من إحدى قاعات فندق الفورسيزونز الشهير وسط #دمشق، يظهر عدد من أباطرة #المال الجدد في صورة تجمعهم على مائدة طعام تختزل جزءاً من تداعيات ما يحصل في #سوريا، الذي تعتبر من أكثر الأزمات كارثية بعد الحرب العالمية الثانية.

في حين، تستضيف الحدائق القريبة من تلك المنطقة نازحين شرَّدتهم #الحرب، هم جزء من أغلبية السوريين، الذين تحول أكثر من 80% منهم إلى فقراء.

صورة تجمع حيتان الاقتصاد وتعني الكثير

على الرغم من أنها تبدو الصورة التي تظهر أباطرة #الاقتصاد الجدد في سوريا على مائدة طعام، “عادية”، إلا أنها تعني الكثير من حيث سيطرة هؤلاء على مقدرات البلاد، وترابط هذه الفئة التي قامت السلطات السورية بتشكيلها في السنوات الأخيرة، لتكون الداعم الاقتصادي له وحياة الرفاهية، التي يعيشها هؤلاء.

في هذه الصورة، يظهر (#سامر_الفوز) أهم رجل أعمال سوري منذ 2011، وهو من اشترى مؤخراً حصة الأمير السعودي (الوليد بن طلال) في فندق الفورسيزونز الشهير، ويصفه كثيرون بأنه “رامي مخلوف الجديد”، إذ طالت استثماراته جميع القطاعات دون أن يكون له أي منافس بدعم من الفئة الحاكمة.

كما يظهر في الصورة (#براء_قاطرجي)، الذي لا يقل أهمية وقدرة عن الفوز فهو أحد مؤسسي امبراطورية قاطرجي المالية، وعراب صفقات #النفط بين “داعش” و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من جهة، والسلطات السورية من جهة أخرى.

فضلاً عن الامتيازات، التي حصل عليها مع أشقائه من خلال تأسيس شركة نفطية في البلاد، بالإضافة إلى إطلاق يدهم في الاستثمارات العقارية في محافظات منها الحسكة وحلب.

وتشير تقارير إلى أن ثروة آل قاطرجي تبلغ 300 مليار ليرة سورية في الآونة الأخيرة، علماً أنهم ورثوا عن والدهم مشغلاً للخياطة في الرقة فقط عام 2000.

بين الفورسيزونز والحدائق

ما تمر به سوريا، يعتبر إحدى أكثر الأزمات كارثية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تظهر إحصائيات مركز (بيو للأبحاث) أن 13 مليون سوري نزحوا داخلياً وخارجياً منذ اشتعال الصراع في عام 2011 وهو ما يمثل حوالي 60% من عدد السكان قبل الحرب، وهي نسبة نزوح لم تشهدها دولة من قبل خلال العقود الأخيرة.

كم يشير المركز في دراسة نشرها على موقعه الالكتروني، إلى أن 6.3 مليون شخص أي حوالي 49% من عدد المهجرين نزحوا داخلياً.

لقد هَجَر سوريين كثر في مناطق سيطرة السلطات السورية، منازلهم وأعمالهم وأصبحوا يعيشون في مراكز الإيواء المكتظة كالمدارس، فيما استوطن البعض في الحدائق العامة دون أن يحقق ذلك أبسط شروط العيش الإنسانية.

بالمقابل لم يتأثر أباطرة المال، فما زالوا يعيشون في الأحياء الراقية، كما أن البعض منهم يمتلك عقارات في العديد من الدول كتركيا والإمارات وغيرها.

العقوبات… دعم للأغنياء وإفقار أكثر للفقراء

منذ آذار 2011، فرضت الدول الغربية عقوبات على السلطات السورية ورموزها ورجال الأعمال الداعمين لها، إلا أن هذه العقوبات لم تؤثر عليهم بشكل مباشر مستفيدين من امتيازات السلطات في السيطرة على الاقتصاد السوري.

بل أن العقوبات أسهمت بزيادة نفوذ وسطوة هؤلاء على الاقتصاد باعتبارهم جزءاً من السلطات من جهة، وقدرتهم على تجاوز هذه العقوبات وحصولهم على منافع مادية كبيرة من جهة أخرى، عبر إيجادهم سبلاً للتحايل عليها، وحصولهم على مقابل مرتفع لخدماتهم، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الفقراء.

