علي مراد

كثافة الصورة الثورية التي أبرزتها مظاهرات #العراق كانت واضحة وجليّة منذُ انطلاقها في الأول من أكتوبر 2019 والتي أنجبت نوعاً من القصص شبه الخيالية، قد لا يصدّقها إلّا من كان حاضراً بين جموع المتظاهرين، وهم يرسمون تحدّياً جديداً من نوعه في عالم الاحتجاجات العربية على وجه العموم والعراقية على وجه الخصوص.

جيلٌ جديد يتحدى صقور السياسة العراقية ويحرجهم، ويبعد #المنظومة_الدينية وسيطرتها على عقول العامة من البسطاء، يملك الوعي الكافي لإفشال وتفكيك أي مخطط لإنهاء المظاهرات، من أعلى مستويات القمع بدءاً من مواجهة الرصاص الحي بصدور عارية وحتى أدناها وهو الفعل الواعي في مواجهة وهدم الدعاية التي تريد أن تشوّه صورة المظاهرات، بفرض وجود داعم خارجي لها أو غيرها من الدعايات التي يديرها #الإعلام_الحزبي.

ومن أبرز الرموز والأيقونات التي تصدرت التظاهرات قد تجتمع وتلتقي بـ هاشتاغ أطلقه شباب التظاهرات وهو #الوعي_قائد.

هذا الشعار الثوري الذي آمن به #الجيل_الجديد وكتب عنه الكثير سنرى أن بين طيّاته اختزالاً كبيراً لعدّة أمور أهمها قطع يد المنظومات الدينية والسياسية التي تسحب الأجيال كقطعان خلفها وتخرّج لنا قادّة لهم أجنداتهم الدينية والسياسية، تعمل هذه القيادات على تعبئة الأجيال حسب فائدتها لتجعلهم حطباً للحروب والمواجهات السياسية والدينية والطائفية.

(الوعي قائد) هو إعلانٌ لجيلٍ قادم بسرعة لا متناهية من الوعي اصطدم بأجيالٍ سبقته بحركتها وتعاملاتها الحياتية البطيئة، جيلٌ أنهى أكذوبة القادّة والمرجعيات، وأنهى أكذوبة المسيرات المليونية التي تقف خلفها الأحزاب والتيارات السياسية والدينية.

(الوعي قائد) تعني هي بداية لحقبة عراقية جديدة من تصدير شباب لمنصة الوطن لا ينتمون إلى فئويات وحزبيات صغيرة بل ينطقون بقدرِ فمِ الوطن، أغنيات وأناشيد وشعارات صادقة، هي بداية لصناعة قادة حقيقيين درسوا أدبيات الوطن من ساحات التظاهر والاحتجاج ورفض الأكاذيب.

ولربما السؤال الأهم هو من يقود هذه التظاهرات؟  ولماذا لم يظهر شباب يمثلون المظاهرات رسمياً ويتحملون المسؤولية التامّة؟ وهنا يكمن سر كبير في الإجابة التي تبحث عنها #الحكومة التي تريد جهة أو شخص لتتفق معه وتتفاهم معه، ربطاً بدعوة رئيس البرلمان إلى قادة المظاهرات أن يجلسوا إلى طاولة التفاوض والتفاهم، وهي لعبة تحمل من المكر شيئاً لكشف السر الذي يقف خلف هذه التظاهرات.

السر الكبير هو أن #الشعب أغلبه اجتمع على رفض الأحزاب لأنه اطّلع على حقيقتها، أمّا من لم يتفق مع #المظاهرات فهو من الجهة القليلة المستفيدة من الأحزاب.

ودور(الوعي قائد) هنا هو إبراز الثلة الناصعة في ساحات التظاهر وجعلهم هم القادة الحقيقيين للمرحلة القادمة لما يمتلكوه من وعي يفنّد كل حركات راكبي الأمواج الشعبية ويجعلهم دخلاء على الحركة العفوية الشبابية، ويركنهم عند جماعاتهم التي بدأت تتآكل وينساب موجهم باتجاه رياح الشعب.

وقد ننتظر مرحلة جديدة من الحياة السياسية العراقية تحركها دماء شابّة تنتصر في جولاتها على المستحيل وشبه المستحيل لشدّة ما يملكون من قوّة تفوق ما يملك الضعفاء من القوم الذين يلتجئون في أقصى الحالات التي تحتاج إلى حلول سياسية وإصلاحية بسيطة إلى القتل والقمع والترهيب.

(الوعي قائد) سحب البساط من كل قائد يمتهن التجهيل لينقاد خلفه الجماعات التي لا تريد أن ترى النور، ومن الوعي الذي يقود اليوم التظاهرات بشكل شبه جمعي سيتحول المناخ القادم إلى تحرك أسطول شبابي واعي واضح لا تشوبه الشوائب يبحر لقيادة العراق الجديد بقوّة ومعرفة وإدراك لديه قدرات عالية ويملك روح المبادرة ويقتل البطء ويشجع على الحياة بفاعلية عالية.


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.