تتفاقم ظاهرة الخطف في محافظة #السويداء مع استمرار التراخي الأمني، حيث باتت العصابات تقوم بعمليات الخطف وسط المدينة وفي وضح النهار، مما أثار أستياء الأهالي، محملين الجهات الأمنية المسؤولية عن هذا الأمر، فيما تتخوف تلك الجهات من تفاقم الأوضاع في حال أقدمت على التدخل بقوة لمكافحة هذه الظاهرة.

وساهم في ازدياد الاستياء الشعبي سعي الجهات الأمنية لإجراء تسويات لعصابات الخطف بهدف احتوائها في وقت لا يزال المجتمع الأهلي في المحافظة عاجزاً عن اتخاذ إجراءات للحد من هذه الظاهرة.

ظاهرة الخطف مستمرة.. والفدية تصل حتى مليون دولار
تشهد محافظة السويداء منذ عدة سنوات ظاهرة الخطف، بدأت مع بداية الأزمة حيث كانت آنذاك لمبادلة مخطوفين من السويداء مع #درعا، إلا أن هذه الظاهرة تطورات وأصبحت تستهدف أبناء النازحين إليها من باقي المحافظات من جهة، وأبناء المحافظة ميسوري الحال من جهة أخرى.

وتم خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر اختطاف كل من محمد علي ديب 70 عاماً ومحمد نوري الحاجي 45 الذين ينحدران من جبل الأكراد في #اللاذقية، خلال قدومهما إلى السويداء بقصد التجارة، والمواطن بسام محمد غالب زينو، من أمام منزله الكائن غربي المستشفى الوطني في مدينة السويداء، وينحدر زينو من ريف دمشق، مقيم في السويداء منذ عدة سنوات.
كما تعرض المواطن جمال الشعار من #دمشق يوم 7 من الشهر الجاري للخطف على يد مسلحين يستقلون سيارة فان ذات لون فضي، على الكورنيش جنوب دوار الثعلة في مدينة السويداء.

وتشير الإحصائيات إلى أن حالات الخطف في السويداء تتراوح بين 15 و30 حالة خطف شهرياً وذلك بهدف الحصول على فدى مالية.

وتصل الفدية للإفراج عن المختطفين الى عشرات الملايين، فيما طلبت فدية للإفراج عن خلدون القاضي الذي خطف في تموز الماضي وهو من أبناء المحافظة يعمل صائغ الى مليوني دولار، إلا أنه تم الأفراج عنه مقابل 30 مليون ليرة، فيما لا يزال الشاب ليث جمول مخطوفاً منذ أواخر أيلول الماضي مطالبين بمليون دولار للإفراج عنه.

الخطف المضاد.. يسهم في تحرير مختطفين
عادت ظاهرة الخطف المضاد في درعا لمواطنين من السويداء إلى الظهور في الأيام الأخيرة في محاولة من الأهالي لتحرير مواطنين مختطفين في السويداء.

وتم اختطاف 5 مواطنين من السويداء في قريتي أم ولد والمليحة الشرقية وسائقين على خط دمشق عمان بعد معبر نصيب تم الإفراج عن بعضهم بعد إطلاق سراح عدد من المختطفين بدرعا وذلك بعد تدخل القوات الروسية في المنطقة الجنوبية في ملف الخطف، حيث قدم الجانب الروسي وعوداً بالعمل على وقف عمليات الخطف بين درعا والسويداء وفق وسائل تواصل الاجتماعي.

وكان متابعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قد طالبوا وجهاء السويداء ودرعا للتدخل لحل قضية الخطف المتبادل خوفاً من تطور الأمور وحدوث توتر بين سكان المحافظتين.

تحركات للمجتمع الأهلي للحد من ظاهرة الخطف.. وتخوف من صدام داخلي
كشف مصدر محلي متابع لموضوع الخطف (فضل عدم الكشف عن اسمه) لـ “الحل نت” أنه “يجري حالياً الاعداد لعقد اجتماع موسع في بلدة عرى يضم الهيئات الاهلية وزعماء العائلات لاتخاذ إجراءات لمكافحة ظاهرة الخطف ومنها رفع الغطاء عن الأفراد الذين ينتمون لعصابات الخطف ووضع حد لها”.

وقلل المصدر من أهمية هذا الإجراء في إيجاد حل لهذه الظاهرة ما لم يكن هناك قرار حاسم من الجهات الأمنية في التعامل معها” مشيراً إلى أن “الخطاب الرسمي لايزال حتى الآن يرى بأن ما يحدث في محافظة السويداء هو احداث جنائية وإن النظام لا يريد التورط في نزاع في المحافظة”.

