هل يمكن التخلي عن فئة 2000 ليرة في الشمال السوري من دون بدائل؟

هل يمكن التخلي عن فئة 2000 ليرة في الشمال السوري من دون بدائل؟

ألقت مسألة الانهيار المتسارع لهبوط الليرة السورية على مدار الشهرين الماضيين بظلالها على حياة المدنيين على امتداد الجغرافية السورية، دون أن تفرق بين مناطق تابعة للحكومة السورية؛ أو المعارضة أو الإدارة الذاتية، على اعتبارها العملة السائدة والأكثر تداولاً بين السوريين، رغم الدعوات المتكررة لمقاطعتها خصوصاً في الشمال السوري، واستبدالها بالعملة التركية، والتي لم تلق صدى على مدار السنوات الماضية.

ومع وصول الدولار الأمريكي لحاجز 900 ليرة خلال الأسبوع الماضي، أصدرت المجالس المحلية في ريف حلب الشمالي قراراً بمنع التدوال بالعملة السورية من فئة 2000 ليرة حصراً، وقالت في بيان مشترك «تقرر منع تداول فئة الألفين ليرة في كل من (أعزاز، #مارع، #صوران، اخترين، والراعي)، وذلك لعدم وجود رصيد لها، ومحاولة النظام ضخها في #السوق المحلية في الريف الشمالي، واستنزاف مخزون المنطقة من الدولار والليرة التركية»، بحسب البيان.

فما هي الظروف التي أدت لاتخاذ هذا القرار؟ وهل يمكن فعلياً تطبيقه على أرض الواقع؟ وما آثاره على السوريين في الشمال؟

دعوات متكررة منذ 2017
لم تكن دعوة المجالس المحلية لإلغاء التعامل بورقة الألفين ليرة الأولى من نوعها، فقد سبقتها دعوات مماثلة في مجالس ريف حلب و #الحكومة_المؤقتة في شهر تموز من العام 2017، إذ قيل حينها إن منع تداولها في الشمال السوري نابع من دوافع سياسية واقتصادية في آن واحد، لأنها تحمل صورة #بشار_الأسد، وفيها إساءة للشعب السوري، إضافة إلى كونها طبعت في #روسيا وبتكلفة 10 سنتات للورقة الواحدة، في حين كانت تساوي في تلك الفترة نحو 4 دولارت.

في السياق، تواصل موقع «الحل نت» مع مصدر في المجلس المحلي في مدينة #أعزاز بريف #حلب الشمالي، والذي قال «حددنا مدة شهر لاستبدال فئة الألفي ليرة سورية، ومع بداية الأسبوع الأول من العام 2020 سيتم تطبيق القرار بشكل فعلي، وسيتم مصادرة وإتلاف هذه الورقة من العملة بعد انقضاء المهلة».

وأضاف المصدر (الذي فضل عدم ذكر اسمه) أن «معظم المواد الغذائية والمواد الأساسية تُباع وتشترى بالليرة التركية والدولار، ولا حاجة لاستخدام الليرة السورية التي تفقد قيمتها يوماً بعد يوماً، وأن القرار تم بعد اجتماعات ومشاورات مع خبراء وأساتذة في الاقتصاد، لأن فئة الألفين ليرة ليس لها رصيد فعلي، والنظام يقوم بضخها في #الشمال_السوري، ليحصل بدلاً منها على الدولار، ويستنزف مخزون المنطقة من العملات الصعبة»، بحسب تعبيره.

وأشار إلى أن «هذه الخطوة تعتبر مقدمة لخطوات أخرى، وهي التخلي بشكل كامل عن #الليرة_السورية، وهناك احتمالية باستبدالها بالليرة #التركية، وبدأت بشكل فعلي بعد أن قامت نقابة الصاغة بتسعير #الذهب بالليرة التركية، كما سيتم دفع فواتير الخدمات مثل الانترنت والكهرباء وغيرها بالليرة التركية أو #الدولار في عدد من المدن والمناطق بريف حلب».

محاولات «ارتجالية»
وعلى وقع القرار المشترك للمجالس المحلية بريف حلب، شهدت محال الصرافة في تلك المناطق ازدحاماً من المواطنين لاستبدال ما لديهم من عملات نقدية من فئة 2000 ليرة، إلا أن المفاجأة كانت من أصحاب المحلات التي رفضت استبدال؛ أو التعامل بالورقة النقدية، بحسب ما رصد موقع «الحل نت» عن ناشطين في تلك المناطق.

