«البغدادي» فكره لا يمثل شخص بعينه …وموته لا يعني نهاية «داعش»

«البغدادي»  فكره لا يمثل شخص بعينه …وموته لا يعني نهاية «داعش»

كانت بداية الأمر تغريدة غامضة نشرها الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» فجر يوم الأحد 27 تشرين الأول/ أكتوبر على حسابه الشخصي في «تويتر» أن «هناك أمر كبير حدث للتو!»، تناقلت على إثره وسائل الإعلام العالمية والعربية، خبر مقتل زعيم تنظيم «داعش» الملقب « أبو بكر البغدادي » في عملية أمريكية شمال شرق #سوريا.

انقلب العالم رأس على عقب، على وقع الخبر، لتقصيّ ملابسات التعقب وطريقة الاغتيال، ليبدأ الخبراء العسكريين والأمنيين والاستراتيجيين بتحليل العملية والخطة التي قضت على أخطر زعيم تنظيم متشدد في العالم، أو التحركات المسبقة التي أدت للوصول إليه والقضاء عليه.

لكن من غير المقبول التعامل مع مقتل البغدادي، على أنه الفصل الأخير من دراما «داعش» وشركائه، فالبغدادي ووفق ما خطط وأسس له عمل على ان يكون مشروعه «فكرة والفكرة لا تموت»، وصانعي الأفكار لديهم من ملكات الإبداع والابتكار ما يتيح لهم توليد عشرات الأفكار الأخرى والعمل على تطويرها وتغذيتها ما يسهم في انتشارها على أتم وجه، هذا ما يتم بنائه في قضايا العلم والمعرفة، فكيف إذا تم محاولة تمرير هذه الأفكار من خلال إشباعها بالطابع الديني والعقائدي؟

البغدادي فكرة وليس شخص
لكن يجدر القول هنا، بأن مقتل البغدادي سيعطي فرصة كبيرة في القضاء على التنظيم، وخاصة لو ضربته الانشقاقات والصراعات على تولي الخلافة الجديدة، لكن إذا لم تتم مواجهة هذا الفكر بشكل كامل سيفرز تنظيمات جديدة أشد تطرفاً، وخاصة مع وجود تنظيمات أخرى تتشابه في العقيدة والفكر تنشط الآن في شمال #شرق_سوريا وعلى رأسهم هيئة تحرير الشام «حبهة النصرة» سابقاً، وجماعة «حراس الدين» وغيرهم من فصائل «جهادية» تنضوي تحت راية #الجيش_الوطني المدعوم من #تركيا، وغالبية عناصرها منشقين سابقين عن «داعش»، هذا على الصعيد السوري فقط.

يقول الدكتور «عبد العزيز أغنية»، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية في حوار مع «dw عربية»، إن «التنظيمات المتطرفة وخاصة الدينية منها لا تتأثر كثيراً بفقدان زعمائها، هي تُصاب بنوع من الخيبة لوقت معين لكن ما تلبث أن تعيد ترتيب أوراقها وتركيب نفسها من جديد وبشكل سريع جداً». ويعطي الخبير الليبي مثالاً ملموساً عن ذلك بتنظيم القاعدة، قائلاً: «رأينا كيف أن تنظيم القاعدة لم ينته بوفاة (أسامة بن لادن) وما تزال خلاياه نشيطة في أكثر من منطقة منها #ليبيا و#اليمن و#مصر وغيرها».

لكن المحلل السياسي الدكتور«غيدو شتاينبيرغ»، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، يرى تأثيراً لمقتل البغدادي على التنظيم «فقد كان شخصا مهما جدا لـ(داعش)، قاد التنظيم منذ 2010 وعندما كان على رأسه كان لديه أقل من ألف مقاتل، بعد أربع سنوات أسس ما يشبه دولة في #العراق وسوريا، وبالتالي سيكون من الصعب إيجاد بديل للبغدادي في الشهور أو السنوات المقبلة، يكون بحجم تحمسه إيدولوجيا# وتنظيمه وعنفه… التنظيم سيضعف لكنه ما يزال ليس فقط في العراق وسوريا بل في كل أنحاء العالم الإسلامي»، كما يقول شتاينبيرغ في لـ«dw عربية».

تأثير سياسة ترامب على مكافحة الإرهاب
تشهد المنطقة التي قتل فيها «البغدادي»، استعراض عضلات بين أمريكا وتركيا وروسيا، ما يزيد المشهد تعقيداً، وغير بعيد عن المكان ذاته، كان يتواجد المئات من مقاتليه الذين كانوا أسرى لدى #قوات_سوريا_الديمقراطية «قسد»، والذين فروا عقب الهجوم التركي على مناطق شمال شرق سوريا، ما يعتبره البعض نتيجة أولية لقرار انسحاب #القوات_الأمريكية من المشهد السوري، بينما ما يزال المئات منهم معتقلين في سجون «قسد» وبعض #المخيمات التي تأوي عوائلهم، والتي تعد بمثابة قنابل موقوته ستنفجر بأي لحظة.

ولا أحد يعلم كيف سيتم التعامل معهم، وذلك بالتزامن مع قرار سحب #واشنطن قواتها من المنطقة رغم كل المخاوف والانتقادات للقرار المنسجم مع رغبة ترامب بالانسحاب «من الحروب السخيفة التي لا تنتهي» حسب تعبيره، فكيف سيؤثر ذلك على نفوذ الخلايا النائمة للتنظيم، ونشاط الجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة؟

ويرى محللون بأن «الحل الشامل للحد من انتشار الفكر المتطرف وخاصة بين الشبان، هو وصول حكومات قوية في مناطق انتشار هذه الجماعات إلى السلطة، تحارب الإرهاب عن طريق محاربة أيديولوجيته أولا، ومكافحة العوامل التي تشجع ظهور وتنامي نفوذ هذه التنظيمات كالفقر والجهل وغياب #العدالة الاجتماعية والفوضى»، وقد تكون هذه الحلول بالذات بداية تأسيس الهوية الوطنية التي تجمع كل السوريين، تحت سقف وطن للكل؛ لا تحت راية وحكم أنظمة استبدادية تحكمت بالعباد على مدار عشرات السنين.

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.