وكانت “وثائق بنما” أشارت في وقت سابق، إلى أن العديد من رجال الأعمال المحسوبين على السلطات السورية، نجحوا في التحايل على العقوبات الغربية من خلال تأسيسهم شركات “أوف شور”، وشركات وهمية واستمروا في تأمين شريان تمويلها.

وعلى العكس من ذلك فإن تأثير العقوبات كان كارثياً على المواطن السوري العادي، وهذا ما تظهره التقارير الحكومية المختصة وتقارير الأمم المتحدة.

ففي شباط الماضي، كشف المكتب المركزي للإحصاء التابع للحكومة السورية، أن متوسط الإنفاق التقديري المطلوب للأسرة السورية في 2018، بلغ 325 ألف ليرة سورية شهرياً، إذ كان سعر #الدولار في السوق السوداء 500 ليرة سورية، في وقت يتراوح فيه متوسط الأجور والرواتب بين 30 الى 40 ألف ليرة.

فيما أشار تقرير للأمم المتحدة عن الاحتياجات الإنسانية في سوريا، عام 2019 إلى أن 83% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وأن 2 % من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وقدر التقرير الأممي وجود 11.7 مليون سوري بحاجة شكلٍ من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.

مبادرات الأغنياء… استعراض إعلامي دون آثار ملموسة

صورة أخرى تم تداولها في وسائل إعلام والتواصل الاجتماعي، وهي اجتماع أباطرة المال في 28 أيلول الماضي لدعم الليرة السورية بعد انخفاضها أمام الدولار إلى مستويات قياسية، حيث ظهر في الصورة كل من (سامر الفوز)، و(براء قاطرجي)، و(وسيم القطان)، و (محمد حمشو) وغيرهم.

وعلى الرغم من الضجة الإعلامية، التي أثيرت حول مبادرة رجال الأعمال إلا أن هذه المبادرة حتى هذه اللحظة سارت في عكس الاتجاه، ولم تسهم في الحد من تدني مستويات المعيشة للمواطن السوري.

وأشارت تقارير إعلامية، إلى توقف بيع الدولار عن طريقة المبادرة، على الرغم من أن غرف الصناعة والتجارة ما زالت مستمرة على نشر أسعار المبادرة، التي أدت حتى الآن إلى وجود ثلاث أسعار للدولار في السوق السورية.

وتتضارب الأنباء حول قيمة الأموال، التي أودعها رجال الأعمال في صندوق مبادرة دعم الليرة السورية، إذ أشارت غرفة تجارة دمشق إلى إنها وصلت إلى مليار دولار، فيما قالت مصادر أخرى إن الأموال المودعة لم تتجاوز 150 مليون دولار.

إن الآمال، التي عقدت على تراجع سعر الدولار تبددت مع معاودة ارتفاعه في الأيام الأخيرة ليتجاوز حاجز 670 ليرة، ولترتفع بنتيجتها الأسعار إلى مستويات قياسية.

وتبقى المفارقة.. أليس هؤلاء الذي يستوردون وينتجون المواد الأساسية لحياة المواطن السوري هم من يرفعوا أسعارها؟ .. وهم أنفسهم من يبادرون إلى دعم الليرة؟!

أحلام كبيرة في تعظيم ثرواتهم… وأخرى بسيطة لتأمين لقمة العيش

على الرغم من سيطرة رجال الأعمال، وبخاصة الجدد منهم على نسبة كبيرة من الاقتصاد إلا أن هؤلاء يحلمون بالحصول على امتيازات أكبر من الفئة الحاكمة.

ويتنافسون بشكل دؤوب لتعظيم ثرواتهم من أجل الحصول على مشاريع استثمارية عقارية كبيرة مثل (ماروتا ستي)، واستثمار المنشآت الحكومية وإقامة صناعات للاستفادة من مرحلة #إعادة_الإعمار.

فيما يبقى حلم المواطن العادي بأن يستطيع تأمين لقمة العيش لأولاده، وأن يرجع إلى بيته الذي هُجِّر منه، وأن يحصل على حاجاته الأساسية بكرامة دون أن يضطر للوقوف ساعات على محطات الوقود للحصول على البنزين أو أن يقف في طوابير طويلة من أجل اسطوانة غاز منزلي أو أن يفكر في كيفية تأمين المازوت لرد البرد عن عائلته في الشتاء.

إعداد: نوار محمود – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.