محمد الباسم

زعيم جيش المهدي ثم التيار الصدري ثم كتلة الأحرار ثم #تحالف_سائرون وأخيراً المواطن مقتدى الصدر، لم يكن خارج اللعبة السياسية منذ عام 2003، بل كان أكبر المساهمين وأخطرهم في صناعة الأنظمة العراقية التي تُعرف بـ”حكومات بعد السقوط”، سقوط #صدام_حسين الذي قبض على الحكم أكثر من ثلاثين عاماً دون منافس.

ولا يُنكر الصدر ذلك، إنما يعترف على مضضٍ بأنه “الفيصل في اختيار الرئيس”، وفي لقاء متلفزٍ سابق، قال: «يلومني البعض على اختياري لنوري المالكي لرئاسة حكومة العراق لدورة ثانية»، (2010_2018). في هذه الفترة سقطت أربع محافظات عراقية بيد تنظيم #داعش دون مقاومة ولا برصاصة واحدة من الجيش والشرطة تجاه الإرهابيين الذين لم يتجاوز عددهم /100/ عنصر مسلح.

معناه، أن الصدر ليس رجل دينٍ عادي يصلي وله أتباع يصلون فقط، ولا سياسي سطحي يعتمد على الاتهامات والتكهنات، كان يتحكم بالسياسة العراقية، وما لا يرتضيه الصدر لا يحدث، وما أراده الصدر سيحدث رغماً عن الأحزاب.

وجراء ذلك، بات #العراق ينافس بجدارة على المركز الأول بين البلدان الأكثر فساداً في العالم، والأسوأ من حيث كل شيء جيد، ولعل فضيحة محافظ #بغداد الأسبق علي التميمي (الصدري) كانت الضربة القاضية للصدر، حين أدارها بدعمٍ صدري انتهى بحصول العاصمة الذي يشقها #دجلة وينام الحمام على ضفتيه، على لقب “أسوأ مدينة للعيش” لسنوات متتالية.

هو الندم الذي يدفعُ الصدر للتكفير عن ذنبه بما صنعته كتلهُ السياسية وفشلها في كل المناصب التي أوكلت إليها، #الأحرار #سائرون بعد /16/ سنة من المشاركة السياسية الفاشلة للتيار الصدري، لذا فهو يُحارب اليوم “الفساد” الذي اشترك في صناعته.

الصدر الجدلي، صانع الملوك والحكام، والزئبقي بالنظر إلى مواقفه، فمن عدوٍ للمالكي إلى صديق ثم العودة للعداوة، ومن مقرب من #إيران أيام #جيش_المهدي إلى معارضٍ لتدخلاتها، ثم صورة له يتوسط زعيم #الحرس_الثوري الإيراني #قاسم_سليماني والمرشد الأعلى #علي_خامنئي، إلى محاربٍ مرة أخرى لتدخلاتها، ومن إلى ومن إلى، لكنه في النهاية يوصف بـ”الحارس الشخصي للعراق”، بلا تحالفات مع الجوار والدخول في محاور، بل صداقات مصلحية تخدم الجميع.

الصدر، راكب موجات التظاهر، هكذا يقول عنه العراقيون، بالنظر لطريقة سحب البساط من تحت أرجل المدنيين والعلمانيين عام 2016 والدخول على خط الاحتجاجات الشعبية، ومن ثم حصادٌ سياسي من #ساحة_التحرير، راح ضحيته العلمانيون وفاز بذلك الصدريون والشيوعيون.

يقود الصدر بلا عمامة، تظاهرات مليونية ضد حكومة #عادل_عبدالمهدي، الذي اختاره مع أصدقائه القدامى في الحكومات السابقة، في وقتٍ كانت البلاد منتصرة للتو في حربها على “داعش”، ولكن الحرب بين إيران وأميركا على أرض بغداد كانت في أوجها، ولابد من اختيار مرشحٍ ضعيف مثل عبدالمهدي الذي مثّل منتهى التوازن الدولي والإقليمي في اغتنام بغداد التي كان أهلها يراقبون ما سيحدث في الفرصة الأخيرة.

أدرك العراقيون في الأول من أكتوبرالجاري، وهي الذكرى السنوية لمرور عام كامل على تولي عبدالمهدي رئاسة #الحكومة_العراقية، أن بلادهم ضاعت بل تبخرت على أيدي العراقيين المتعاونين جداً مع جارتهم الشرقية.

وأنهم باتوا في المرتبة الأخيرة من تفكير قادة المرحلة الذين تسلطوا على الحكم بعد انتخابات شارك فيها 18 بالمائة فقط من كل العراقيين، ولا خيار غير الانتحار على #جسر_الجمهورية أو احتلال #المنطقة_الخضراء حيث قصور المسؤولين المعزولة عن العالم.

ويبدو ندم الصدر واضحاً، من خياراته العنيدة وعدم التجاوب والتفاوض منذ أسابيع مع الحكومة، حتى ركب موجة التظاهرات واستخدم ما تعلّم من فنون سياسية، فهو ابن /16/ عاماً من السياسة، ثم أنه لم يرضَ أن تُرفع صوره في ساحات الاحتجاج، بل تبرئ من أنصاره الذين شاركوا في تظاهرات أكتوبر بصفتهم الحزبية و”التيارية”، وظلّ يدفع بأنها “شعبية” حتى يتم اختيار رئيس حكومة جديد “يرتضيه الشعب”.

ولكن، بعد الندم والثورة، تجدّد عهد #مقتدى_الصدر، وعاد بصفته الرقم الأصعب، وكأن المراحل السابقة قد بُعثت من جديد، ورضاهُ سيكون منهج الأحزاب الحالية، معناه أن الصدر سيختار الرئيس الجديد كما في السابق، وقد يشعر بالندم مستقبلاً.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة