أوضاع النازحين في ريف الرقة جراء العملية العسكرية التركية

أوضاع النازحين في ريف الرقة جراء العملية العسكرية التركية

شهدت مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، خلال الأيام القليلة الماضية، حركة نزوح كبيرة لمدنييها باتجاه المناطق المجاورة لها، مع انطلاقة العملية العسكرية التركية التي بدأت بقصف جوي ومدفعي لم يميز بين بشر وحجر، بالتزامن مع اجتياحها براً من فصائل المعارضة السورية المسلحة والمدعومة من أنقرة، والتي ارتكبت تجاوزات عدة تجاه من بقي فيها ولم تسنح له الظروف بمغادرتها، من اعتقالات وسرقات وتخريب للممتلكات، كل ذلك دفع ببعض الأهالي للهرب تاركين خلفهم كل ما ثقل حمله، في رحلة نزوح جديد بحثاً عن رقعة آمنة تؤويهم.

قصف ممنهج دفعنا للنزوح
أنور العلي (أحد النازحين مدينة تل أبيض) تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: إن «المدينة تعرضت لقصف ممنهج من قبل الطيران والمدفعية التركية، أدى لتدمير بعض الأبنية في وسطها بشكل كامل، ما دفعنا وبقية الأهالي للنزوح منها حرصاً على سلامة عوائلنا وأطفالنا، فكانت الوجهة، بلدة #عين_عيسى بريف #الرقة الشمالي، حيث استقبلنا أهالي البلدة والجهات المسؤولة في مدارس البلدة وقدموا لنا بعض المساعدات لتخفيف ألم النزوح عنا» وفق قوله.

وأضاف بأننا «كنا منذ البداية قلقون من تقدم القوات التركية لبلدة عين عيسى، فالكثير من الأهالي اضطروا للخروج من المدينة بثيابهم تحت ضربات المدفعية والطيران، ولا يملكون أيّ مأوى غير بيوتهم الذي هُجروا منها ومدارس عين عيسى الذي تحوي على عدد كبير من النازحين الجرحى الذين يتلقون العلاج فيها».

أما عزام العبدالله (من سكان تل أبيض) يقول لموقع «الحل نت»، وعلامات الغضب بادية عليه: «انتهيت من ترميم منزلي الذي تدمر خلال معارك طرد تنظيم #داعش من المدينة مؤخراً، إلى أن القصف التركي واجتياح المدينة بحجة إنشاء منطقة أمنة أجبرنا على ترك منازلنا مجدداً، فقذائف المدفعية تساقطت علينا متل زخات المطر مخلفة قتلى وجرحى في صفوف المدنيين من أبناء المنطقة وضرراً مادياً كبيراً في ممتلكاتهم الخاصة والبنية التحتية المُرمّمة حديثاً».

خسائر بشرية ومادية
وأشار إلى أنه «نزح مع عدد من أبناء المدينة لقرية المبروكة التي تتعرض للقصف العشوائي من قبل المدفعية التركية، لكن حجم الخسائر البشرية والمادية كانت أقل وذلك بسبب تباعد المنازل عن بعضها وخلو القرية من السكان، حيث نزح أغلب سكانها إلى مدينة الحسكة خوفاً من القصف أيضاً»، منوهاً إلى أن «النازحين يعانون أوضاعاً إنسانية غاية في السوء، فلا يوجد في القرية مياه صالحة للشرب ولا كهرباء تزامناً مع استمرار القصف المدفعي على أطراف القرية».

من جهتها قالت أمينة العمر (نازحة من مدينة تل أبيض) لموقع «الحل نت»،«نزحت مع عائلتي تحت قصف المدفعية وأصوات الاشتباكات بين #قوات_سوريا_الديمقراطية #قسد، مع القوات التركية والفصائل التابعة لها، حتى أننا لم نتمكن من إحضار أوراقنا الرسمية فتركناها في المنزل على أمل أن نعود ونجدها، قصدنا بلدة عين عيسى وهناك أرشدنا الأهالي إلى مركز تابع لـ #الإدارة_الذاتية، ومخصص لإيواء النازحين، حيث كان المركز يعج بالنازحين وسط أوضاع إنسانية سيئة للغاية، فالمركز غير مجهز لإيواء هذا الكم الهائل من الناس والمساعدات لا تكفي، ولا نستطيع الخروج من المركز بسبب الوضع الأمني غير المستقر والقصف الذي طال أطراف المركز والبلدة، وكوننا لا نملك أوراق ثبوتية».

