفاً عليها من الأمراض ولذلك نقوم على رعايتها عبر تقديم أكل ذو نوعية عالية واختيار المكان والبيئة المناسبة، كما نعمل على المحافظة على درجة حرارة المدجنة وتعقيمها بشكل دوري، إذ تستغرق عملية صناعة الدواجن 40 يوماً»، مشيراً إلى أنهم «يعطون أدوية عدّة للصيصان ومنها مضادات التهابات ومضادات رشح وفطريات، وأربع لقاحات، بحيث في كل أسبوع لقاح، خوفاً عليهم من الأمراض والفيروسات»، وفق تعبيره.

المشاكل التي تواجه أصحاب المهنة
يضيف «أبو زيد» أن «دخول الدواجن التركية للمنطقة عبر شركات الاستيراد والتصدير، من أهم المشاكل التي تواجه مربي الدواجن، كونها أعلى جودة وأقل تكلفة، مما يساهم في انخفاض أسعار الدواجن بشكل لا يتناسب مع تكلفة العمل وبذلك يكون هناك قلة في الطلب، كما نواجه مشاكل بصعوبة التكييف مع الطقس المتقلب في المنطقة، إذ تحتاج (الصيصان) لدرجة حرارة ثابتة (30 _ 35) درجة مئوية، الأمر الذي يجبرنا على تركيب مدافئ خاصة، وبالتالي تعكس أوتوماتيكياً على زيادة التكلفة، بالإضافة إلى تكلفة نقل الدواجن من المدينة إلى الريف».

التراجع بسبب ضرائب الجهات المسيطرة
أسباب عدة أدت لتراجع عمل المداجن وإغلاقها خلال فترة سيطرة تنظيم «داعش» على المدينة، وأهمها ممارسات عناصره والضرائب المستمرة التي كان يفرضها، وفقاً لفاضل الإبراهيم (صاحب عدد من المداجن في المدينة) والذي تحدث عن ذلك لموقع «الحل نت»، قائلاً: إن: «التنظيم فرض ضرائب ضخمة علينا مع إن العمل كان شبه معدوم في ذلك الوقت، بالإضافة لممارسات عناصره المسيئة والمستمرّة ضد عمال المداجن مما دفعهم لترك العمل ولزموا منازلهم خوفاً من شر العناصر آنذاك، إضافة لقلة مستلزمات العمل كالعلف والمازوت والأدوية اللازمة وعدم توفرها معظم الأحيان، إلى جانب صعوبة التنقل بين المدينة وريفها، كلها أمور أجبرتنا على التوقف عن العمل» وفق قوله.

تقديم الدعم لتربيتها وصناعتها
عملت لجنة الزراعة في #مجلس_الرقة_المدني على دعم #تربية_الدواجن من خلال تأمين المعدات والمستلزمات الأولية اللازمة لعملية صناعة الدواجن، بحسب عمر العبدالله (من قسم الثروة الحيوانية) الذي تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: إن «اللجنة قامت بتأمين جميع مستلزمات المداجن من أدوية وعلف ومحروقات وفحم، ونشارة لأرضية المدجنة، وذلك بهدف تحسين عمل تربية الدواجن في المدينة وريفها، كما حرصت اللجنة على توفير الظروف الصحية الملائمة في داخل المداجن خوفاً من الأمراض وانتشارها»، مشيراً إلى أن «اللجنة قامت بافتتاح مداجن عدّة، وأهما مداجن (أبو قبيع) في مدينة الطبقة».

إن صناعة الدواجن في #سوريا، كانت تعاني من مشاكل مزمنة قبل الحرب، وجاءت الأوضاع الحالية لتزيد من تفاقمها ولتكون حجة جاهزة أمام #الحكومة_السورية في التهرّب المسؤولية ومن الأسباب الحقيقية في تراجع هذا القطاع الحيوي الذي كان يعد لبنة مهمة وأساسية في الأمن الغذائي الوطني، سواء في المناطق التي تحت سيطرتها؛ أو التي خرجت من يدها، خاصة وأن إحصاءات المؤسسة العامة للدواجن، وطوال السنوات التي قبل حدوث الاحتجاجات ووقوع الحرب كانت تؤكد أن قطاع الدواجن يعيل 6% من سكان سوريا، وأن عدد المستفيدين منه ما بين 1.2 – 1.3 مليون نسمة.

إعداد التقرير: علي إبراهيم
الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.