علي الكرملي

إن الحديث عن #الصناعات_العراقية، هو حديث ذو شجون وأسى وألم، فهذا #العراق الذي كان ينتج أرقى المنتوجات الصوفية في الشرقين الأدنى والأقصى عن طريق معمل #فتاح_باشا الذائع الصيت في وقته، لا توجد فيه اليوم صناعة ما حتى في أوطأ مستوياتها.

هذه البلاد، التي وحتى في عِز اختناقها الاقتصادي، إبّان حقبة التسعينيات إثر الحصار الأُمَمي، لم يستسلم لليأس، كانت صناعاته المحلية تشتغل وتعمل على جميع الأصعدة ليُغطّي نفسه بنفسه، لم تعد اليوم قادرة على الخروج من بهوها.

الباحثة الاقتصادية مروة صفاء

الكَلام الآنف ليس من فراغ، إنّما الاحصاءات المُسَجَّلَة هي التي تُثبت ذلك. /٣٥/ ألف مصنع من القطاع الخاص (٨٠ ٪) منها مُعَطَّلة، /٢٥٠/ مصنع من القطاع العام شبه معطلة، /٤٥/ ألف مصنع تابع لاتحاد الصناعات، أيضا معطلة، كل تلك الأرقام تبين حجم الهوة التي تعانيها الصناعات العراقية.

مُقارَنَةٌ ومُقاربَة

الباحثة الاقتصادية، #مروة_صفاء تُفَسّرُ ذلك في سياق مُقارب، ومِقارن في آن مع ما حصل لألمانيا في القرن التاسع عشر، بالقول، «كانَت #بريطانيا تضع شعار ”made in Germany“ على المُنتَجات الألمانية التي يتم إنتاجها داخل ألمانيا».

كان الغرض من ذلك الشعار، أن يكون وصمة عار، ودليل على رداءة المنتجات الألمانية من ناحيَتي الجودة والنوعية في الأسواق العالمية. حسبَما توضحه صفاء في حديثها لـ ”الحل العراق“.

«كانَت بريطانيا قد توقّعت أنه بوضعها لتلك القصاصة التي تحمل الشعار الآنف الذكر، ستنجح في ضرب اقتصاد #ألمانيا المهزومة، والراضخة لرحمة الدول العُظمى»، تقول صفاء.

وتُضيف، «وذات الحال ما يحدث مع العراق، وإن تغيَّرَت الأساليب والطرق، الثابت، هُوَ الانتقام، وتحقيق المصلحة الممكنة، وهُنا أقصد #إيران التي تشعر بالمرارة بعد حربها مع صدام التي كلّفتها أكثر مما كلّفت #بغداد وجدَت في عراق ما بعد ٢٠٠٣ فرصة للانتقام منه، وهو ما حقّقته اقتصادياً».

انتقامٌ إيراني

استطاعت #طهران وعلى مدار ١٦ عاماً من الانتقام من #العراق شر انتقام، واللافت أنها لم تتكلّف في ذلك الانتقام، لأنها ببساطة انتقمَت منه برجالات الساسة التي تحكم البلاد، بحكم العلاقات الوطيدة بينهما، على اعتبار أن طهران كانت مأواهم وملاذهم إبّان المعارضة لحكم البعث.

لذلك، استطاعت إيران أن تجعل منهم ”ريمونت كونترول“ تتحكّم في مصائر العراق من خلال كبسة زر عليهم، تكبس وهم ينفذون، كما تقول الأكاديمية الاقتصادية #ثُرُيا_الخزرَجي.

الأكاديمية الاقتصادية ثُرُيا الخزرَجي

«وتحسُّباً لأي طارئ، تمكّنت طهران من خلق أدواتها الجديدة في الداخل العراقي، لتكون تلك الأدوات المذعنة كُلّياً لها المنفذة لكل احتياجات حكومة الفقيه»، تلفت الخزرجي لـ ”الحل العراق“.

«وعن طريقهم، تمكَّنَت من تعطيل #المصانع_العراقية وتدميرها، وإنهاء المنتج المحلي، في مقابل ملئ البلاد في المنتجات والصناعات الإيرانية، من الأغذية، وليس انتهاءً بالسيارات، فأمسَت بغداد رئتها الاقتصادية».

ما يؤكد حديث الخزرجي، تصريحٌ في وقت مَضى لمنظمة تنمية التجارة الايرانية، قالت فيه، إن «العراق يستورد (٩٩ ٪) من إجمالي احتياجاته من إيران»، بالنتيجة أضحت تلك المنتجات تملئ #الأسواق_العراقية على حساب المنتج العراقي.

ماضٍ وأَمَل

كان العراق من الرواد الأوائل في الصناعة على الصعيد الإقليمي، وفي جميع مجالاتها الثقيلة منها والخفيفة، الغذائية منها والصحية، وكذا الحال مع النفطية، كانت بضائعه تتفوق على مثيلاتها إقليمياً، فمَن مِنّا يَنسى #شركَة_عشتار للصناعات الخفيفة، أو شركة #سومر للزيوت النباتية.

 ومن منا ينسى مجمع #الاسكندرية للصناعات الميكانيكية أو شركة بابل للصناعات المطاطية، ومن ينسى معمل #سامراء للأدوية أو معمل #أبو_غريب للألبان، أو شركة #القيثارة للصناعات الإلكترونية، أم معمل نامليت للمشروبات الغازية، وهذه الأخيرة، كان العراق هو أول البلدان العربية المُصَنِّعَة لها.

معمل سامراء للأدوية- أنترنت

لكن ما يعطي أملاً بعودة تلك الصناعات والمنتجات، هو أنه ومنذ بدء الانتفاضة العراقية وإلى اليوم، كل شيء يصرخ مع الشعب، حتى المنتج العراقي يصرخ ويقول ها أنا ذا موجود، وأُريد أن أتنفس. وهذا هو الهدف؛ لأنه لا شعب أفضل من شعب، لكن ثمة شعبٌ لديه إرادة، وآخر ليس لديه تلك الإرادة.

٤٠ ٪ من إجمالي الدخل

وهُنا تعود مروة صفاء لمقارنتها بين ألمانيا والعراق، بقولها أن ألمانيا، استطاعَت أن تفرض منتوجاتها عالَمياً، من خلال مجهوداتها المستمرة في التصنيع، رغم العداءات والظروف القاسية بحقها.

وأضحَت منتوجاتها من أفضل الصناعات في العالم بأسره، بدليل أنه من بين أهم /١٠/ مصانع في العالم، ثمَّة مصنعَين ألمانِيَّين، هُما ”فولفس فاجن“ لتصنيع السيارات، والـ ”بي. أي. أس. أف“ للصناعات الكيميائية، كما تقول صفاء.

«ألمانيا حوّلت وصمَة العار إلى جودة عالمية، ونحن بنات وأبناء سومر وآشور، نحن أول شعب زرع، وأول شعب حصد في التاريخ، ليس نحن الذين نترك غيرنا يستغلنا ويهيننا»، تقول الباحثة في الاقتصاد.

وتختتم حديثها بالقول، إن «مصانع العراق يجب أن تعود وتشتغل، ويجب التيقن أن تشغيل المصانع العراقية سيكون مردوده الخير الوفير على العراق والشعب، وما يجب معرفته أن المصانع العراقية إن اشتغلت سليماً ستُغطّي (٤٠ ٪) من إجمالي الدخل العام العراقي».


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.