علي مراد

كانت الأشهر الأخيرة من سنة 2019 ثقيلةً جداً على ساسة العراق، استنفارٌ تام وقلق مستمر لقادة الكتل ككل وبالأخص من يمثلون ما يسمى “البيت الشيعي”.

خطأ تكتيكي في سياسة حكومة #عادل_عبد_المهدي في طريقة مجابهتها وقمعها للتظاهرات السلمية، جعل الكابينة وصقور السياسة العراقية جميعهم يدفعون الثمن، هذا الخطأ نثر الدم في شوارع #العراق بمئات القتلى وآلاف الجرحى، وجعل المشهد أمام مفترق يحمل أكثر من طريق لعراق 2020.

المُبهم في هذه الطرق هو تلويح إعلام الأذرع المستفيدة من المد الإيراني بأن هناك حرب أهلية على الأبواب، بتصريحاتٍ صريحة مفادها: أمّا أن تسير الأمور مثلما هي عليها أو الذهاب في طريق الفوضى.

على ماذا تتكئ هذه الأذرع في إعلانها الصريح وتلويحها الواضح عن الحرب الأهلية والفوضى؟ الواضح في الأمر إن الإعلان عن حرب أهلية وبداية فوضى هو خطّة لنسف التظاهرات وتشتيت الدعم لها من قبل الجماهير العراقية، ومصداقية هذا الوضوح ظهر جليّاً في عمليات الاغتيال والجرائم المنظمة والخطف التي جاءت لترويع الناس وتذويب الاحتجاجات وقلب الرأي العام ضد المحتجين.

لكن هل تزيد هذه الأعمال لترتقي في المشهد إلى حربٍ أهلية بمعناها الحقيقي؟

من يبحث في سياسة #إيران في تعاملها مع الجنوب والوسط العراقي الذي هو على تماس مع إيران، يعرف تماماً أن ليس من مصلحة إيران توجيه أذرعها إلى القيام بحرب أهلية، لأن الخاسر الأكبر في هذه اللعبة هو إيران ومن ينمو تحت عباءتها في العراق.

وكل ما يحصل اليوم من ترويعٍ للسلم الأهلي الذي يقوم به الملثمون من الميليشيات في الشارع العراقي، هو خطوة لمسك الأرض وإعلانٌ عن الوجود ليس إلّا، وكلما ازدادت هذه الأعمال ضراوة؛ كلما تحوّل المدافعون عن نظام إيران إلى أعداء.

أمّا الطرق الأخرى التي ستهديها نهاية 2019 لصديقتها القادمة 2020 للعراق والعراقيين، أوضح الطرق التي تلوح بالأفق إن الكتل السياسية عازمة على وأد الفوضى وتذويب الاحتجاجات بتنفيذ المطالب.

خصوصاً بعدما ذاقت الكتل السياسية الحاكمة الصفعة ومضغت مرارة الرفض الشعبي لتنحني مطيعة بالإكراه للإرادة الشعبية، لكن ليس من السهل على رؤساء الكتل الإذعان تماماً لما يريد الشعب، فما ينقل عن الغرف السرّية إن قادة الكتل والأجنحة السياسية يخططون لاستبدال خطوطهم الأولى بدماء جديدة، ضمن عناوين مدنية ووطنية وربما علمانية، لكنها مدعومة بطريقة أو أخرى من قبل رؤساء هذه الكتل، لتنفيذ أجندات سياسية واقتصادية لها نفس الارتباطات الخارجية السابقة بنتائج مرضية نوعاً ما للشعب.

قد تكون 2020 بدايةً لعراقٍ جديد، عامٌ قد يضحي به الساسة بفريق من الفاسدين ومجموعة من القتلة إرضاءً للجماهير الثائرة، وقد يكون عاماً لإصلاحات ترضي الشعب المنتفض شكلياً، قانون انتخاباتٍ جديد ودستور جديد ومفوضية عليا للانتخابات بغطاءٍ أممي.

لكن ما يتم التحضير له من قبل الكتل الكبيرة من أساليب التماهي والتقمص لأدوار جديدة لشخوص تم زجهم للواجهة كمعارضة، يقفون بجانب الاحتجاجات، لكن سبيلهم هو سبيل حزبي خالص، هذا المسار الجديد الذي تنتهجه الأحزاب خصوصاً الدينية منها، هو لتجميل الصورة المشوّهة التي تركتها أحزاب السلطة على وجه العراق، وبناء اسطولٍ سياسي بوجوه شبابية جديدة لخلط الأوراق والوجوه المدنية والوطنية.

العراق الجديد الذي ستلفظ أسمه 2020 بنغمةٍ أخرى، ينبّئونا بأن هناك لهجة جديدة ستدخل في لغة الإعلام السياسي هي لهجة “التخوين والوطنية” بين فريق مدني خالص وفريق مدني مزيف، قد تظهر محاسن هذه اللهجة على الشارع العراقي في الشعور بالانتماء الوطني.

لكن ستنعكس سلباً إن لم يتحلّى الشارع نفسه بالوعي وفرز الوجوه الحقيقية من المزيفة، خصوصاً وإن دور الشارع العراقي سيكون في القادم من الأيام قويّاً في التحكم بمقود السياسة العراقية.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة