سكان وادي بردى يعانون سياسات حكومية مجحفة تجاه ممتلكاتهم ومعيشتهم

سكان وادي بردى يعانون سياسات حكومية مجحفة تجاه ممتلكاتهم ومعيشتهم

لايزال أهالي منطقة وادي بردى في ريف دمشق يعانون من السياسة التي تتبعها الحكومة السورية معهم، حيث تستمر بحظر عودة قسم كبير منهم إلى منازلهم، مع تنفيذها إجراءات تعسفية من هدم وجرف للبيوت، ومصادرة للممتلكات بحجة تأمين نبع “عين الفيجة” المائي، الذي يغذي العاصمة بالمياه.

وعلى الرغم من الوعود التي قطعها مسؤولو النظام للأهالي أثناء وبعد اتفاق المصالحة في المنطقة، حول سرعة إعادتهم إلى منازلهم، وتلبية مطالبهم الخدمية والمعيشية، إلّا أنّ الآلاف من سكان المنطقة فقدوا فرصتهم بالعودة إلى منطقتهم بسبب إجراءات حكومة النظام.

حظر العودة ومصادرة الممتلكات
أصدرت حكومة النظام القرار “رقم 1” لعام 2018، والذي ينص على استملاك الأراضي المحيطة بنبع الفيجة بشكل كامل، وتغيير المخططات التنظيمية للقرى التي يمر بها النبع بناءً على ذلك، ليتم إنشاء حرمين مباشر وغير مباشر للنبع، بحجة الحفاظ على مياه النبع وحمايتها، وشددت في تفاصيل القانون على الأهالي فمنعت إعادة الإعمار والزراعة، وتشييد الأبنية، وحفر الآبار، أو حتى القيام بأي أنشطة زراعية أو سياحية أو صناعية، في المناطق المحيطة بالنبع وحرمَيه.

وعلى الرغم من أنّ القانون نصّ على تعويض مالكي الأراضي المصادرة بالقيمة الحقيقية لممتلكاتهم، إلّا أنّ حكومة النظام لم تلتزم بهذا التعويض، وطبقت القانون بشكل جزئي، مستغلةً عدم قدرة الأهالي على محاسبتها في ظل انتشار الفساد في جميع المؤسسات التابعة لها وسيطرة القبضة الأمنية على مفاصل هذه المؤسسات.
وبعد مرور أكثر من عامين ونصف على دخولها المنطقة لم تسمح قوات النظام لمعظم أهالي قرى “بسيمة، عين الفيجة، عين الخضرة” بالعودة إلى منازلهم كون مناطقهم تعتبر مناطق الحرمين الخاصين بالنبع، ولا تزال تحتاج لإجراءات أمنية خاصة، حسب ما ذكر لضباط المنطقة بعد سؤالهم من قبل لجان المصالحة.

تمييز خدمي والسياحة فوق المواطن!
تعرضت منطقة وادي بردى لفيضانات وسيول مع أول موجة أمطار هذا الشتاء، ما أظهر المشكلة الكبرى التي يواجهها السكان مع تردي شبكة الصرف الصحي، وعدم صيانتها أو إصلاح الأجزاء المتضررة منها جراء الحرب، على الرغم من مطالبات الأهالي بصيانتها وتنفيذ المشاريع التي تساعدهم على مواجهة الظروف الجوية القاسية.
كما تغاضى مسؤولوا محافظة ريف دمشق عن المقترحات التي رفعها رؤساء المجالس المحلية في المنطقة لبعض المشاريع الخدمية، في الوقت الذي تم فيه دعم المناطق “السياحية” مثل الزبداني وبلودان وبقين بمبالغ كبيرة لتنشيط حركة “السياحة الداخلية” للاستفادة من عائداتها، وإظهار تعافي المنطقة وعودة الحياة إليها بعد تعرضها لواحدة من أعنف الحملات العسكرية في سوريا، بقيادة ميليشيا “حزب الله” اللبنانية.

تسويات مرفوضة وخطر أمني يحدق بالأهالي
قال الناشط حمزة القلموني “للحل” إنّ مئات التسويات تم رفضها في المنطقة، وقد طلبت قوات النظام من لجان المصالحة في عين الفيجة وبسيمة ودير مقرن إبلاغ أكثر من 400 شخص من المنطقة بضرورة مراجعة الأفرع الأمنية بسبب مشاكل في تسويتهم، حيث سيتم التوسع في التحقيقات معهم، الأمر الذي استجاب له بعضهم وقاموا بمراجعة الأفرع، في حين لا يزال آخرون يتوارون عن الأنظار خوفاً من مصير مجهول قد يتعرضون له في حال دخولهم أفرع النظام حتى مع ضمانات لجان ومسؤولي المصالحة في المنطقة.
وأضاف القلموني أنّ الوضع الأمني في المنطقة مرهون بتعليمات فرع الأمن السياسي وفرع المخابرات الجوية والشرطة العسكرية، حيث يقومون بحملات دهم واعتقالات بشكل مستمر، يستهدفون من خلالها العاملين السابقين في المؤسسات المدنية والفصائل العسكرية التابعة للمعارضة، بالإضافة لحملات التجنيد الإجباري التي تستهدف المتخلفين عن الخدمة خوفاً من إرسالهم إلى جبهات القتال المشتعلة.

القلمون الغربي وهيمنة حزب الله الكاملة
تعتبر منطقة القلمون الغربي ذات أهمية كبرى لميليشا حزب الله اللبنانية، حيث تتخذ منها قاعدةً لانطلاق عناصرها في سوريا، كما تستغل وجودها الجغرافي على المنطقة الحدودية مع لبنان، في أعمال غير شرعية، مثل تهريب الأشخاص، والمخدرات، من لبنان إلى سوريا وبالعكس، وانطلاقاً من هذه الأهمية عمل الحزب على نشر عناصر وتشكيل نقاط أمنية له تسيطر على المنطقة، فكانت مدينة يبرود ثقلاً استراتيجياً مع قريتي قارة وفليطة، حيث يتواجد عناصر الحزب فيها ويفرضون سيطرة كاملة على المدنيين وعلى قوات النظام والمجموعات الرديفة لها.

تبقى منطقة وادي بردى واحدة من أهم المناطق المحيطة في العاصمة دمشق، من حيث موقعها الجغرافي وخزانها المائي، وحتى طبيعتها السياحية، ولعلّ هذه الأهمية انقلبت على الأهالي، فتسببت بسلب منطقتهم لصالح الميلشيا التي قصفتها في وقتٍ سابق، ليدفعوا بذلك ثمن سياسات نظام الحكم في بلادهم أرضهم وممتلكاتهم وحتى أمنهم واستقرارهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.