قمعٌ للمُحتَجّين والإعلام في مُظاهرات العراق.. سيناريو الثورة الخضراء في طهران يتكرّر

قمعٌ للمُحتَجّين والإعلام في مُظاهرات العراق.. سيناريو الثورة الخضراء في طهران يتكرّر

ريان جلنار

/١٥٠/ قَتيلاً، و/٦/ آلاف مُصاب، حصيلة ليست نهائية لانتفاضَة (تشرين) كما باتَ يُطلق عليها في العراق. انتفاضَةٌ دامَت لأسبوع كامل، منذ الفاتح من (تشرين الأول) الحالي وإلى السابع منه، هَزَّت من يمسكون بدفّة البلاد، ودقّت ناقوس الخطَر الفعلي الذي بات يتحسّبه ساسة العراق.

قمعٌ، تَرهيب، قوات أمنية ومجهولة تنتشر في كل زقاق، وحي، وشارع، قتلٌ بكل الطرق للشباب الذي خرج سلمياً، غازٌ مسيل للدموع، خراطيم مياه حارّة، قنصٌ من أعالي السطوح، ورمي بالرصاص الحي، من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بتلك الأساليب جوبِهَ المُتظاهرون، فكانَت الحصيلَة (أعلاه) في أول شطر.

إنّهُم لَيسوا عراقيُّون

«منذ أول ساعة خرجنا فيها، قوبلنا بالعنف، كان أوّل العنف #الغاز_المُسيل، وآخره #الرصاص_الحي، ويتوسّطه القمع بكل الأساليب، وكأنّنا في ساحة حرب، موتً أو موتٌ، هكذا كانت تقول لغة عيونهم، مع أنّنا خرجنا سلميّين، ولم نحمل بأيادينا سوى #علم_العراق»، يقول ”سليم فؤاد“ وهو (اسمٌ مستعار).

”فُؤاد“، مُتظاهرٌ (بابلِيٌّ)، خريجٌ جامعي، مُقيمٌ في #بغداد لعمله في أحد مطاعمها، يوضح، أن المشاهد المأساوية تأبى أن تُفارق مخيّلته، ولا يجد النوم الهنيء منذ ليالٍ أربع، من فرط ما شاهده من رُعب، من دَمٍ، وَ مِن قَتلٍ، «لُغَة الرصاص هي السائدة أينَما تُوَلّي وَجهَك، إنهم ليسوا عراقيُّون، فأبناء جلدَتُنا لا يذبحونَنا، أشكّ في عراقيّتهم»، هكذا يقول.

«أكثرُ ما هُو عالقً فِيَّ، مشهد وفاة صديقي ”أحمد“، صديق العُمر والطفولة، فبينما كُنا نهتف مُتَراصّين، سقَطَ بلمحة بصر، إنّه قناص لاحَهُ ولَم يلحني رغم أنّي أُوازيه جِداً»، وبينَما هبّ لانتشاله من الأرض سعياً للنجاة به، أصابته رصاصَةٌ في قدمه اليُسرى، فلم يتمكن من إنقاذه، «وذلك أكثر ما يُؤَنّبه»، يُلفت الشاب العشريني لـ الحل العراق“.

القمع لم يقف عند ذاك الحَد، زادَ نحو سجن العراقيين في عراقهم، عبر قطع الإنترنت؛ كَي لا يَرَ العالم ما يجري في #بلاد_النهرين من مآسي، ولأنّ وسائل الإعلام أخذَت على عاتقها المسؤولية، تمّت مُهاجمتها، فأُحرقَت بعض المحطات وأُغلِقَت قَسرياً، ولَم تنجو من القمع إلا من تُغرّد خارج سرب الأحداث.

إنّهُم إجراميُّون

«ما بين (التاسعة والنصف، والعاشرة)، كُل ذلك حدَث»، هكذا استهلّ الصحفي ”مهند راضي“ حديثه، ويسترسل لـ الحل العراق، «كُنّا في غرفة تحرير الأحبار، فإذا بقوة مُسلّحة من /١٨/ شخصاً داهَمتنا، في مقر محطتنا المُطلّة على #شارع_أبي_نوّاس، بالقرب من المركز الثقافي الفرنسي، وليس ببعيدٍ كثيراً عن الشيراتون وميريديان».

”راضي“ وهو اسم مُستعار، يردف بالقول: «ضَرَبونا بِلا مُقدّمات، هَدَّموا معدّات المحطّة من أجهزة وحواسيب، سَحبوا هواتفنا النقّالة وصادروها، بل وحتى أخَذوا مصروفنا من محفظاتنا الخاصة، واعتقَلوا بعضنا، حَمداً للرَب أن زميلاتنا كنْ في غرفة الأستوديو الداخلي في عمق القناة، ولَم يصلوهنّ، وإِلاّ لَما سَلمنَ منهُم أيضاً».

«قبيل خروجهم، هَدّدونا علانيَّة بعواقب لا تُحمد إِن عُدنا في البَث مُجَدداً، بخاصة فيما يتعلّق بالاحتجاجات، وحتى لو أردنا، لا نستطيع، كل شيء محطّم»، يُضيف راضي.

مُشيراً، «لم يكن هُناك مدلولٌ ما يدل على أنهم من الأمن، فسياراتهم لا تحمل أرقاماً، ومُظلّلة، ولا وجود لأي إشارة على بدلاتهم، إنّهُم إجراميّون».

ما حدث مع المحتجّين، ليس هو الأول في المنطقة، ذات السيناريو صيرَ قبل عقد بالضبط، ذلك إبان #الثورة_الخضراء في #طهران، كُل ما جرى في ٢٠٠٩ بإيران، تم إعادته في العراق ٢٠١٩، فطهران قطعَت الإنترنت، وأغلقَت وسائل الإعلام، وواجهت المحتجين بالرصاص، لكن إن نَجحَت حكومة الفقيه في ردعها حينئذ، هل ستنجح بغداد في ذلك أيضاً؟

يرحَل دونَ أَن تَرحَل

«لن ينجحَ في العراق»، أوّل جملة قالتها أُستاذَة العلوم السياسية في جامعة بغداد ”رنا الشجيري“ لـ الحل العراق، مُكمِلَةً، «أُنظر إلى عدد الضحايا في احتجاجات العراق، إنه يفوق ضحايا انتفاضة #إيران بأضعاف، وذلك يدلّ على بسالة شباب العراق الذين لم يستسلموا للرصاص، على عكس طهران التي انتَهَت سريعاً وبأقل ضحايا».

«لقَد بيّنَت هذه التظاهرات للسلطة الحاكمة، مدى غضب الشارع الحقيقي منهم، وأَيقظتهُم من نومتهم، لذلك تجدهم يبحثون، يتشاورون، ويُصرّحون يومياً، لامتصاص غضبهم بمُعالجات آنيّة، لكنّها ستفشل، وهي أِبَرٌ تخديريّة سُرعان ما سيزول مفعولها، فالتظاهرات هذه المرّة ليست كسابقاتها، أبناؤها لَن يصمتوا ولَن يَيأَسوا»، تضيف.

لافتَةً، «قَد تنتَهي الدورة الحالية دون أن تتغيّر، لكن المحتمل الكبير أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لن يستمر، سيرحل، وتستمر الدورة هذه، لكن على الحكومات اللاحقة الانتباه لخطورة الوضع، وإصلاح ما فات، لأن هذا الجيل لن يرحمهم، فوتَر المذهبية لن ينطلي عليهم ثانيَةً، وشعاراتهم في هذه المظاهرات التي نَدّدَت بوترهم وطالبَت بالعلمانية، خير دليل على ذلك».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة