سُكّان حلب يموتون بمخلّفات المعارك.. هبوط الأبنية يحصد عشرات الأرواح

سُكّان حلب يموتون بمخلّفات المعارك.. هبوط الأبنية يحصد عشرات الأرواح

في مطلع شهر كانون الأول / ديسمبر الجاري، دُفن اثني عشر مدنيًا تحت ركام المبنى الذي انهار بهم في حي المعادي بمدينة #حلب شمالي سوريا.

لم تكن حادثة سقوط المبنى بسبب #القصف أو الغارات الجوية، وإنّما إحدى نتائجها، حيث باتت معظم مباني مدينة حلب غير صالحة للسكن بسبب تصدّعها، عقب الضربات الارتجاجية العنيفة التي تعرّضت لها أحياء المدينة خلال العملية العسكرية الروسية عليها التي جرت في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات.
وهكذا، أضحى معظم المدنيين في مدينة حلب، يعيشون داخل منازلهم، ولكنّهم في خوفٍ مستمر من هبوط المنزل في أي لحظة.

حوادث سقوط مأساوية
بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” فإن حصيلة قتلى انهيار المبنى في حي #المعادي، بلغ 12 شخصاً، خمسة منهم قُتلوا على الفور في حين تم انتشال سبع جثث أخرى من تحت الأنقاض بعد الحادثة بساعات، موضحةً أن من بين القتلى طفل وامرأتان.

ووفقاً لرئيس مجلس مدينة حلب “معد مدلجي”، فإن سبب الانهيار يعود للأمطار الغزيرة، قائَلاً: “المبنى مخالف ومتهالك وتم تشييده على أرض زراعية في منطقة سكن عشوائي تعرضت خلال الحرب الظالمة لأضرار كبيرة”.

وإذا كان المبنى المنهار في حي المعادي شُيّد على أرض طينية، فإن البناء الذي سقط قبله في حي الصالحين، في السادس من شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، لم يكن مشيداً على أرضٍ طينية ورغم ذلك سقط وأدّى انهياره إلى وفاة رجل وامرأة وإصابة طفليهما.

وفي آذار من العام الماضي، انهار مبنى سكني مؤلف من خمسة طوابق في حي الصفا التابع لمنطقة ميسلون في المدينة القديمة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص انتشلوا من تحت الأنقاض، وفقًا لوزارة الداخلية السورية.

وسبق حوادث السقوط هذه، حالات مشابهة أكثر مأساوية، وأدّت بمجملها إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، في حين يضع المسؤولون السوريون حججاً غير واضحة لحوادث السقوط هذه، منها أن الأبنية عشوائية أو أنّها غير مطابقة للمعايير، مع العلم أن المدينة لم تشهد قبل العملية العسكرية أي حوادث سقوط لأبنية تُذكر.

مخاوف المدنيين
منذ سقوط المبنى السكني المؤلّف من خمسة طوابق في حي #الصالحين قبل أكثر من شهر وحتّى الآن، ما يزال الأربعيني “زياد” يعيش في المبنى المجاور، يعاني من حالة تخوّف مستمرة سواء على حياته أو حياة عائلته المقيمة في المبنى.

يقول زياد لـ “الحل نت”: “في كل مرّة أسمع بها عن هبوط أبنية سكنية في مدينة حلب أخاف أكثر على عائلتي، وتزداد مخاوفي مع تأكّدي بأن المبنى الذي نعيش فيه يُعتبر من المباني المشيّدة قديمًا منذ أكثر من 45 عاماُ، إضافةً لوقوع الكثير من القصف السابق في محيطه خلال معركة حرب”.
ويعتبر “زياد”، أنّه من الضروري أن تكون هناك لجان هندسية لتقوم بالكشف على المباني وتحديد الصالحة للسكن منها، وغير الصالحة لذلك من أجل تقليل الأضرار البشرية والمادّية.

ويوضح: “المحافظة سمحت لنا بالعودة إلى حلب دون أن تدرس مدى إمكانية قدرة المباني على الصمود، فإذا لم يكونوا متأكّدين من أن المباني آمنة فلماذا سمحوا لنا بالعودة؟”.

آلاف الأبنية غير صالحة للسكن
في شباط الماضي، قرّرت محافظة حلب، إخلاء أكثر من أربعة آلاف عائلة تسكن في نحو عشرة آلاف بناء، معظمها آيل للسقوط، بحيث يتم الإخلاء مع تأمين سكن بديل لتلك الأسر ريثما ترمم منازلهم ويهدم ما تتعذر صيانته، بسبب خطورتها العالية، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.

وجاء ذلك بعد أن قامت محافظة حلب بإجراء تقييم شمل 36 حياً سكنياً من مدينة حلب، وبلغ مجموع الأبنية غير المتضررة 33633 بناءً طابقياً، في حي بلغ مجموع الأبنية المصابة بضرر معماري خفيف أو متوسّط نحو 10176 بناءً وهي قابلة للإصلاح، بينما بلغ عدد الأبنية المتضررة ضررًا إنشائياً 8031 بناءً طابقياً، أي أنّها واجبة الهدم.

ما علاقة القصف؟
يعود سبب غالبية حوادث هبوط المنازل في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، إلى العمليات العسكرية الروسية التي جرت في المدينة أواخر عام 2016.

يقول المهندس المعماري السوري “ابراهيم صباح” لـ “الحل”: “إن القصف غير الطبيعي الذي أصاب أحياء المدينة، أدّى إلى ضربات تصدّعية في أساس بعض المباني، ما جعلها غير قادرة على التوازن من جهة واحتمال ضغط الوزن من جهة أخرى”.

ويوضّح “صباح”، أنّه يقصد بمصطلح “القصف غير الطبيعي” هو القنابل الثقيلة والارتجاجية، التي كانت تستخدم سابقًا من أجل ضرب غارات على أحياء فيها خنادق، مبيّنًا أن هذه القنابل هي أكثر ما يصيب الأبنية السكنية بالتصدّع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.