كشفت مصادر لـ (الحل نت) أن الصناعيين في سوريا يعلنون شيئاً أمام الإعلام، ويخفون الكثير من المشاكل التي يعانون منها مجبرين خوفاً من سياسة الحكومة السورية، التي أضرت بالكثير من رجال الأعمال والصناعيين الكبار.

وأضاف المصادر، وهي من داخل غرفة #صناعة_دمشق وريفها، أن آخر المضايقات التي تعرض لها الصناعيون، هي لجنة شكلتها وزارة الصناعة وجهات أخرى، مهمتها الكشف على المعامل لضبط المواد المغشوشة والمزورة والمهربة، إلا أنها تحولت إلى لجنة للابتزاز وكسب المعلوم.

وأردف أن اللجنة قامت أيضاً بإغلاق المعامل بالشمع الأحمر، كما حدث في تل كردي حيث أغلقت معامل منها معمل كابلات، إذ أغلق بالشمع الأحمر على الرغم من وجود #العمال داخله.

كما احتدم النقاش بين الصناعيين، ووزير الصناعة (محمد معن جذبة)، منذ حوالي أسبوعين، في جلسة ساد فيها الاستياء من قبل الصناعيين.

وأكد صناعي آخر فضل عدم ذكر اسمه، لـ (الحل) أن المناطق الصناعية في #سوريا لا تعمل إلا بنسبة 10% من طاقتها القصوى، وأغلب المعامل الكبيرة لم تعد للعمل بعد.

وأشار إلى أن “كل المنشآت التي تعمل حالياً هي صغيرة أو ذات إنتاج بسيط، وبالتالي لن يستطيع الاقتصاد السوري النهوض من جديد طالما أن أصحاب المنشآت الضخمة ذات الإنتاج الثقيل والهام اقتصادياً لن يعودوا للعمل في سوريا وفق الظروف الحالية”.

وأوضح أن “من عاد من الاقتصاديين إلى سوريا، يحصى عددهم على اليد الواحدة، حيث وجدوا في الاستثمار خارج سوريا أكثر فائدة وتيسيراً للأمور”.

صناعي: الحكومة تتبع مع معظم الصناعيين سياسة “التطفيش”

ولفت الصناعي إلى أن “الحكومة تعلن تشجيعها للصناعة المحلية وأنها تضع ضمن أولوياتها دعم الصناعة الوطنية، لكنها في ذات الوقت تعرقل عمل الصناعيين على أرض الواقع وسط خوفهم من الإعلان عما يعانونه وعدم وجود جهات حيادية منصفة يمكن تقديم الشكوى إليها”.

وتابع أنه “على الرغم من العجز الذي يعاني منه الصناعيون السوريون، ترى تسهيلات لشركات إيرانية وروسية، أو رجال أعمال معينين يحصلون على قروض وتسهيلات دون غيرهم، ويمنحون حق الاحتكار والسيطرة على السوق، في سياسة أقل ما يمكن وصفها بـ “سياسة التطفيش”، على حد وصفه.

وأضاف “رغم إعلان الحكومة عن قروض للصناعيين إلا أن عدد الصناعيين الذين استفادوا منها قليل جديداً”، موضحاً أن “سقوف القروض قليلة، وفوائدها مرتفعة وشروطها تعجيزية وغير تشجيعية، ما يعرقل مسيرة عودة المنشآت للعمل، فكثير من الصناعيون الذين خسروا منشآتهم في الحرب، لا يملكون رأسمال كاف لإعادة النهوض بمعاملهم”.

الحكومة ترفع الدعم عن الصناعيين!

وأشار صناعي آخر منشأته في مدينة عدرا الصناعية، لـ (الحل نت) إلى أن الحكومة اتخذت الكثير من القرارات، التي أضرت بالصناعة المحلية بدلاً من تشجيعها، وذلك بشكل علني دون حياء.

وأوضح أن الحكومة ألغت دعم حوامل الطاقة كما كان قبل الحرب، فبات الصناعي يشتري المازوت والغاز والكهرباء بسعر حر دون دعم.

كما طالبت الحكومة الصناعي بتأمين حاجياته بنفسه من المازوت والغاز عبر شركات خاصة، بالتالي رفعت الدعم عن الصناعة في وقت تحتاج فيه الصناعة للدعم أكثر من أي وقت مضى، بحسب الصناعي.

وتابع أن “رفع سعر حوامل الطاقة لم يكن العثرة الوحيدة، فقد اتخذت الحكومة عدة قرارات أضرت بالصناعيين، منها طرد صناعيي القابون من منطقتهم الصناعية وجعلهم يهجرون معاملهم مجبرين متكبدين خسائراً بعشرات الملايين”.

وأردف أن “من القرارات الحكومية المضرة بالصناعة، تهديد المصدرين بدراسة إعادة قطع التصدير إلى مصرف سورية المركزي وبالسعر الذي يريده الأخير”.

