يعتمد النظام التركي في الحملة العسكرية التي يشنها على مناطق الشمال السوري، على الفصائل المسلحة السورية بشكل أساسي، إذ عمل على تجميع وتركيب مجاميع تلك الفصائل تحت مسمى «الجيش الوطني» وغالبية هذه الفصائل، متهمة بارتكاب انتهاكات وتجاوزات «جرائم حرب» في المناطق التي سيطروا عليها سابقاً، وقد وثقت مراكز ومراصد حقوقية ودولية انتهاكات كثيرة لهم بحق المدنيين في مدينة #عفرين وريفها، بالإضافة للمناطق التي تتبع لها وتحت سيطرتها.

إذ بات من الصعب تحديد هوية تلك الفصائل المشاركة في الاجتياح التركي الحالي ضمن إطار عملية «نبع السلام» وفق تسمية #أنقرة لها، لكن شعارات هؤلاء أثناء تحركاتهم وطريقة لباسهم، تذكر بإصدارات تنظيم «داعش» الدعائية التي اعتاد على بثها في كل «غزوة» له.

«الخلافة» المفترضة
ومن بين هذه الفصائل، فصيل يطلق على نفسه اسم «لواء ميماتي باش»، إذ تم تداول فيديو مؤخراً، لمجموعة من عناصره، يتوعدون بدخولهم مناطق عدّة شمال وشرقي سوريا وتحريرها من قوات سوريا الديمقراطية (#قسد)، وفق قولهم. واللافت في الفيديو هو قيام العناصر بتكرار عبارة «باقية» في إشارة إلى شعار تنظيم «داعش» المتشدد والذي يستخدمه في التعريف إليه، أو نسبة إلى استمرار «الخلافة» المفترضة .

وبحسب مصادر لموقع «الحل نت»، فإن هؤلاء هم عناصر سابقين لدى التنظيم، انضموا مؤخراً إلى صفوف الفصائل المدعومة تركياً. ومنهم المدعو «شداد العكلة» الملقب بـ«أبو يعرب»، من حي #الغويران، شارك في الهجوم على #عفرين سابقاً، والمدعو «عمار الحمادي» من قرى #الدرباسية، ومن المشاركين أيضاً في هجوم عفرين أثناء «احتلالها» من الجيش التركي والفصائل المدعومة من طرفها.

كما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر لحظة إعدام #هفرين_خلف، رئيسة #حزب_سوريا_المستقبل، التي تم تصفيتها في12 تشرين الأول/ أكتوبر، من ضمن 9 مدنيين قتلوا على يد عناصر من فصيل #أحرار_الشرقية، وهو أحد الفصائل المدعومة من أنقرة وأكثرها نفوذاً في المنطقة.

إعدام ميداني
وكان #المرصد_السوري لحقوق الإنسان، قد أفاد بأن «مقاتلين سوريين موالين لأنقرة، أعدموا تسعة مدنيين رمياً بالرصاص في مناطق تقدموا فيها في إطار الهجوم التركي في شمال شرقي سوريا».

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، إن «المدنيين التسعة أعدموا على دفعات إلى الجنوب من مدينة #تل_أبيض الحدودية في ريف الرقة الشمالي»، مشيراً إلى أن «بينهم هفرين خلف البالغة من العمر 35 عاماً التي تشغل منصب الأمين العام لحزب «مستقبل سوريا» الذي يضم عرباً وأكراداً.

من جهته أفاد #مجلس_سوريا_الديموقراطية، في بيان له إنه: «بعد استهداف سيارة المسؤولة الحزبية «تم إعدامها برفقة سائق السيارة» وذلك في كمين على طريق بشمال سوريا يوم السبت 12 تشرين الأول/ أكتوبر»، لكن قوات سورية مدعومة من #تركيا سارعت بالنفي قائلة إنها لم تتقدم إلى هذا الطريق، إلا أن الفيديوهات المتداولة، أكدت عكس ما قاموا بنفيه، وخاصة مع انتشار صورة لقائد فصيل أحرار الشرقية المدعو «أبو حاتم شقرا» يتوسط اثنين من الأسرى قبيل تنفيذ عمليات الإعدام.


توثيق الجرائم
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريطيّ فيديو، «نعتذر عن نشره ونكتفي بصور له لما يحتويه من عنف»، يظهر الأول شخصين بلباس مدني جاثمين على الأرض فيما يقول مقاتل إلى جانبهما إنه تم أسرهما من قبل فصيل «تجمع أحرار الشرقية» على أنهما مقاتلان كرديان، وفي الفيديو الثاني، يظهر أحد المقاتلين وهو يطلق الرصاص بكثافة على شخص بملابس مدنية، مردداً «صوروني»، ووفق عمليات التوثيق وحديث والدة «هفرين خلف» عن جثة ابنتها، فإن معظم التوقعات أن الشخص المستهدف في عملية الإعدام الميداني تكون «هفرين» ذاتها.

