«كميات كبيرة من صادرات النفط الإيرانية تدخل الصين دون أن تظهر في بيانات الجمارك الصينية أو حتى تمر عليها، وإنما تبقى في منشآت تخزينية عائمة خارج الحدود، وتعامل على أنها جزء من احتياطيات النفط الاستراتيجية الصينية».

———————————————-

ريان جلنار

تلتف إيران على القائمة الطويلة من العقوبات بقائمة تطولها من الطرق البديلة التي تتيح لها تصدير نفطها إلى عدة دول، بخاصة دول شرق آسيا ووسطها، ذلك رغم التشديد الأميركي من عقوبات حازمة تطال أية جهة تتعاون مع #طهران في تهريب نفطها أو تبتاعه منها.

تأتي مساعي طهران بتهريب نفطها بطرق (سريّة) وغير شرعية، لتأمين مردود مالي لها، يعينها على أزمتها الاقتصادية الخانقة التي تمر بها، فكل قطاعات الحياة فيها متوقفة، وإن توقف قطاع النفط، معنى ذلك أن #إيران انتهت، وهو ما يرفضه #النظام_الإيراني.

العراق عبر فصائلها

تسلك طهران دروباً عدّة في تهريب نفطها، والعراق أحدها، حيث تقوم بتحميل نفطها منه على أنه نفط غير إيراني، «يتم ذلك في #شط_العرب عبر سفن عراقية، ليتم تهريبه على أنه نفط عراقي لا إيراني»، يقول مسؤول بصري، فضّل عدم ذكر اسمه.

ويُضيف لـ الحل العراق، أن «عملية تأمين تهريب النفط ونقله إلى السفن العراقية من نظيرتها الإيرانية تتم بإشراف الفصائل الموالية لطهران، المستولية على موانئ البصرة، لذلك تُسهّل لها الإجراءات رغماً عن الحكومة المحلية التي تعرف بما يجري، ولا تستطيع تحريك ساكن».

الإمارات أيضاً

ليس ذلك هو الدرب الوحيد الذي تسلكه إيران عبر جوارها، بل إضافة إليه تسلك درب #الإمارات المجاورة لها، فتقوم بتهريب نفطها عبر الموانئ الإماراتية للتهرب من #العقوبات_الأميركية، وتصدير نفطها إلى الأسواق الخارجية.

إذ كشفت ”رويترز“ في تقرير أعدّته مطلع نيسان المنصرم، أن طهران حمّلت سفينة ”جريس ١“ من نوع (STS) بشحنة زيت الوقود، في يناير/كانون الثاني الماضي، وتم نقلها إلى سفينتين أصغر حجما في مياه الإمارات، ومن هناك سلمت إحداهما ”زيت الوقود“ إلى #سنغافورة، في فبراير/شباط من هذا العام.

«تتمتع #أبو_ظبي بقربها من إيران، وبالتالي قد تكون لجأت طهران إلى هذه الوسيلة؛ لسرعة تصريف إنتاجها، خاصة أن موانئ #دبي مجهزة ومخاطرها أقل، وما يسهّل العملية أكثر أن أبو ظبي تعد المستورد الأول للمواد الغذائية من طهران في #دول_الخليج، لذلك من السهولة بمكان أن يتم تهريب النفط تحت تلك اليافطة»، يقول الخبير النفطي ”حمزة الجواهري“ لـالحل العراق“.

الـ ”AIS“ ومتاهاته

ومن بين أهم الطرق التي تتبعها طهران في تهريب النفط، هي تحميل سفن ترفع علم #بنما، وتخفي مكانها عبر إيقاف نظام تحديد الموقع الآلي (AIS) الذي تخصصه منظمة الملاحة البحرية الدولية لتحديد هوية كل سفينة، حتى تدخل ميناء الوصول لتفادي تتبع حركتها.

وعن ذلك، أشار الرئيس التنفيذي لشركة ”أكس أويل“ «فلوريان ثالر»، إلى أن تتبع حركة الناقلات عند إيقاف جهاز إشارات التعريف يحتاج إلى حزمة متطورة جداً من الأدوات، مردفاً، وبطبيعة الحال فإن قلة من شركات تتبع الناقلات تملك هذه الحزمة المتطورة من الأدوات.

فيما أضاف، أن «اختلاف التقنيات المستخدمة في تتبع الشحنات التي تطبقها كل شركة يزيد من تعقيد الأمور، خاصة وأن النقل من سفينة إلى سفينة أصبح هو وسيلة التهريب المفضلة لإيران لتفادي العقوبات ومواصلة تصدير النفط».

وتبحر في #الخليج_العربي وبحر العرب مئات السفن يومياً، ما يجعل عملية مراقبتها مكلفة جداً بالنسبة لواشنطن، التي تحاول في هذا الوقت الحصول على دعم دولي لعملية ”Sentinel“ بهدف حماية ناقلات النفط هناك، مما يترك في الوقت الراهن هامشاً لطهران تلتف من خلاله على العقوبات الأميركية، لحين تأمين أميركا لعملية المراقبة.

/6/ طرق /4/ منها معروفة

وبالعودة إلى الطرق التي تستخدمها إيران في تهريب نفطها، هي غير محدّدة، لكن الرئيس الإيراني #حسن_روحاني قال في وقت سابق، إن «بلاده تواصل صادراتها النفطية بستة طرق لا تعرفها أميركا على الإطلاق»، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.