ومن القرارات التي أثقلت ظهر الصناعيين، منع دعم القطع الأجنبي الخاص باستيراد الكثير من المواد الأولية التي تدخل في الصناعة المحلية، إذ قلّصت الحكومة قائمة المواد المسموح دعمها بسعر #الدولار الرسمي من 40 مادة إلى 20، وهي تتطلع لخفضها أكثر ضمن ما تسميه بسياسة إحلال المستوردات في سبيل الحفاظ على قطع الخزينة الأجنبي.

ولفت الصناعي إلى أن “الحكومة تتناسى أن هذه السياسية ترفع الكلف على الصناعيين وتدفعهم لتمويل أنفسهم من السوق السوداء، وإدخال المواد الأولية التي يحتاجونها تهريباً”.

كساد البضائع السورية في ظل منافسة التركي والصيني

وقال الخبير الاقتصادي (زاهر أبو فاضل) لـ (الحل) إن “أهم ما يعاني منه الصناعيون، هو عدم قدرتهم على تصريف المنتجات سواء في السوق الداخلية أو عبر تصديرها، إذ تعاني الكثير من المنتجات السورية من الكساد مثل الألبسة والسيراميك”

وأضاف أنه “باتت الألبسة السورية أغلى من غيرها، وسط منافسة في الجودة والسعر من ناحية المنتج التركي والصيني، وكذلك السيراميك، الذي يعاني اليوم من ارتفاع تكاليف الإنتاج، وأصبح المنتج المستورد اليوم ينافس داخل سورية وخارجها”.

ويعود كساد البضائع لأسباب أخرى، كانخفاض مستوى معيشة السوريين، وعدم قدرتهم على الإنفاق كما السابق، وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي تضاعف أسعار المنتجات في الأسواق مقابل تدني أجرة العمال المنتجين مقارنةً بسعر منتجهم النهائي، إضافة إلى ارتفاع معدل #البطالة وثبات الأجور بشكل عام رغم استمرار سعر الليرة بالهبوط، بحسب أبو فاضل.

ولم يستفد الصناعيون من فتح معبري نصيب والبوكمال مع الأردن والعراق، لتصريف منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية، فقد اتخذت الأردن قرارات تضر التصدير السوري، ومنها رفع أجرة الترانزيت، إضافة إلى منعها استيراد عشرات المواد من سوريا.

ورغم افتتاح معبر البوكمال مع العراق مؤخراً بعد مطالب كثيرة من تجار البلدين، لكن ولا شاحنة بضائع عبرت المعبر حتى تاريخ اليوم، وفقاً لتأكيدات الطرفين.

وأشار الخبير أبو فاضل إلى أن “منتجات متنوعة غزت #العراق وغيره واستطاعت أن تسحب البساط من المنتج السوري خلال سنوات الانغلاق بسبب الحرب، واستطاعت تلك البضائع إثبات نفسها في السوق خلال 9 أعوام، وبات من الصعب منافستها”.

ارتفاع تكاليف التشغيل وانخفاض قدرة السوريين الشرائية مع تراجع قيمة الليرة وسط التضخم الحاصل، وصعوبة تصريف المنتجات، أمور هددت قدرة الصناعيين على الاستمرار بتشغيل منشآتهم، لعدم قدرتهم على جذب العمالة الخبيرة برواتب متدنية تلائم حجم إيرادات معاملهم، وهذا ما زاد من نسبة البطالة والتضخم بشكل عام.

ومؤخراً، أشاعت الحكومة عبر مصادرها، خبراً حول تدخل غرف الصناعة في مبادرة دعم الليرة، بينما لم يتم إعلان حجم الأموال، التي تم ضخها عبر الصناعيين في صندوق المبادرة، الذي من المفترض أن يتم التدخل عبره في السوق السوداء لخفض سعر صرف الدولار.

وأوضح مصدر في اتحاد غرف الصناعة السورية لـ (الحل) أن “الصناعيين لا يملكون ما يستطيعون أن يدعموا به الليرة السورية، فهم بحاجة من يدعمهم لإعادة اقلاع منشآتهم وتنشيط التصدير وتأمين حوامل الطاقة”، وتساءل… هل من المعقول أن تتخلى الحكومة عن الصناعيين وتطلب منهم دعمها بعد ذلك؟

وتابع “كل ما تقوم به الحكومة من سياسات، وقرارات تجعل من الاستثمار الأجنبي أمراً شبه مستحيل، فعلى الرغم من تأسيس منشآت بشراكات أجنبية محدودة، إلا أنه على أرض الواقع لم ينطلق العمل، كون الاقتصاد السوري غير مستقر وسعر صرف الليرة متقلب، والاستيراد ممنوع، والبيئة التشريعية تقوم على مبدأ محاصصة الحكومة للمستثمرين بالضرائب وغير ذلك”.

إعداد: فتحي أبو سهيل – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.