وفي السياق ذاته، نقلت جريدة «الشرق الأوسط» عن «الحارث رباح» وهو مصور سوري، يؤكد أنه يعمل مع مجموعة «أحرار الشرقية»، بأنه قد كان حاضراً خلال الإعدامات التي تظهر في المقطعين. وهو من قام بتصوير جزء من الفيديو الثاني بطلب من أحد المقاتلين، إذ نسمع في الفيديو الثاني: «أمسك، صورني، صورلي مقطع فيديو بهالقناصة». ووفق الحارث، فقد جرت هذه الأحداث يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر في الصباح الباكر على الطريق السريعة م4، بين مدينتيّ سلوك وتل تمر.

قيادات «داعش» ونبع السلام
أكدت مصادر خاصة لموقع «الحل نت» بوجود عشرات القادة والعناصر السابقين في تنظيم «داعش»، هم الآن في خطوط الهجوم الأولى برفقة عناصر الجيش الوطني، ومنهم متواجد الآن في مدينة تل أبيض بعد السيطرة عليها، وأشهر أولئك المدعو (إسماعيل العيدو) والذي شغل مناصب عدة في التنظيم سابقاً بين محافظتيّ الرقة ودير الزور، وقد أشرف على عمليات إعدام كبيرة لمدنيين في داخل الملعب البلدي (النقطة 11) سابقاً، وشغل منصب أميراً للذخيرة في القاطع الشمالي، والأمير المسؤول عن الزكاة في تل أبيض سابقاً، والآن هو قائد لمجموعة عناصر تنتمي لفرقة «الحمزة» تتنقل بين كري سبي وعفرين.

والمدعو «فيصل البلو» الملقب سابقاً بـ«خطاب»، مسؤول العلاقات العامة سابقاً في التنظيم في مدينة الرقة، والآن قائد مجموعة تتبع هي الأخرى لـ«أحرار الشرقية» في منطقة #سلوك. أما المدعو «باسل حمود الشيخان» وهو من أهالي «مزرعة الجلاء» الذي تبعد عن الرقة 10 كيلو متر، أحد أمننيّ التنظيم في مدينة الرقة سابقاً، شارك في الهجوم على عفرين، ومتهم بارتكاب تجاوزات عدة، وهو أحد قادة المجموعات التي شاركت في «احتلال» تل أبيض.

والقيادي الثالث هو «صالح شحادة الأحمد» من «القناية» غربي كوباني، من أوائل المنتسبين للتنظيم وقد شارك في معارك #كوباني أثناء محاولة التنظيم اقتحامها، وانتقل فيما بعد إلى مدينة الرقة وبعدها إلى مدينة الميادين في ديرالزور، وشغل منصب أميراً لأحد مجموعات الاقتحام بالقرب من المطار العسكري آنذاك، وقد شارك في اقتحام عفرين أيضاً، والآن يشغل منصب قائد مجموعة في #الجبهة_الشامية بداخل مدينة تل أبيض.

«احتلالات» سابقة ولاحقة
ولا يقتصر حضور التنظيم في العملية التي تقوم بها تركيا حالياً على هذه الأسماء فحسب، فيوجد العديد من الأسماء الأخرى التي ارتكبت جرائم قتل وتنكيل بحق مدنيين سوريين في كل منطقة دخلوا إليها ابتداءً من كوباني وصولاً لديرالزور.

تبدو المساعي التركية، سواءً العلنية منها؛ أو السرية، أنها تسعى من خلال تدخلاتها التي تقوم بها إلى تحويل المنطقة لبؤرة «إرهاب» جديد تنبع بالمتشددين ومرتع لعناصر وقادة «داعش» السابقين، لتعيد التنظيم المتشدد إلى الواجهة من جديد، من خلال الدمج الذي تقوم به بين هؤلاء وبين عناصرها من باقي الفصائل الأخرى، وهذا ليس اتهاماً؛ أو مجرد شكوك يتم إطلاقها، وإنما من خلال مراقبة تلك الفصائل التي لم تختلف شيئاً عن تنظيم «داعش» فكراً ومصطلحات بالإضافة للآباء الروحين أنفسهم أو نسخ سابقة من قياداته، لذلك ستبدو المهمة القادمة أصعب مع العمل على تفكيك هذا التنظيم الذي سيكون بقالب جديد، لكن بغطاء تركي رسمي.

إعداد: علي الحسين
الصور من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.