لكن طريقتان منها عُرِفَت، وهي نقل النفط عبر شط العرب على أنه غير إيراني، والثانية إيقاف نظام تحديد الموقع، «هُناك طريقتان على الأقل، يمكن معرفتها بوضوح، الأولى بنقل النفط عبر ناقلات إيرانية الى #سوريا، ولبنان، إذ يتم تخزينه هناك حتى تأمين زبائن له، وهم في الأغلب سماسرة نفطيون يعملون في السوق السوداء»، يبين خبير السياسات النفطية ”صباح علّو“.

«أما الثانية، فهي عن طريق شحن النفط بناقلات كبيرة وتعويمها في البحار، لحين إيجاد زبائن لها، أو تخزين حمولاتها في ميناء ”داليان“ الصيني»، يلفت لـالحل العراق، وبإضافة هاتين الطريقتَين إلى تلكُما الأوَّلِيَتَيْن، يتم معرفة أربعة طرق، ليبقى مصير طريقتين من الطرق الستة التي ذكرها “روحاني” مجهولاً.

الصين مقابل تخفيضات ضخمة

لكن ماذا عن إحدى الطرق التي ذكرت سلفاً، ألا وهي الصين، الصين التي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم بعد #الولايات_المتحدة بـ /12.5/ مليون برميل يومياً، وأكبر مستورد له بمتوسط 10 ملايين برميل يومياً، كيف تبتاع #بكين النفط من إيران؟

«تقوم بكين بمساعدة طهران في التفنّن بعمليات التحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على صادرات النفط الإيرانية، إذ تلعب الصين دوراً كبيراً في تقديم مستندات مزورة لشحنات النفط الإيراني لإعطائها صفة قانونية، مقابل حصولها على تخفيضات سعرية ضخمة عند شراء النفط الإيراني»، وفق خُبراء اقتصاد عراقيين تحدثوا لـالحل العراق“.

وتشير وكالة ”بلومبيرغ“ الأميركية الاقتصادية، إلى أن «كميات كبيرة من صادرات النفط الإيرانية تدخل الصين دون أن تظهر في بيانات الجمارك الصينية أو حتى تمر عليها، وإنما تبقي في منشآت تخزينية عائمة خارج الحدود، وتعامل على أنها جزء من احتياطيات النفط الاستراتيجية الصينية».

دمشق عبر (ساندرو) و(ياسمين)

أما فيما يخص طريقة نقل النفط إلى سوريا، فيتم ذلك عبر شركتين غامضتين تتخذان من لبنان مقراً لهما، تملكان وتديران ناقلات تنقل #النفط_الإيراني بصورة غير مشروعة في شرق #البحر_المتوسط.

يتم ذلك من خلال ناقلتي النفط ”ساندرو“ و”ياسمين“، حيث أجرتا عمليات نقل للنفط الإيراني إلى سفن أخرى قبالة ساحل سوريا بعد وقف تشغيل نظام تحديد الموقع، كل ذلك حسب البيانات الواردة من ”TankerTrackers“، وهي شركة أميركية تتابع من كثب شحنات النفط الإيرانية.

حيث قالت، أنه «في 25 تموز/ يوليو الفائت، أجرت ناقلة ”سيلفا 1“ التي تحمل العلم الإيراني، عملية نقل نفط من سفينة إلى الناقلة ”ساندرو“ على مسافة تقل قليلاً عن /20/ كيلومتراً قبالة الساحل السوري»، في تأكيد واضح للانتهاكات التي تمارسها طهران مع #دمشق، التي هي الأخرى في حقها عقوبات أميركية أيضاً.

أفراد وشركات لا دول

كان المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، قد بيّن في وقت مضى، أن «هناك أشخاصاً إيرانيين شكلوا العشرات من الشركات في أوروبا وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا والهند للتجارة والتصدير».

ومشيراً إلى، أن «شركة النفط الإيرانية تضع ناقلات نفطية في المياه الدولية تحت تصرّف أصحاب هذه الشركات، لبيع حمولتها في روتردام أو سنغافورة أو ماكاو».

فيما لفت المركز إلى، أن «هناك أشخاصاً تابعين لإيران تمكنوا من بيع ملايين البراميل من النفط بصورة غير مشروعة، وبدلاً من تحويل مبلغ المبيعات إلى خزانة الدولة، قاموا باستثمارها في ماليزيا وطاجيكستان وأذربيجان».

مؤكداً، أن «أبرز الجهات التي تشتري النفط الإيراني حاليا، هم أشخاص وشركات وليس دول، حيث يشتروه ويبيعونه نيابة عن إيران».

وانسحبت الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في عام 2015 مع قوى عالمية، وطلبت من المشترين للنفط الإيراني وقف مشترياتهم من الأول من مايو/ أيار 2018، وإلا سيواجهون عقوبات شديدة.

ورغم تراجع حجم صادرات إيران من النفط إلى /500/ ألف برميل يومياً، بعدما كانت حتى أكتوبر 2018 ثالث أكبر منتج للنفط في ”أوبك“ بعد السعودية والعراق بمتوسط /3. 85/ مليون برميل يومياً.

إلا أن أميركا لم تنجح حتى اللحظة في ”تصفير“ صادرات النفط الإيرانية كما ترغب، ما يؤكد مقاومة طهران لعقوباتها حتى اليوم.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.