إدلب بفصائلها الحاكمة ومرجعياتها المعقدة… والهيئة تضعها على صفيح ساخن!

إدلب بفصائلها الحاكمة ومرجعياتها المعقدة… والهيئة تضعها على صفيح ساخن!

تعد محافظة #إدلب من أكبر المعاقل المأهولة بالسكّان في سوريا التي تحوي أكبر عدد من الجماعات المسلّحة، وذلك على اختلاف توجهاتها ومصادر دعمها وبنيتها القتاليّة. وهي اليوم كرت أساسي في المفاوضات الدولية، وخصوصاً بين الأتراك والروس والأمريكيين والإيرانيين، فكل طرف من هؤلاء يسعى إلى مقايضة ملف «الجماعات الإرهابية»، بأجندة ومصلحة خاصة.

15 ألف مسلح تحت إمرة الجولاني
وتشكل «#هيئة_تحرير_الشام» السلطة «الأقوى» في الشمال السوري،على الأقل من ناحية البطش، ونعني بالشمال كامل محافظة #إدلب، وأجزاء من ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي، حيث تفرض «هيئة تحرير الشام» هيمنتها على تلك المناطق، إما عبر ذراعها العسكري، أو عبر المؤسسات المدنية التي أنشأتها مؤخراً، وأبرزها «#حكومة_الإنقاذ» لإدارة شؤون المنطقة وفق سياسة الهيئة.
وتشكلت «هيئة تحرير الشام» من اتحاد العديد من الفصائل المتطرّفة وأبرزها «#جبهة_فتح_الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، بقيادة أبو محمد #الجولاني، إضافة إلى بعض الكتائب الجهاديّة الصغيرة التي تتخذ من محافظة إدلب معقلاً لها، وعدد من فصائل المعارضة التي رضخت لتكون تحت زعامة «الجولاني»، لتكون حصيلة القوام القتالي للجماعة نحو ١٥ ألف مسلّح.

«تحرير الشام» ليست أكبر جماعة مقاتلة في إدلب
ورغم أن «هيئة تحرير الشام» تحتل المساحة الأكبر في وسائل الإعلام عند الحديث عن محافظة إدلب، إلا أنها ليست القوة العسكريّة الأكبر في المحافظة، حيث أن اتحاد فصائل المعارضة في وقت سابق تحت مظلّة «الجبهة الوطنيّة للتحرير» جمع ما يزيد عن عشرين ألف مقاتل تحت قيادة واحدة.
ونتحدث هنا عن القطب الآخر للقوى العسكريّة في إدلب، وهي «القوى المعتدلة» -على الأقل كمصطلح متداول إعلامياً- حيث تشكلت «الجبهة الوطنيّة للتحرير» باندماج عدد من الفصائل قبل عام ونصف بدعم تركي، وهي (فيلق الشام، جيش إدلب الحر، الفرقة الساحلية الأولى، الفرقة الساحلية الثانية والفرقة الأولى مشاة، الجيش الثاني، جيش النخبة، جيش النصر، لواء شهداء الإسلام في داريا، لواء الحرية، والفرقة 23)، لتشكل قوّة عسكريّة قوامها يقارب الـ 25 ألف مقاتل في محافظة إدلب.

«تحرير الشام» تحارب الأسد إعلامياً والمعارضة عسكرياً
وتأتي سيطرة «هيئة تحرير الشام» على الواجهة الإعلاميّة والعسكريّة في محافظة إدلب، بسبب هيمنتها على إدارة المحافظة، وتدخلها في كافة القطاعات الخدميّة، إضافة إلى سيطرتها على قطاعات التعليم والصحّة، وفرض سطوتها على المجالس المحليّة والمرافق الحيوية، وكافة مجالات الحياة في المنطقة.
وفي المقابل لا تحرّك بقية الفصائل ساكناً، بسبب الرعب الذي زرعته الهيئة في المنطقة، وذلك عبر ابتلاع فصائل المعارضة واحداً تلو الآخر في سنوات مضت، عندما حاولت تلك الفصائل مناحرة «النصرة» على إدارة شؤون المنطقة، أدى ذلك إلى أن قسم كبير من فصائل «الجيش الحر» تعرض للإبادة أو التهجير من قبل «جبهة النصرة» عندما رفضوا الرضوخ لسلطة الجولاني وحكومته في إدلب.
وللجماعة التي يقودها الجولاني تاريخ طويل في محاربة فصائل المعارضة، فقد ركزت نشاطها منذ سنوات على أن تصبح الجماعة الأوحد ذات النفوذ الأقوى، معلنة غزوات ومعارك ضد النظام عبر إعلامها، بينما تحرك ماكينتها العسكرية بشكل شبه حصري ضد الفصائل الثورية والقوى الأخرى المعارضة.

حلفاء القاعدة أصدقاء «تحرير الشام»
وبعيداً عن القطبين اللذين وصلت إليهما محافظة إدلب الآن، هنالك بعض الفصائل العسكريّة الصغيرة المتطرفة والمستقلة في نشاطاتها، وهي تنظيم «حراس الدين» و«الحزب التركستاني»، وهذان الفصيلان معروفان بولائهما لتنظيم القاعدة، ولديهما بضع مئات من المقاتلين، ويتواصلان بشكل أساسي مع «هيئة تحرير الشام».
وتسبب هذا الخليط من الجماعات المسلّحة والمتطرفة من المحافظة بزيادة تعقيدات الملفين السياسي والعسكري لمستقبل المحافظة، حيث أن ملف «جبهة النصرة» التي تشكل العماد الرئيسي للهيئة، هو العائق الأبرز في تحديد مستقبل المحافظة.

