قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت إن بلاده ستنفذ عملية عسكرية جوية وبرية شرقي نهر الفرات في سوريا. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن أردوغان قوله «أجرينا استعداداتنا وأكملنا خطة العملية العسكرية في شرق الفرات، وأصدرنا التعليمات اللازمة بخصوص ذلك».

وأضاف أن العملية ستشمل عمليات حربية من البر والجو. جاء ذلك في كلمة خلال اجتماع لحزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، في العاصمة أنقرة، هاجم فيها الولايات المتحدة بسبب الدعم الذي تقدمه للأكراد.
وكان أردوغان هدد مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، بأنه قد يعيد فتح الطريق أمام المهاجرين إلى أوروبا، إن لم يتلق دعما كافيا لخطته لإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا شرق الفرات.

أثار الخبر الذي تناقلته كبرى وكالات الأنباء في العالم حفيظة القوى الكردية، والتي بدورها دعت المجتمع الدولي إلى التدخل لمنع تركيا من شن هجوم ضد مناطق سيطرتهم.

وبالمقابل، تمارس دمشق وضعية «اعمل نفسك ميّت» إذ لم يصدر أيّ تصريح رسمي على أيّ من المحطات أو القنوات المحلية، ولم يجرؤ أي صحفي أو محلل سياسي أن يعلّق على تصريحات أردوغان، وكأنّ ما يجري لا يتعلق بسيادة الأراضي السورية التي تتبجح بها السلطات صباحاً ومساءً.

وتنشغلُ المحطات المحلية بمهرجان القطن في حلب، ومهرجان الياسمين في دمشق، واحتفالات ذكرى حرب تشرين، ويغيبُ اسم رجب طيب أردوغان عن الشريط الإخباري لمحطة «سما» أو عن مواجز الأخبار للتلفزيون الرسمي.

دمشق ستتجاهل تصريحات أردوغان لفترة قصيرة ربما، لكن الصمت لن يطول، بل ستخرج السلطات عن صمتها فور بدء العملية -إن بدأت- وسيخرج المتحدث الرسمي ليندّد بالهجوم التركي ويعبّر عن استيائه وعدم قبوله بانتهاك «السيادة السورية»، لكن في الحقيقة، لن تجد السلطات السورية فرصة لتعبّر عن سعادتها، وهي واقع الأمر راضية بشكل كامل عن العملية العسكرية، إن لم تكن تدعمها.

لم يجرؤ الجيش السوري طيلة السنوات الماضية أن يهاجم مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وظلّ خائفاً من الأميركي المنتشر شرق مدينة الفرات، ومن القوة التي تراكمت لدى الفصائل الكردية المدعومة لوجستياً وسياسياً من واشنطن، لكن الأخيرة يبدو أنها تتخلى شيئاً فشيئاً عن الحلفاء الأكراد مقابل التقرّب من أنقرة، وإن أظهرت التصريحات الإعلامية خلاف ذلك، فالملف السوري الشائك حيّر أبرز المختصين والمحللين.

تنتظرُ دمشق بدء العملية، لتردّ ثأرها من الفصائل الكردية بأيدي الجيش التركي وبيادقه من فصائل المعارضة السورية، وبعدها سننتظرُ أيضاً مناشدة كردية لكي يتدخل الجيش السوري لحماية أرضه، وبكلا الحالتين سيكون بشار الأسد ومن حوله في موقع قوة، فهو إما سيدخل إلى شرق الفرات بحجة الدفاع عن أرضه بوجه الأتراك، أو سيدخل إلى شرق الفرات بعد أن ينتهي الأتراك من هذه العملية.

وستتضاعف سعادة الأسد حين يعلم أن العملية ستورّط التركي بمزيد من الملفات في سوريا والمنطقة من ناحية، وستضعف الدور الكردي بكل الأحوال فيما يتعلق بالقضية السورية.

يتذكر المراقبون ما جرى تماماً قبل بدء معارك عفرين، حين استنجد الكرد بالجيش السوري، والذي تقاعس عن تلبية الطلب، وبنفس الوقت ادعى أنه أرسل لجان شعبية أطلقت عدة ضربات مدفعية طائشة لم تؤثر على تقدم القوات التركية، وبنفس الوقت يبدو أن المشهد سيتكرر مع شرق الفرات، وسيحقق أردوغان حلمه بالدخول إلى مناطق الكرد، ليحاول منعهم من تحقيق حلمهم في إنشاء إدارتهم الذاتية المستقرة، وسيلقى أردوغان دعماً غير مسبوق وغير معلن من دمشق وطهران معاً.

………………………………………………………………

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.