دمشق (الحل نت) – بعد الاجتماع الشهير الذي ضم كبار رجال الأعمال في #سوريا في فندق الشيراتون بأمر من حاكم مصرف سورية المركزي نهاية أيلول الماضي، بدأ قطاع #رجال_الأعمال بوضع الأموال في صندوق خاص، قال المركزي إنه “لدعم الليرة السورية باسم حملة عملتي قوتي”.

ووصل حجم الأموال في ذلك الصندوق إلى نحو مليار #دولار الشهر الماضي، أي بعد شهر من المبادرة، وفقاً لتصريح عضو غرفة تجارة دمشق (حسان عزقول).

التجار المساهمين في “دعم الليرة” يخشون ضياع أموالهم

وبحسب ما قاله مصدر من غرفة التجارة، لموقع (الحل نت)، فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن “التجار أجبروا على وضع الأموال في الصندوق خائفين من مصير مشابه لبعض رجال الأعمال، الذين صودرت أموالهم عبر قرارات الحجز الإحتياطي، أو اعتقلوا بتهم اقتصادية متعددة”.

فلم يكن أمام #التجار سوى الدفع، علماً أن مصرف سورية المركزي لم يطلعهم على أسلوب عمل المبادرة، وكيف تستطيع تخفيض سعر الصرف، وكل من دفع لا يعلم كيف يسترد أمواله لاحقاً، وكيف سيفيد الليرة السورية، بحسب المصدر.

وأعلنت غرفة تجارة دمشق، في البداية، التزامها بالإعلان اليومي عن سعر العملات الأجنبية بحسب سعر التدخل الخاص بالصندوق على أن يباع الدولار للمواطنين، وكل من يرغب عبر شركات الصرافة دون أي قيود، أو مطالبات لاحقة من قبل المركزي بدفع الفروقات أو توضيح سبب الشراء.

ولفت المصدر إلى أن “الدولارات عرضت للبيع في اليوم الأول عبر شركات الصرافة، بسعر 625 في 13 الشهر الماضي، بينما كان في السوق السوداء بحدود 650 ليرة، لكن عملية البيع للمواطنين لم تجذب أحد كون الآلية تشوبها العديد من الشكوك، وهي تنص على أن يطلب المواطن شراء مبلغ من الدولارات من شركة الصرافة ويضع ثمنه بالليرة السورية، ليأتي في اليوم التالي ويأخذ الدولارات بموجب وصل”.

ولم تستمر عملية البيع للمواطنين أكثر من 24 ساعة، وفقاً للمصدر، الذي أكد أن التجار أصيبوا بصدمة لعدم قدرتهم على قراءة آلية تصرف المركزي بأموالهم، وعدم اطلاعهم على ما يريد، وأضاف «سعر التدخل وصل بحسب #الإعلانات الصادرة عن #غرفة_تجارة_دمشق، إلى 600 ليرة للدولار، لكن لم يكن هناك بيع حقيقةً، ما لم يؤثر نهائياً بسعر #الصرف في #السوق_السوداء».

المركزي يوقف تمويل المستوردات… فها كشفت الخطة؟

بشكل غير رسمي، بدأ الترويج بأن أموال الصندوق ستذهب لتمويل إجازات استيراد التجار أنفسهم، كي لا يخسر المركزي من خزينته ولا دولار واحد على الاستيراد، وهنا توقفت غرفة التجارة عن تسعير الدولار.

وبعد مرور نحو شهر ونصف على بدء المبادرة واستمرار الغموض، الذي يلفها وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء إلى أكثر من 717 ليرة، خرج التجار عن صمتهم مؤكدين أن تمويل إجازات الاستيراد متوقف نهائياً أيضاً، ومصير الأموال في صندوق المبادرة مجهول، فهي لا تباع للمواطنين ولا يمول بها التجار، مشيرين إلى أنها شبه مصادرة.

ولم يكتف المركزي بتوقيف تمويل إجازات الاستيراد، بل أوقف منح الإجازات من أساسها، ملزماً بشكل غير رسمي، التجار بوضع 10% من قيمة أي إجازة يريدون الحصول عليها بالقطع الأجنبي، ليساعدهم في الحصول على الإجازات من وزارة الاقتصاد، لكنهم دفعوا ولم يحصلوا على شيء.

وانتشرت تصريحات لأمين سر غرفة تجارة حمص (أنطون داود)، وهو أحد المستوردين، يخرج بها عن صمته، ليعلن لأول مرة رسمياً أن إلزام التجار بإيداع نسبة 10% من قيمة إجازة الاستيراد بالدولار لصالح صندوق مبادرة دعم الليرة غير معلوم المصير، مؤكداً أن ذلك أحد أسباب ارتفاع سعر الصرف، لأن التاجر يلجأ لتأمينها من السوق السوداء، ما تسببت برفع سعر البضائع أيضاً، الأمر الذي انعكس سلباً على المستهلك.