بدوره يرى الصحفي الاقتصادي «أيمن محمد» أن «هذه الدعوات لمقاطعة الفئة النقدية هي ارتجالية وغير مجدية دون خطة عمل وإجراءات محددة، بحيث لا تؤثر على المدنيين القاطنين في تلك المناطق، فهناك عشرات الآلاف من الموظفين والمدرسين والمتقاعدين والموظفين لدى النظام ويتقاضون معاشاتهم بالليرة السورية وتحديداً من فئة الألفين ليرة»، متسائلاً: كيف سيتم حل مشكلتهم؟

وأوضح «محمد» لموقع «الحل نت» خلال حديثه أن «قرار المجالس المحلية والمدة الزمنية التي حددها بنحو الشهر للتخلص منها لم يكن مدروساً، حيث رمى الكرة في ملعب الصرافين، وأوعز لها بالتخلص من ورقة الألفين ليرة بالطرق المناسبة، فيما لم يحدد تلك الطرق، خصوصاً مع امتناع تلك المحال عن التعامل واستقبال أي ورقة نقدية من تلك الفئة من المواطنين».

السوق السوداء
وفي حديث لموقع «الحل نت» نفى الخبير والمستشار المالي «يونس الكريم» ما يتم تداوله، قائلاً: «عند الحديث عن أن ورقة الألفين ليرة ليس لها رصيد! فهو كلام غير دقيق من الناحية الاقتصادية، لأن العملة السورية بكل فئاتها تتقاسم التغطية مع بعضها، لكن ورقة الألفين ليرة تمت طباعتها في المطابع الروسية في العام 2013 بعد أن كانت العملة تطبع في مطابع #الاتحاد_الأوروبي، التي رفضت طباعتها على وقع #العقوبات_الاقتصادية على النظام، وبذلك تم الاتفاق مع #روسيا على طباعة الورقة، على أن يتم جزء من تكاليف الطباعة بالليرة السورية وبقيت (الكليشيهات) لدى الروس».

ودعا «الكريم» الجهات المسؤولة عن تلك الخطوة إلى «البحث عن بديل عن هذه الفئة النقدية، قبل إصدار القرارات بمنع تداولها، خصوصاً مع تدهور العملة والنقص الحاصل في ورقتيّ الألف والخمسمائة ليرة، فرواتب الموظفين والمتقاعدين في تلك المناطق يعطيها النظام من تلك الفئة النقدية، وبالتالي سيكون هناك سوق سوداء لبيع وشراء الفئة النقدية، إضافة إلى وجود علاقات تجارية ما تزال سارية بين مناطق النظام والمعارضة تدفع بالليرة السورية»، متسائلاً: كيف سيتم حل هذه القضية أيضاً؟

هل من بدائل؟
وعند سؤال الخبير المالي عن البدائل المتوقعة مثل #الليرة_التركية، أشار إلى أن «العملة التركية لا تستطيع أن تحل محل الليرة السورية، فهي تحتاج إلى بحث واستراتيجيات اقتصادية، وموافقة من #البنك_المركزي_التركي، وما تم الإعلان عنه من المجالس المحلية لا يتعدى كونه عملية إعلانية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، فهي خطوة تحتاج إلى وقت كافي ليتأقلم الناس في مناطق الشمال السوري مع عملية التسعير للمنتجات بالعملة الجديدة، وهو ما يسمى بالدورة الاقتصادية للعملة والتي تأخذ أكثر من عام».

وختم «الكريم» حديثه من أن «منع التداول بورقة الألفين ليرة في الشمال السوري يخدم النظام بشكل أو بآخر، إذ سيتم تجميد كميات ضخمة من هذه الفئة الموجودة لدى المدنيين والتجار، وبالتالي سيتم نقص المعروض من الليرة السورية، ويزداد الطلب على فئات أخرى، حيث سيعمد النظام لمنع إدخالها إلى مناطق الشمال، وبالتالي خلق نوع من الفوضى الاقتصادية على مستوى العملة والخدمات والمواد الأساسية وعملية تسعيرها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.