بين ميلاد وميلاد.. ما الذي تغيّر في دمشق؟

بين ميلاد وميلاد.. ما الذي تغيّر في دمشق؟

أنهت الحكومة السورية تواجد الفصائل المعارضة المسلحة في محيط دمشق بشكل كامل في أيار 2018، وبدأت تتحضر بشكل تدريجي لاحتفالاتها وكرنفالاتها بـ “النصر المبين”، وجاءت ذورة هذه الاحتفالات خلال فترة كانون الأول من العام الماضي، إذ تجهزت الساحات والأماكن العامة بالإضاءة والزينة، بالتزامن مع أعياد الميلاد ورأس السنة.

واعتقد معظم سكان دمشق أنها بداية نهاية الحرب، وصفحة جديدة في عمر العاصمة، لكن الواقع الحقيقي بدأ يظهر مع بداية الشهر الأول من العام 2019، مع أزمة محروقات خانقة تفاقمت بشكل كبير، ووصلت طوابير السيارات المصطفة على أبواب محطات الوقود إلى عشرات الكيلو مترات، في كل المدن السورية.

ويبدو أن وجه المدينة قد تغيّر بعد عام كامل، إذ تبدو شاحبة ومتسخة ومظلمة، حيث ازداد التقنين الكهربائي بنسبة 50% خلال الأشهر الماضية، وتضاعفت الحاجيات للمشتقات النفطية مع انعدام الكهرباء، بالإضافة إلى موجة غلاء غير مسبوقة، بالتزامن مع انهيار تاريخي لليرة السورية، بعد أن قاربت قيمة الدولار الواحد حوالي ألف ليرة، قبل أن تستعيد شيئاً من قيمتها، دون أن ينعكس ذلك على الأسعار التي ارتفعت ولم تنخفض مرة أخرى.

ومن يجول في شوارع دمشق، لا سيما تلك المناطق التي كانت تشتهر بزينة الميلاد، سيجد تلك الشوارع مظلمة، والمنازل خالية من الناس، ومعظمها مغلق بشكل كامل بعد ان سافر السكان أو هاجروا إلى غير رجعة.

ورغم محاولات العديد من الجمعيات الأهلية وضع الزينة وأشجار الميلاد والمغارات، إلا أن الاحباط يُسيطر بشكل كبير على الشارع مع الفقر الذي انتشر في الآونة الأخيرة، ولا حديث سوى عن الأسعار والغلاء والدولار.

أما في داخل المنازل، فاعكتفت الكثير من العائلات عن وضع شجرة الميلاد في منازلها، أو اكتفى البعض الآخر بإخراج الشجرة القديمة مع زينتها، دون أية إضافة جديدة عليها، بعد أن بلغت قيمة زينة شجرة الميلاد إلى حوالي مئة ألف ليرة سورية، في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط المرتبات الشهرية (بعد الزيادة الأخيرة) ما لا يتجاوز الـ 70 ألف ليرة.

ومع العلم أن الكثير من العوائل غير المسيحية اعتادت على وضع الشجرة كطقس سنوي يُدخل البهجة إلى المنازل، والسعادة للأطفال، لكن نزوح العديد من السكان دفعهم لأخذ الحاجيات الضرورية معهم، دون اصطحاب شجرة الميلاد معهم إلى حيث نزحوا.

تختلفُ الحياة بين سنة وأخرى في دمشق، لكن السنة الأخيرة كان اختلافها واضحاً وظاهراً من خلال المظاهر الاجتماعية والاقتصادية، وبات معظم سكان العاصمة مُدركين أن نهاية العمليات العسكرية لم يكن يعني أبداً نهاية للحرب في البلاد، بل ربما بشكل أو بآخر كانت بداية أخرى.. بداية للصعوبات الاقتصادية!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.