وأوضح المصدر أن “هذه الاجتماع يأتي بعد تهديد عدد من الفصائل بقطع الطريق عن مدينة #صلخد في المحافظة بسبب وجود مخطوفين لدى أحد العصابات هناك والذي كان من الممكن أن يسفر عنه صدام داخلي لولا تدخل العقلاء وتهدئة الموضوع”.

وشهدت دار طائفة المسلمين الموحدين الدروز بمدينة السويداء، في 11 تشرين الثاني الجاري اجتماعاً يضم أهالي المواطنين المختطفين من السويداء في درعا، مع شيخي عقل الطائفة يوسف جربوع وحمود الحناوي.

وطالب الأهالي “بحل حاسم لموضوع الفلتان الأمني وأخذ الدولة دورها لبسط الأمن والأمان وخاصة أن الأوضاع تشهد توتراً كبيراً وتغيب كامل للجهات الأمنية لمواجهة هذه الظاهرة”.

وكانت اللجنة الدينية الوطنية قد أصدرت في أواخر شهر آب الماضي بياناً بعد اجتماع أعيان المحافظة بخصوص الخطف وأعمال القتل والسرقة التي تفاقمت في المحافظة، دعت فيه إلى تفعيل الحرم الديني والاجتماعي بالبعد والطرد والهجر على كل من يثبت تورطه بأعمال خارجة عن القانون والأعراف والعادات والتقاليد.

كما دعت مؤسسات الدولة والأجهزة المختصة أن تأخذ دورها بفعالية وتسارع إلى اجتثاث هذه الظواهر ومكافحتها ليعود “الأمن والأمان الى المجتمع”.

التراخي الأمني سبب رئيسي في تفاقم الخطف.. وفصائل محلية تعمل نيابة عن الدولة

يرجع الكثير من أهالي محافظة السويداء تفاقم الخطف إلى تراخي الجهات الأمنية في التعامل مع عدد من الظواهر التي شهدتها المحافظة.

وعبر الأهالي في العديد مع الاجتماعات مع مسؤولين والجهات الأمنية بأن عدداً من المطلوبين بجرائم الخطف والسرقة ولاسيّما قادة العصابات يحملون بطاقة أمنية تحميهم، فيما اتهمت الجهات الأمنية بالتستر على الخاطفين بحسب حاضرين لهذه الاجتماعات.

وبلغ التراخي ذروته بأن تلك الجهات الأمنية لم تعتقل أحداً من متزعمي عصابات الخطف (فداء العنداري) بعد دخوله مشفى في مدينة السويداء لا يفصله عن قيادة الشرطة سوى شارع واحد، علماً بأن العنداري اختطف نحو 15 عنصراً من الجهات الأمنية مقابل الإفراج عن والده المتورط بتلك الجرائم.

وقال مصدر في أحد الجهات الأمنية لـ “الحل نت” (رفض الكشف عن هويته) إن “الشرطة لم تتدخل في السنوات الأخيرة فيما يخص ظواهر الخطف خوفاً من الصدام مع الأهالي وبعض الفصائل” لافتاً إلى أن “نشاطهم يقتصر على عملهم الروتيني المتعلق بتنظيم الضبوط اللازمة بعد ادعاء ذوي المخطوفين”.

وتابع المصدر: إن “معظم ادعاءات ذوي المخطوفين قيدت ضد مجهولين.. هناك شهادات واعترافات على بعض الأشخاص بانهم قاموا بعمليات خطف لكنه لم يتم توقيف أحد منهم” رافضاً إعطاء مزيد من التفاصيل.

وشهدت المحافظة خلال السنوات السابقة الكثير من الأحداث كمهاجمة فروع أمنية بهدف إطلاق سراح معتقلين منهم مطلوبون بجرائم جنائية، بالإضافة الى التعدي على الجهات العامة دون أن تتخذ الجهات المختصة أية إجراءات بحق المهاجمين.

ونتيجة عدم قدرة الجهات المختصة على الحد من ظاهرة الخطف والقضاء عليها، قامت الفصائل المحلية في المحافظة والتي تشكلت خلال سنوات الأزمة بلعب دور في “تحرير المختطفين” من خلال التفاوض مع الخاطفين.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد تداولت مؤخراٌ تسجيلٌا صوتياٌ لمفتي الجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون يطالب فيه أحد قادة الفصائل (معتز مزهر) بالتدخل للإفراج عن أحد أقاربه المختطف في السويداء علماٌ أن مزهر متهم بعمليات خطف وقتل وغيرها.

العقوبات بحق المخطوفين تصل إلى الإعدام.. والجهات الأمنية تسعى للتسوية!

سعت الجهات الأمنية بعد صدور مرسوم للعفو في أيلول الماضي إلى إجراء تسويات مع عصابات الخطف والقتل والسرقة في محاولة منها لاحتوائها إلا أن هذا الأمر لم يكتب له النجاح.

