أكدت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا “ADMSP” أن «النظام السوري ما يزال يستخدم سجن صيدنايا كمركز رئيس لاحتجاز المعتقلين السياسيين وإخفائهم قسراً، وحرمانهم من الاتصال مع العالم الخارجي وإخضاعهم لظروف معيشة تؤدي بهم إلى الموت غالباً».

جاء ذلك خلال تقريرها الأول الذي يرصد إجراءات وتبعات الاعتقال في سجن صيدنايا في سوريا، تحت عنوان «سجن صيدنايا مصنع الموت والاختفاء القسري في سوريا» مستنداً «على 400 مقابلة وجاهية مع محتجزين سابقين في سجن صيدنايا، ويقدم معلومات عن تحولات ملف الاعتقال السياسي في سوريا، وعن مجمل الظروف السياسية والاجتماعية المرافقة له».

تناول التقرير كيفية استخدام «الاعتقال والتعذيب والتصفية في السجون كوسيلة لإرهاب وإخضاع المجتمع كله، وهو ما يساهم في فهم أعمق لبنية النظام السوري الأمنية».

التعذيب الجسدي والنفسي
وقدمت الرابطة خلال تقريرها الذي جاء في 60 صفحة، تقديرات عن «أعداد المعتقلين الذين دخلوا سجن صيدنايا منذ افتتاحه في العام 1987 حتى العام بداية العام 2019 وكيفية تسارع وتيرة الاعتقال بشكل كبير جداً بعد العام 2011».

واعترف معدو التقرير بعدم إمكانهم الوصول إلى «إحصائية دقيقة عن عدد المعتقلين فيه» منوهين أن «النظام السوري نفسه عاجزٌ عن إصدار قوائم دقيقة بأعداد المعتقلين، بسبب كثرة عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والتعذيب والتجويع والحرمان والغياب التام للرعاية الصحية وعدم السماح بالاتصال بالعالم الخارجي».

وتوصلت الرابطة في تقريرها إلى خلاصة ما جرى فيه، وأن «هناك ارتفاع كبير جداً في اللجوء لجميع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي بعد 2011 وهي تهدف إلى ترك آثار جسدية ملحوظة ترافق المعتقل لفترة طويلة بعد خروجه، بغية بث الرعب في المجتمعات المحلية الثائرة» حسب ما ورد في التقرير.

الإخفاء القسري
وفي تعليق له على أهمية التقرير، يقول المنسق العام لرابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا «دياب سرية»، هذه هي «المرة الأولى التي يتم فيها الوصول إلى هذا العدد من المعتقلين السابقين في #سجن_صيدنايا، لربما كانت أساليب النظام السوري في #الاعتقال و #الإخفاء_القسري معروفة لدى بعض السوريين لكن هذا التقرير يوضح بالأرقام والشهادات كيف استخدم النظام آلية الاعتقال والإخفاء القسري كوسيلة من وسائل #الحرب على #المجتمع_السوري».
وقال «سرية» في تصريح لموقع «الحل نت» إن الرابطة «تأسست من معتقلين سابقين في سجن صيدنايا، لذلك استهدافنا فقط كان لهذا السجن من تناول الأفرع الأمنية الاخرى أو سجن عدرا، والحصول على هذا الرقم الكبير بحكم معرفتنا كمعتقلين بعضنا بالبعض، أي تلك المعرفة التي وسعت الدائرة من خلال المعتقلين أنفسهم».

وأوضح المنسق العام للرابطة أن «العمل بالتقرير دام حوالي سنة ونصف، وبمشاركة 11 معتقل تم إعداده من خلال الجهد الكبير الذي بذل من الجميع، والذي سبباً بالوصول إلى هذا الرقم الكبير من المعتقلين».

وعن احتمال تقرير مشابه للنساء المعتقلات، أكد «سرية» لموقع «الحل نت» أن جميع المعتقلات ومن لقاءاتهم بهم ومتابعتهم لأوضاعهن بعد الإفراج، أكدنّ أنهنّ لم يكونوا بهذا السجن ونحن الرابطة مختصة بأوضاع المعتقلين في صيدنايا»، نافياً وجود نساء هناك وإن كا ما يقال عن وجود معتقلات في سجن صيدنايا ليس صحيحاً لأنهم لم لأية حالة كانت معتقلة هناك».

صعوبة الوصول إلى الناجين
وفي جزئية الصعوبات التي واجهتهم قال المنسق العام: إن «صعوبة الوصول إلى الناجين من سجن صيدنايا، بسبب قلة عدد الأشخاص الذين خرجوا أحياء من السجن بعد العام 2011، وعلى الرغم من الصول إليهم، تبقى المشكلة في الخوف على النفس أو العائلة خصوصاً في حالة المتواجدين داخل مناطق سلطة النظام، هذا بالإضافة إلى أنك الكثيرين منهم يرفضون المشاركة أصلاً، كما تعود عد الرغبة بالمساهمة في عمليات التوثيق لأسباب عدّة، أهمها تحوّل التوثيق (بنظر كثير من المعتقلين السابقين) إلى ‘جراء روتيني تقوم به منظمات حدودية عديدة، دون وجود أيّة مؤشرات على الجدوى منها، وفي غياب أيّة إجراءات دولية جدية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي يرتكبها النظام وحلفائه». مضيفاً أن «تردي الوضع الأمني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وعدم قدرة الفريق على العمل بالوتيرة نفسها، والتوزع الجغرافي الكبير للمعتقلين السابقين في صيدنايا، وعلى أماكن عدة في العالم، وانشغالهم بتأمين سبل عيشهم اليومية».

يفرد التقرير فصل كامل للحديث عن المحاكمات التي يخضع لها المعتقلون في سجن صيدنايا ويوضح لجوء النظام السوري بعد العام 2011 إلى محكمة الميدان العسكرية ويوضح كيف ارتفع العدد بشكل هائل بين معتقلي صيدنايا من 24.3% قبل 2011 إلى 87.6% بعدها.

مصادرة أملاكهم وحريتهم
وأكد التقرير أن «محكمة الميدان العسكرية تفتقد إلى أدنى شروط التقاضي العادل حيث لا يسمح للمعتقل بتوكيل محامي أو الاتصال مع العالم الخارجي»، مشدداً على أن «حوالي 6.5% فقط من المعتقلين في صيدنايا تم عرضهم على محكمة الإرهاب». كما قدم أرقاماً للمعتقلين الذين تم مصادرة أملاكهم بعد أن تم حجز حريتهم.

وعرض التقرير الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لعميلة الاعتقال على حياة المعتقلين، من خلال صورة واضحة عن حجم الضرر الذي لحق بالمعتقل جراء عملية الاعتقال نفسها وعمليات التعذيب التي رافقتها.

ويختم التقرير بالحديث عن «وجود شبكة كبيرة تضم المسؤولين والأشخاص النافذين في النظام وبعض القضاة والمحاميين، والتي تقوم بعمليات ابتزاز مالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسراً بغية تأمين زيارات لأحبائهم في أماكن الاعتقال؛ أو تقديم وعود بإخلاء سبيلهم» وهذه إشارة إلى صحة فرضية الرابطة بوجود قرارات من الدولة تهدف إلى نهب أموال المعتقلين خصوصاً بعد العام 2011.

الصورة تعبيرية من الأرشيف
التقرير كاملاً تجدونه على الصفحة الخاصة برابطة المعتقلين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.