لا حل في إدلب دون الخلاص من «تحرير الشام»
ويرى المحلل العسكري «حمدو وحود» في حديث لموقع (الحل) أن مستقبل إدلب يتوقف على قضية موقف أهالي المحافظة والفصائل «المعتدلة» من هيئة الجولاني، ويقول «لا يمكن حل قضية إدلب دون التخلص من (هيئة تحرير الشام)، عناصر الهيئة لا يمكن لهم أن يكونوا جزء من تجمع عسكري يجمع كافة القوى المتواجدة حالياً في إدلب».
ويبدو أن الرأي القائم على أن الهيئة هي العائق الأكبر لفكفكة التعقيدات في إدلب أكثر منطقيّة، لا سيما وأن «هيئة تحرير الشام» ترفض مشاركة الفصائل وحتى الأهالي في طريقة إدارة شؤون البلاد، إلا أن قضية إنهاء الهيئة بالقوة ستفضي بالطبع إلى تحويل المحافظة إلى ساحة معارك، بالنظر إلى وضع «هيئة تحرير الشام» الحالي، ذلك فضلاً عن أن الجيش السوري -صاحب التاريخ الطويل في قتل المدنيين في إدلب- لا يزال يحشد قوّاته تحضيراً لاجتياح المنطقة وقضم المزيد من المناطق على المحور الجنوبي من المحافظة.

مرحلة التعايش مع المتشددين في إدلب انتهت
ويعيش أهالي المحافظة في ظل تلك التعقيدات حالة من الحذر والترقب، جراء انعدام الاستقرار والمعلومات حول مستقبل مناطقهم.
ورغم تعايش الأهالي مع واقع «هيئة تحرير الشام» عبر السنوات الأخيرة، إلا أنهم بدؤوا مؤخراً بالتمرّد على سلطة الهيئة، حيث شهدت محافظة إدلب تظاهرات واسعة طالبت بإسقاط سلطة الهيئة وخروج قوّاتها العسكري ومؤسساتها من المناطق السكنيّة.

الأهالي «يخافون كافة الخيارات»
وحول رؤية الأهالي لمستقبل الخارطة العسكريّة في إدلب يقول الصحفي والكاتب محمود ذكورإن «أهالي محافظة إدلب لا يريدون الذهاب بمدينتهم نحو المجهول»، فكثير من أهالي المدينة يرون بأن بديل «هيئة تحرير الشام» قد تكون قوّات النظام والميليشيات الإيرانيّة، وفق قوله، و«ذلك ما يضعهم أمام خيارين لا يريدون اختيار أحدهما».
ويدعم «ذكور» رأيه بالإشارة إلى الوضع في مناطق ريف حلب الشمالي الشرقي فيقول: «البديل التركي ليس بالأفضل، فهناك في مناطق (درع الفرات)، نشاهد الهيمنة التركية الواسعة على المجالس المحلية والهيئات المدنية، وأجهزة الشرطة العسكرية والمدنية، وسعي أنقرة لتوفير الخدمات لا يبرر سلب القرار السوري».

«الحل السلمي هو الأفضل لمستقبل إدلب»
وبرأي ذكور أن الغالبية العظمي من المدنيين في إدلب، يرغبون بحل سلمي تكف من خلاله «هيئة تحرير الشام» سطوتها عليهم، وينهي حكمها، فالأهالي في إدلب ليس لديهم مشكلة مع أي فصيل في المحافظة، ويقول «المدنيّون هنا يريدون فقط قوى عسكريّة محلية تضمن لهم سلطة ومجالس محليّة من وجهاء المناطق، والأهم ضمان عدم تقدم الجيش السوري إلى مناطقهم، لأن ذلك يعني تشريد عشرات الآلاف منهم إلى المجهول».

«تحرير الشام» للسوريين: الجولاني خليفتكم «بالصرماية»
وصدرت أمس تصريحات مخيفة عن أمني بارز في الهيئة، قال فيها حرفياً «يلي ما بدو تحرير الشام يطلع برات سوريا»، في خطاب يذكر بـ « الأسد أو نحرق البلد» الصادر عن الشبيحة بداية الحراك الثوري.
وقال الأمني في الهيئة (أبو اليمان الحمصي) «خليفة المسلمين هو شيخنا أبو محمد #الجولاني (زعيم جبهة النصرة – نواة تحرير الشام)، بدكم تحترموه بالصرماية… يشهد الله أي واحد عم يتظاهر ضد الهيئة حلال قتله»، بحسب قوله.
ويأتي الخطاب الأخير الصادر عن الرجال المقربين من الجولاني ليزيد من القلق لدى سكان المحافظة الشمالية، وخصوصاً الباحثين منهم عن حل سلمي ينهي سطوة الجماعة المتشددة، لتعود إدلب إلى أهلها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.