مقتل البغدادي لم تكن مؤامرة وإنما عملية محكمة خطط لها

مقتل البغدادي لم تكن مؤامرة وإنما عملية محكمة خطط لها

«أبو بكر البغدادي» اسم اقترن بعمليات القتل الممنهج والفساد، وملاحقة الأقليات وانتهاكات كثيرة يصعب حصرها، نصب المدعو (إبراهيم عوض إبراهيم علي البدري)، الذي عرف باسم «أبو بكر البغدادي» نفسه خليفة للمسلمين، وكانت أولى إنجازاته أن أعلن قيام ما أسماه بـ«الخلافة» في المدن التي سيطر عليها في السنوات الماضية سواء في العراق أو سوريا، مطلقاً العنان لعناصره في كلا البلدين، ليرتكبوا أبشع المجازر والانتهاكات بحق الأبرياء، حيث كانت النساء أكثر ضحاياهم سواء في «السبي» أو الاستغلال الجنسي.

وقد ظهر البغدادي لأول مرة في العلن في 5 تموز/ يوليو 2014، عندما أصدر التنظيم تسجيلاً مصوراً يظهر فيه البغدادي، وهو يلقي خطبة الجمعة في الجامع الكبير «الحدباء» بمدينة #الموصل العراقية.

وقبل ظهوره، كان «داعش» قد أعلن في أواخر حزيران/ يونيو قيام ما وصفها بـ«الخلافة الإسلامية» وتنصيب البغدادي «إماماً وخليفة للمسلمين في كل مكان»، ودعا الفصائل المتشددة في مختلف أنحاء العالم إلى «مبايعته».

كيف انتهى «داعش» وخليفته على الأرض؟
في 13 حزيران/ يونيو 2014 تشكل #التحالف_الدولي ضد «داعش» بقيادة #الولايات_المتحدة_الأمريكية، ليبدأ شن ضربات جوية على معاقل التنظيم، الذي عاث في الأرض فساداً، إذ شهد عام 2015 بداية انحساره، حيث بدأت خساراته تتوالي بدءاً من #تكريت و#سنجار و #الرمادي، تلاها خسارته لمدينة #الفلوجة والتي كانت إحدى أهم معاقله في العراق، بعد تمكّن القوات العراقية في حزيران/ يونيو 2016 من استعادتها والسيطرة عليها بشكل كامل.

وفي 10 تموز/ يوليو 2017 خسر «داعش» مدينة الموصل، أهم معاقله على الإطلاق، إذ كان فقدانها بمثابة الصفعة للتنظيم وأنصاره في كل مكان، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017، كان رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» قد أعلن طرد بقايا التنظيم من العراق.

خساراته في سوريا
أهم خسارة منيَّ بها التنظيم كانت هزيمته في مدينة #الرقة، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، والتي كان يعتبرها عاصمة لـ«خلافته» المزعومة، بعد معارك عنيفة خاضها مع #قوات_سوريا_الديمقراطية «قسد» استمرت لأشهر، أفضت عن هروب عدد كبير من عناصره باتجاه شرق محافظة #دير_الزور، لينحصروا آنذاك في جيب لا تتعدى مساحاته 4090 كم مربعاً، متمثلاً ببلدتيّ #الباغوز و #هجين، حيث كانت نهايتهم هناك في 23 آذار/ مارس 2019. على يد «قسد» بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده #واشنطن.

مقتل البغدادي
كانت عملية مقتل رأس هرم التنظيم (البغدادي) بمثابة الضربة القاضية، والتي استغرق التحضير لها جهد وتقصيّ على مدى أشهر، انتهى بمقتله ضمن عملية عسكرية محكمة ودقيقة في قرية #بريشا بمحافظة #إدلب شمال غرب سوريا، بنيران قوات خاصة أميركية في ليل السبت 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حيث اعترف التنظيم بمقتله رسمياً عبر معرفاته على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» قد أعلن في27/ أكتوبر رسميا مقتل أبو بكر البغدادي. وقال في كلمة ألقاها من البيت الأبيض إن «البغدادي قتل بعد تفجير «سترته» الناسفة إثر محاصرته من قبل القوة الأميركية داخل نفق، كان يدرك زعيم (داعش) أنه كان مسدوداً».

وأوضح بأن «البغدادي» دخل إلى نفق ولاحقته الكلاب وكان يصرخ ويبكي خلال هروبه، مشيرا إلى أنه «مات كالكلب والجبان» مع عدد من أنصاره.

وذكر ترامب أنه «تم إجراء فحص الحمض النووي» لجثة البغدادي، وتم التأكد على أنها تعود له»، موضحا أن «التفجير حوّل الجثة لأشلاء وقد تحفظت القوة الأميركية عليها».

من جهته قال «مظلوم عبدي» القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية، في مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» إن «مصدراً استخباراتياً استطاع توفير معلومات هامة حول البغدادي، والتي ساعدت كثيرا في عملية مقتله».

وضم التقرير الذي زودهم به المصدر الذي كان أحد مستشاري البغدادي الأمنيين معلومات تفصيلية حول مخطط المكان الذي يختبئ فيه، وعدد الحراس، والأنفاق حول المجمع الذي لجأ إليه.

نهاية الدولة «التعيسة»
هكذا بعد أشهر من سقوط دولة «الخلافة» التعيسة، سقط «الخليفة» أيضاً، وانتهت معهما أسوأ حقبة على الشعبين #السوري_والعراقي، بعد حقبة #الأنظمة_الديكتاتورية، هذا التنظيم الذي ولد من خضم عمليات فروع تنظيم القاعدة في ظل تلك الأنظمة التي كانت ترى فيهم ملاذاً باختراقاته لهم تنظيمياً ومن ثم توظيف ذلك في ثبات حكمهم.

من خلال العمليات الأخيرة التي تم نبنيها، سيحاول التنظيم العودة بتلك المرونة التي انطلق بها لقيادة عمليات الإرهاب مجدداً، في خطوة سيعتمد على من تبقى من خلاياه النائمة لإعادة إنتاج ذاته. لأنه ما يزال قادراً على إلهام أشخاص لديهم أرضية «متطرفة» لقبول الأفكار الظلامية ومن مختلف دول العالم، على الرغم من أنه فقد ليس أعضائه فقط؛ وإنما الغالبية العظمى من خلاياه النائمة أيضاً، ولم يعد يملك أيّة إمكانية سوى تنفيذ هجمات صغيرة هنا- وهناك- من أجل لفت الانتباه، وإعطاء إشارات ولو كاذبة أنه ما يزال يمتلك تلك القدرة على الحركة في المناطق التي كانت تحت سيطرته، ذلك لا بد من إسقاطه في أي مكان يحاول التغطية على هزائمه، وهذه الطريقة ستكون الأنجع في إفشال مخططه والعودة على حساب العقليات الهشّة والمستعدة للموت من أجله.

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة