احتراق المنطقة أم احتراق النخبة السياسية الفاسدة؟ أيّ الضفتين سيختار العراق؟

احتراق المنطقة أم احتراق النخبة السياسية الفاسدة؟ أيّ الضفتين سيختار العراق؟

علي مراد

في خوارزميات السياسة، تبحث القِوى العالمية عن الربح والخسارة كمعادل سياسي واقتصادي واستراتيجي في كل حدث سياسي كبير، وحدث مثل الثورة التي يقوم بها شباب العراق اليوم والذي غيّر معادلات كبيرة بأقل فترة ممكنة وأهمها استقالة حكومة #عادل_عبد_المهدي واستمرار #الاحتجاجات لمطالب أكبر تشمل تغيير #الدستور_العراقي واستبدال مفوضية الانتخابات وغيرها من مطالب، لا يمكن المرور عليها مرور الكرام عند قوى العالم والمنطقة.

وبأقل تقدير تبحث الأذرع الخارجية المتدخّلة بالوضع السياسي والاقتصادي العراقي عن خسائرها وأرباحها في القادم من الأيام العراقية، وقد يطفو على سطح الشعارات الاحتجاجية التي تحملها ثورة الشباب (ايران برّا برّا، بغداد تبقى حرّة) وهذا ما تأكد مصداقيته على أرض الواقع في حرق #القنصليات_الايرانية في #النجف وكربلاء والبصرة من قبل المحتجّين.

سياسياً، خسرت #إيران ثقة #الشعب_العراقي بنخبته السياسية التابعة لها، لسوء إدارتهم للبلد لما خلفوه من قتل ودمار وفساد وسرقة في مرحلة حكمهم، وأصبح اليوم الساسة الذين يعلنون تبعيتهم لولاية الفقيه الايرانية مرفوضين تماماً في المجتمع العراقي، وخصوصاً في المناطق والمحافظات الشيعية المنتفضة.

أما اقتصادياً، خسرت إيران سوق العراق، وأصبح المنتج الإيراني مرفوض من قبل عامة الناس تعبيراً لرفض الشعب العراقي للتسلط الاقتصادي الإيراني على السوق العراقي، وهناك حملات كبرى تطالب بعودة المصانع والمعامل والزراعة لتحل محل الاستيراد الإيراني.

قد تكون إيران أكبر الخاسرين في هذه المرحلة لأن خسارة العراق كحليف شعبي متضامن مع القضايا الإيرانية هو بمعنى إغلاق النافذة الأكبر التي تستنشق منها إيران الحياة، لأن العراق الذي اعتبرته إيران حديقة خلفية لنزهتها الاقتصادية والحربية والاستراتيجية، لم تفهمه جيداً، أو بالأحرى لا تريد الاعتراف إن إيران إن لم تستمد ثقتها من العمق العراقي لم يبقى هناك حكم شيعي في إيران.

العراقي اليوم يستنكر الاصطفافات الإقليمية، خصوصاً الموقف القطري الذي كان من المواقف المساندة للحكومة العراقية التي قمعت الشعب في احتجاجاته الأخيرة، وقد يكون الموقف الخليجي موقفاً ضعيفاً حفاظاً على المزاج الطائفي.

ومن مبدأ الربح والخسارة لا تريد #السعودية فقدان اتزانها، خصوصاً مشاكل السعودية الإقليمية الأخيرة وتبعاتها التي أضعفت سياستها الخارجية في المنطقة، ومن الواضح أن السعودية حذرة جداً من التعاطي مع الأوضاع العراقية الداخلية.

كل هذا، يأتي تزامناً مع الموقف الأممي في #مجلس_الأمن_الدولي الذي استنكر الجرائم التي ألحقتها #الحكومة_العراقية والميليشيات بالمحتجَين السلميّين، وهذا ما يدعو #العراق للتأهب إلى تغيّر الاستراتيجيات الإقليمية، وتغيّر ملامح مرحلة سياسية واقتصادية.

أمّا عراق كدولة محترمة سياسياً ذات موقف سيادي لا تسمح للعبث بداخلها من قبل دول الجوار حسب ما يريد المواطن العراقي المحتج اليوم، أو عراق شبيه بما حصل بسوريا من دمار، حسب ما يلوح له الساسة المرتبطين بلسان إيران.

في المحصلة إن الملامح الاستراتيجية ستتغير، وما يعيشه العراق اليوم هو مرحلة عبور إلى ضفّة، لكن أية ضفّة؟ ضفّة احتراق المنطقة أم ضفّة احتراق النخبة السياسية الفاسدة واستبدالها بنخبة توازن داخلي وإقليمي؟

هذا ما على دول المنطقة أن تختاره وخصوصاً الطرف الإيراني المتعمق بباطن العراق، لأن احتراق العراق سيحرق كل من حوله وهذا ما أثبتته الاحتجاجات الإيرانية التي انبثقت من عدوى الاحتجاج العراقي، وليحدد من يريد احتراق العراق أن يكون هو الخاسر الأكبر في هذه اللعبة، لأن العدوى ستلاحقه أولاً قبل غيره.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة