هل تكون مظاهرات مدينة الباب نقطة التحوّل في مدن الشمال؟

هل تكون مظاهرات مدينة الباب نقطة التحوّل في مدن الشمال؟

أعقب الانفجار الذي وقع في مدينة الباب، الواقعة شمال شرقي سوريا والخاضعة لسيطرة الفصائل السورية المدعومة تركياً، أمس الأحد، والذي خلف أكثر من ١٥ قتيلاً مدنياً وعشرات الجرحى، خوفاً واستياءً كبيراً لدى سكانها، من تكرار مثل هذه الحوادث، وخاصة بعد أن شهدت المدينة خلال الأيام القليلة الماضية انفجار ثلاث دراجات نارية مفخخة، وسيارة تم تفكيكها قبل أن تنفجر.

انتقد الأهالي عمل الأجهزة الاستخباراتية التركية، والشرطة العسكرية والمدنية وعلى رأسهم الجيش الوطني بالتسيب والإهمال، لعدم قدرتهم على ضبط هذه الانتهاكات المتكررة، والتي أودت بحياة مدنيين أبرياء ضمنهم نساء وأطفال وتخريب العديد من الممتلكات.

حالة حرب
يقول أبو أحمد (أحد مهجري الشرقية في المدينة) لموقع «الحل نت»، إن: «الاستخبارات التركية والمتعاونين معها من أهالي المنطقة، لديهم قدرة عجيبة على معرفة أيّ حديث؛ أو نقد؛ أو منشور يسيء لعمل الجيش التركي والمخابرات التابعة لها أو الجيش الوطني، أما موضوع الأمن الذي يخص البلد فالأعذار جاهزة دائماً، نحن في حالة #حرب، حيث يبدو التناقض واضحاً وجلياً هنا في حديثهم عن تأمين المنطقة وعودة #اللاجئين إليها».

وأكثر ما أثار حفيظة أهالي المدينة، تصريح المخابرات التركية عن قيامها بعملية استخباراتية ناجحة بالقبض على منفذ عملية مدينة الباب، وعن ذلك تحدث سعد (ناشط مدني من الباب) لموقع «الحل نت»، قائلاً: إن «العملية تكون ناجحة إذا تم إفشالها قبل وقوعها، أما القبض على منفذ العملية فهو من أبسط الواجبات التي يجب أن تقوم بها المخابرات التركية والجيش الوطني بوجود كاميرات المراقبة في كل زاوية من زوايا سوق المدينة» وفق تعبيره .

إضراب عام
جاءت الدعوات لإضراب عام في مدينة الباب، بسبب تخوف الناس من عدم إنزال حكم عادل في منفذ العملية بعد أن تم القاء القبض عليه وتسليمه للمخابرات التركية، يقول (عبدالرحمن. ص) وهو أحد نازحي الغوطة في المدينة، إن «كان الجيش التركي والجيش الوطني، قاموا بتسليم عناصر النظام الذين وقعوا أسرى في مدينة #رأس_العين، فكيف لنا أن نثق بأنهم سيقومون بإنزال حكم عادل في هذا المجرم»، على حد قوله.

لاقت دعوة الاضراب قبولاً واسعاً لدى عموم الأهالي وكانت الاستجابة أكثر من ثلثيّ المحال التجارية وأصحاب العربات، وأيضاً شاركت المدارس من معلمين وطلاب بنسبة كبيرة، وترافقت باعتصامات صباحية كانت في غاية الانضباط، ما أثار حفيظة الوالي التركي في المدينة، والذي سارع لعقد اجتماع ضم وجهاء وأعيان ومثقفين وناشطين وعسكريين لأهالي الباب، إذ توحدت مطالبهم جميعاً بإنزال عقوبة الإعدام بمنفذ العملية، وذلك في مكان التفجير، حتى يكون رادعاً لغيره.

«نرفض الوالي»
إلا أن استجابة الوالي، لم تكن على قدر ألم ومصاب الناس في المدينة، إذ تذرّع بأن التحقيقات تحتاج لمزيد من الوقت، لمعرفة الشبكة المرتبطة به، على حد زعمه. ولم يكتف بذلك بل استبعد تنفيذ حكم الإعدام، ما أثار غضب أحد ذوي الضحايا الحاضرين للاجتماع، ليوجه كلاماً قاسياً للوالي، بأنك «تلف وتدور وتحاول تمييع وتضييع القضية»، ليقوم الحاضرين بتهدئته وإخراجه من مكان الاجتماع على الفور.

على الرغم من التوتر الذي حصل، طلب الوالي من الأهالي بالعدول عن الاضراب ومتابعة الحياة وترك الأمور لأهل الاختصاص، وفقاً لقوله.

أخبر المجتمعون بعد ذلك الأهالي بما دار بينهم وبين الوالي خلال الاجتماع، لتتجدد على إثره المظاهرات والاعتصامات بزخم أكبر، لترد الشرطة المدنية بإطلاق النار عليهم. ووفقاً لشهود عيان من المدينة، كان هناك مجموعة من الشباب الملثمين والحاملين للسلاح يتجولون في الطرقات، دون أن تحرك الشرطة ساكناً نحوهم، ترافق ذلك بالهجوم على الممتلكات العامة وتخريبها من قبلهم ومن ضمنها مركز “PTT” التركي ليتهموا المتظاهرين بتخريبه.

تخويف الناس
(فداء) من أهالي مدينة الباب، واكتفى بذكر اسمه الأول لسلامته الشخصية، تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: إن «أولئك الملثمين هم من المحسوبين على المخابرات التركية، والجيش الوطني، والشرطة المدنية وهم ليسوا غريبين عن أهالي المدينة، قاموا بذلك لأجل ترويع وتخويف الناس بأن هذه المظاهرات والاعتصامات لن تجلب لهم سوى الخراب والدمار والقتل» وفق تعبيره.

يذهب أبو علي ( نازح من ديرالزور في المدينة) بعيداً في التحليلات ويربط التفجير بأكثر من قضية، موضحاً أن «التفجير الذي حدث هو من عمل المخابرات التركية وخاصة بعد الاستياء الحاصل بين الناس نتيجة عملية (نبع السلام)، فلا أهداف محققة واضحة، ولا أمن في ظل وجود معظم المتنازعين، وبالتالي ما حدث كان العكس تماماً حصار يقع على أهالي الشمال المحرر وارتفاع في أسعار الوقود».

الحقائق تظهر
وصلت تطورات الأوضاع في مدينة الباب، مع الشعارات التي نادت بها، إلى مرحلة تنذر بخطورة شديدة، تارة بسبب الضغط على الأهالي الذي وصل لمرحلة الانفجار ولم يعد يتحملوا طريقة التحكّم بحياتهم ومستقبلهم، وتارة أخرى ما يتعرض له المدنيين عند كل انعطافة، والتي عند أيّ مطلب حساس يتعرضون للعنف والقتل غير المبرر، وما استخدام الرصاص الحي، والسيارات المفخخة إلا البداية في رفض كل من يعرض أمنهم للخطر، والاتهامات التي تطلق عند كل اختراق أمني لم يعد يصدقه أحد من الأهالي، خاصة وأن الغالبية تعرف بعضها والأخبار والتسريبات تتناقل بسرعة وتتكشف الحقائق. ويبقى السؤال: هل تكون هذه المظاهرات التي نادت بكل قوتها (الباب حرة حرة والتركي يطلع برا) نقطة التحوّل في مدن الشمال؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.