وقبل داود، بيومين، كشف عضو غرفة تجارة دمشق (حسان عزقول) عن توقف منح تمويل للمستوردات نهائياً، بانتظار آليات جديدة يعمل عليها المركزي لتمويل المستوردات، ومنح إجازات الاستيراد، لكن حتى اليوم لم يعلن المركزي عن شيء بشأن ذلك.

تجار يتجهون إلى العقارات ويتخلون عن الاستيراد

وكشف أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق (فضل عدم كشف اسمه) لصحيفة محلية، أن الصعوبات التي يواجهها التجار في تمويل مستورداتهم، دفع البعض منهم إلى ترك الاستيراد والعمل في العقارات وغيرها من المجالات، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالات احتكار واسعة للسلع في الأسواق.

انتقاد حملة دعم الليرة كان ضمن الخطوط الحمراء، وكان يتهم من ينتقدها بأنه غير وطني، إلا أن عدم نجاحها على الأرض وزيادة سعر صرف الدولار بعد تطبيق الحملة أكثر مما كان عليه قبل الحملة جعلها محط الانتقاد من قبل الكثير من الاقتصاديين.

ومن المنتقدين رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة كل من اتحاد غرف الصناعة السورية وغرفة صناعة حلب (فارس الشهابي)، الذي أشار إلى أن الحملة “تعرقل الإنتاج والتصدير وتدعم الدولار أكثر من الليرة”.

هل وقع رجال الأعمال بالفخ وصودرت أموالهم؟

بدوره انتقد الخبير الاقتصادي (مؤيد.خ)، وهو تاجر أيضاً، آلية ما وصفه بـ “مصادرة أموال التجار من قبل حكومة النظام تحت مسمى وطني”.

وتابع “كان ذلك واضحاً منذ البداية، بأن الحكومة تريد مصادرة الأموال لأنها بحاجة ماسة للقطع الأجنبي، وازدادت هذه الحاجة مع بدء أحداث لبنان، التي صعبت تدفق العملة الصعبة والبضائع إلى سوريا، حيث كانت شركات الأوف شور هناك هي المصدر الرئيس للقطع الأجنبي”.

وأضاف “لم يكن هدف المبادرة منذ البداية دعم الليرة، بقدر ما كان الهدف منها رفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي لدفع بعض الفواتير نهاية العام ومنها فواتير النفط لإيران وغيرها من فواتير القمح لروسيا، حيث تحتاج الحكومة مع نهاية كل عام ميزانية خاصة من القطع الأجنبي لدفع ما عليها”.

هبوط الليرة يزيد أرباح المركزي من دولارات التجار

وأشار الخبير الاقتصادي (مؤيد.خ) إلى أن “الحملة كانت بمثابة استدانة حكومية من التجار لكن بالإكراه وبالسعر، الذي تريده، حيث حصل التجار المودعون على سندات بما أودعوه، لكن دون تحديد مدة لاستعادة أموالهم ولا السعر، الذي اشترت به الحكومة منهم الدولارات به، حيث تم التأكيد لهم أن المركزي سيعطيهم ثمن دولاراتهم بسعر وسطي بين السوق السوداء حين الإيداع وسعر التدخل لكن بعد استقرار سعر الصرف”.

وأوضح في تصريحات لموقع (الحل نت) أن “هذا يعني أنه كلما ارتفع السعر في السوق السوداء، تزداد أرباح المركزي من دولارات التجار حيث سيعيد لهم مبالغاً أقل من السعر الرائج”.

وتابع أن “توجه جميع التجار نحو السوق السوداء لتمويل مستورداتهم بعد توقف المركزي عن تمويلهم، زاد من الطلب على الدولار وخفف العرض ورفع السعر”، مؤكداً أن “تعطل تصدير المنتجات السورية والتركيز على الاستيراد، ضرب الليرة السورية وجعلها تنهار أكثر فأكثر”.

وأقر وزير الاقتصاد في الحكومة السورية (محمد سامر خليل)، في تشرين الثاني 2018، بحدوث ما وصفه بـ “طفرة” ارتفاع صرف سعر الدولار في نهاية كل عام، خلال جلسة لمجلس الشعب، دون تحديد السبب، وجاء ذلك مع وصول سعر الدولار حينها إلى 500 ليرة بعد استقراره مدة عام على 450 ليرة، علماً أن سعر الدولار سجل 500 ليرة أيضا نهاية 2017.

بدوره أكد خبير اقتصادي يدعى (شادي الأحمد) حينها، أن ارتفاع سعر الصرف مع نهاية كل عام أمر موسمي مرتبط بدفع فواتير استيراد المشتقات #النفطية الخاصة بفصل الشتاء.

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.