هربوا ثم عادوا للحفاظ على ممتلكاتهم
مع انتهاء المعارك في تل أبيض وسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، عاد عدد من المدنيين اضطروا للنزوح إلى منازلهم، ياسر الأحمد (أحد العائدين لتل أبيض) قال لموقع «الحل نت»، «أخرجت عائلتي عند بدء العملية العسكرية على المدينة خوفاً عليهم من القصف، عدت إلى المدينة بعد توقف المعارك وسيطرة فصائل ما يسمى «الجيش الوطني» لتفقد منزلي ومحلي التجاري، لكي لا افقدهم أو يسرقوا كما سرقوا عند دخول تنظيم «داعش» للمدينة سابقاً، فأنا أملك محل تجاري لبيع الجملة ومنزل مكون من 3 طوابق، وأناشد النازحين كافة بضرورة العودة وإخراج ممتلكاتهم من المدينة على الأقل قبل فوات ولكي لا تسرق، فالعناصر المسلحة المسيطرة حالياً أشبه بمليشيات الدفاع الوطني، استولت على منازل وممتلكات عدة بحجة أن أصحابها كانوا عناصر في (قسد)» وفق زعمهم.

إبراهيم الغانم 65 عاماً (عائد للمدينة عقب خروجه) تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: «اضطررت للخروج من منزلي عند اشتداد القصف والمعارك، ومع هدوء الوضع عدت أنا وزوجتي كوننا لا نملك أقارب في مدينة الرقة، وأنا رجل كبير في العمر وليس لدي القدرة على التنقل من مدينة لأخرى ولا أملك سوى منزل وقطعة أرض صغير ورثتها من أبي، أعتاش منها، وإن تركتهم لفترة لا أثق أنني سأجدهم عندما أعود، فعند دخول (داعش) للبلدة لم أخرج منها ولن أخرج منها إلا للقبر، فهؤلاء لن يدموا، فالظلم لا يدوم»، وفق تعبيره.

مساعدة النازحين
عملت الإدارة الذاتية بالتعاون مع #مجلس_الرقة_المدني، على مساعدة النازحين منذ اللحظات الأولى من وصولهم لمراكز الإيواء، إذ أنشأت لجان عدّة في الرقة وعين عيسى والقرى المحيطة بها، تقوم على متابعة أمور النازحين وتأمين كافة المستلزمات لهم، بحسب محمود المهندس (ناشط من مدينة الرقة) الذي تحدث لموقع «الحل نت»، بالقول: إن «اللجان عملت على متابعة أمور النازحين من خلال تأمينهم في مراكز إيواء تأسست بشكل إسعافي وتقدم لكل عائلة حصتان غذائية بشكل يومي بالإضافة لحليب الأطفال وبطانيات وأغطية، كما عملت لجنة الصحة على متابعة النازحين وفحصهم وتأمين الأدوية اللازمة للمرضى».

وأضاف أن «عدد كبير من النازحين قصدوا بلدة المحمودلي بمدينة #الطبقة، حيث قامت لجنة الخدمات في بلدية الشعب بالبلدة على إيواء النازحين وأنشأت 100 خيمة جديدة بمخيم البلدة، وعملت الجهة المشرفة في المخيم على تأمين بطانيات ومصابيح وأغطية للنازحين، بالإضافة لتأمين حصص غذائية يومية لهم ومياه صحية للشرب وحليب ومستلزمات للأطفال، وسط غياب المنظمات الإنسانية التي انسحبت من المنطقة خوفاً من تقدم القوات التركية والفصائل الموالية لها».

كما شكلت مجالس الشعب التابعة لمجلس الرقة المدني صناديق عدة لجمع التبرعات دعماً للنازحين الذين فروا من منازلهم، حيث تقوم لجنة مختصة بالتنسيق مع بلدية الشعب على تأمين احتياجات النازحين من خلال التبرعات، حيث نُشرت عدد منها في مدينة الرقة والطبقة وسط إقبال الأهالي على التبرع بمبالغ رمزية دعماً للنازحين، وخصصت المجلس أعضاء من لجنة المرأة لمتابعة أمور النساء وتأمين مستلزماتهن، بحسب المهندس».

وقدرت #المفوضية_السامية_لشؤون_اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حاجتها إلى 31،5 مليون دولار أمريكي إضافية، لتغطية نشاطاتها في شمال شرقي سوريا، إذ قدمت المفوضية مساعدات لنحو 31800 نازح في مركز الإيواء بالحسكة والرقة، منذ بدء العمليات العسكرية التركية، وذكرت المفوضية أن #النازحين بحاجة إلى إسعافات أولية وجلسات دعم نفسي، إضافة للعمل على حل مشكلة «فقدان الوثائق الشخصية للنازحين».

إعداد التقرير: علي إبراهيم
الصورة تعبيرية من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.