وتشير المعلومات التي نقلتها مصادر إعلامية إلى أن عدداً من المتورطين في الخطف استفادوا من هذا المرسوم فيما رفضت أخطر عصابة في هذا المجال (عصابة عريقة) إجراء تسوية، بعد لقائها مرتين بمتزعم فصيل حماة الديار الشيخ نزيه جربوع الذي تم تكليفه من قبل أمن الدولة للتواصل مع تلك العصابة بسبب وجود ادعاءات شخصية على بعضهم ولكونهم مطلوبين لخدمتي التجنيد الإجباري والاحتياطي.

فشل تلك التسويات، دفع بوزير الداخلية في 6 تشرين الثاني الجاري إلى القول بإن “هناك مجموعة من حملة السـلاح وهم زعـران يزعجون أهالي المحافظة والدولة حتى إن البعض منهم مرتبط بجهات خارجية”، لافتاً إلى أن هذه المسألة تحتاج إلى “حكمة وتدبر”.

بالمقابل، رد الصحفي أسامة أبو ديكار على حسابه على الفايسبوك على وزير الداخلية بالقول إن “الزعران الذين وصفتهم بأنهم يزعجون أهالي السويداء والدولة بعمليات الخطف، معروفون لديكم بالاسم والعنوان.. وأجريتم لهم مصالحات، فلذلك هم معروفون لديكم”، داعياً إلى “كشف ارتباطات هؤلاء بالخارج.. وتطبيق القانون”.

بدورها، قالت المحامية (ص. ف) إن “موضوع التسويات مع عصابات الخطف أثار استياء لدى الكثيرين من أبناء المحافظة بدلاً من تقديمهم للقضاء”، مشيرة الى ان “موضوع التسويات يضر بهيبة الدولة”.

وعن العقوبات القانونية بحق المتورطين، قالت (ص. ف) إن ” القانون رقم 21 لعام 2012 حدد عقوبة الخطف بالأشغال الشاقة من 10 إلى 20 سنة وبالغرامة ضعف قيمة المبلغ من “خطف بالعنف أو بالخداع شخصا بقصد طلب الفدية”، ويحكم بالحد الأقصى للعقوبة إذا وقع الفعل على “حدث لم يتم الثامنة عشرة من العمر” فضلا عن الغرامة المذكورة”.

وتابعت (ص. ف) أنه “تم تشديد العقوبة بموجب المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2013 على الخطف بقصد “تحقيق مأرب سياسي أو مادي أو بقصد الثأر أو الانتقام او لأسباب طائفية او بقصد طلب الفدية”، بالأشغال الشاقة المؤبدة فيما تشدد العقوبة لتصل الإعدام إذا نجم عن جريمة الخطف وفاة احد الأشخاص أو حدثت عاهة دائمة للمجني عليه او قام الفاعل بالاعتداء جنسياً على المجني عليه.

تراجع النشاط الاقتصادي بسبب الخطف

قال الباحث الاقتصادي (ز ح) إنه نتيجة للأزمة نتج عنها ما يسمى اقتصاد الحرب والذي نتج عنه عدة مكونات سلبية ومنها الخطف والذي تسبب في تحقيق مكاسب مالية كبيرة للعصابات بالخطف من جهة وإرباك الآلية الاقتصادية في المحافظة من جهة أخرى.

وأضاف (ز ح) أن “أحد نتائج ظاهرة الخطف تبخر ثروات ذوي المخطوفين في المحافظة من خلال الفدى الكبيرة التي كانت تصل الى عشرات الملايين للخاطفين الذين اعتمدوا على وسائل ترهيب وصرفها بطرق غير شرعية وعدم استثمارها من قبل أصحابها بمشاريع حقيقية”.

وأردف “كما تراجعت اعداد المغتربين من المحافظة من زيارتها بسبب تخوفهم من الخطف وتراجع الوضع الأمني في المحافظة مما أدى إلى انخفاض في العملة الصعبة وتراجع المشاريع الاقتصادية والاستهلاك المحلي”.

وتابع (ز ح) أنه “بسبب الخطف أصبح هناك تخوفاً من قبل التجار والمستثمرين من القدوم إلى المحافظة بسبب ارتفاع المخاطر”، لافتاً إلى “تغير أسلوب التعاملات التجارية من خلال “ادفع أولا” للحصول على البضائع بدلاً من الأسلوب المتبع مسبقاً “ضد الدفع” وذلك بعد حالات عدة شهدت خطف شاحنات محملة بالبضائع وسائقيها حيث اسهم هذا كله في ارتفاع الأسعار في المحافظة من جهة وتأثر التجار الصغار من جهة ثانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة