أعلنت الحكومة السورية في الآونة الأخيرة عن قرارات حجز على أموال رجال أعمال مقربين من السلطات السورية، وشركات عاملة في سوريا، ليعود عدد المحجوز على أموالهم، ويؤكدون أن الحجز مؤقت وهدفه، إجراء تسوية عبر دفع غرامات مالية للحكومة.

وأبرز من صدرت قرارات حجز أموال بحقهم، مؤخراً، رجل الأعمال (رامي مخلوف) ابن خال (بشار الأسد)، و(أيمن جابر) و(طريف الأخرس) عم (أسماء الأسد)، وعصام شموط أحد مالكي شركة أجنحة الشام للطيران.

وعللت وزارة #المالية في الحكومة السورية، قرارات #الحجز بأنها تأتي لتحصيل غرامات جراء تهريب مواد وتهرب ضريبي.

التشهير وتأجيج الرأي العام

أسلوب “التشهير” بالشركات ورجال الأعمال الكبار أو المقربين من السلطات السورية، بات دارجاً الفترة الأخيرة، وكأنها رسالة لتأجيج الرأي العام ضد هذه الجهات إن لم تدفع.

وقال الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل لموقع (الحل نت)، إن نشر وزارة #النقل علناً ورسمياً خبر الحجز الاحتياطي على شركة “أجنحة الشام” للطيران يعتبر نقلة نوعية بالابتزاز الحكومي، حيث كانت أخبار الحجوزات المالية مؤخراً تسرب للإعلام، والرأي العام تسريباً لتأجيج الرأي العام دون ظهور الحكومة في الواجهة، والضغط على الطرف الآخر، وحثّه على الدفع وإلا سيخسر اسمه ويشهّر به”.

وتابع أنه “بعد فشل الحكومة السورية تقريباً بما فعلته تحت مسمى حملة دعم #الليرة، نجحت فعلاً بأسلوب التشهير عبر تسريب وثائق الحجز، حتى وصلت إلى مرحلة الإعلان رسمياً عبر الوزارات ذاتها وتأجيج الرأي العام، معتمدةً هذا الأسلوب للشركات الضخمة ورجال الأعمال النافذين فقط، حيث لا نرى أي حجوزات اعتيادية تنشر لا عبر الجمارك ولا عبر الإعلام، وهذا دليل على اتباع أسلوب الضغط عبر التشهير”.

وأضاف أن “هذا الأسلوب يحقق هدفين، الأول إظهار الحكومة بأنها أقوى من أي شخص أو شركة لها نفوذ وأنها تكافح الفساد فعلاً، وهذا ما حدث بأجنحة الشام التي تعود بشكل غير مباشر لرامي مخلوف، وقبلها بشركة MTN وطريف الأخرس قريب أسماء الأسد”.

 والهدف الثاني بحسب أبو فاضل هو “تحصيل أموال لصالح الخزينة من هؤلاء عبر تأجيج الرأي العام ضدهم والتشهير بهم، بدلاً من أسلوب الاستجداء من تحت الطاولة غير المجدي كون نفوذ هؤلاء أقوى من الحكومة ذاتها”، على حد تعبيره.

استكمالاً لحادثة الشيراتون وحملة “دعم الليرة”

نهاية أيلول الماضي، وبالتزامن مع حملة “مكافحة فساد” وانخفاض قيمة الليرة إلى نحو 690 ليرة للدولار الواحد، عقد حاكم مصرف سوريا المركزي، اجتماعاً في فندق شيراتون #دمشق حضره رجال أعمال معروفين منهم (حسام قاطرجي) و(سامر فوز)، و(محمد حمشو)، وسط غياب (رامي مخلوف)، في محاولة لإجبارهم على دفع مبالغ مالية كبيرة بالدولار الأميركي تحت مسمى حملة دعم الليرة السورية.

المنظمين وقبل بدء الاجتماع، كانوا حريصين على إخلاء القاعة من ممثلي وسائل الإعلام، الذين حضروا لتغطية الحدث، ومن ثم إغلاق القاعة ليستمر الاجتماع أكثر من ساعتين وينتهي بعد ذلك دون أن يدلي أي منهم بأي تصريح سوى (سامر فوز) الذي أعلن عن دفع 10 ملايين دولار، وسط أنباء عن امتناع الباقي.

ربما فشل الحملة، دفع الحكومة لأسلوب التشهير بالحجز على الأموال لجرِّ رجال الأعمال إلى الدفع، فقبل “أجنحة الشام”، تسربت وثيقة إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال قريب (أسماء الأسد) رجل الأعمال محتكر السكر (طريف الأخرس).

وتعتبر عملية التسديد وإلغاء الحجز سريعة جداً، حيث أغلق ملف الأخرس خلال 24 ساعة فقط، إذ قام بتسديد ما يترتب عليه من غرامات فوراً بعد تأجيج الرأي العام ضده.

حادثة عائلة الأخرس

في بداية الأسبوع الثاني من الشهر الجاري وتحديداً في اليوم التاسع من الشهر، أصدرت مديرية الجمارك العامة قرارات تقضي بوضع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لـ (طريف الأخرس)، وأبنائه مرهف وديانا ونورا، الشركاء المؤسسين والممثلين عن شركة مصانع الشرق الأوسط للسكر، التي حجز على أموالها أيضاً، إضافة إلى أموال مديرها التنفيذي (وليد بكري دالاتي).

وجاء الحجز بموجب نحو 17 قراراً بحقه وحق أبنائه وشركات أخرى له ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة عليهم وفقاً (لقضايا مخالفات بالنوع تعرض رسماً للضياع)، وتم تقييم مجموع البضاعة في القرارات بنحو 100 مليار ليرة سورية، ورسوم معرضة بنحو 3.3 مليار ليرة، ومجموع غرامات بحدها الأقصى نحو 13.7 مليار ليرة.

في الـ 11 من الشهر ذاته، أعلنت الجمارك عن تسوية الأخرس لمخالفاته في بيان رسمي، وأنها رفعت الحجز عن أمواله وأموال أبناءه وشركاته، أي أن الأخرس سوَّى وضعه خلال 24 ساعة، إذ نشر تصريحاً له في ذات يوم الحجز عبر إحدى وسائل الإعلام الروسية، يؤكد أنه يقوم بالتسوية.

التشهير سيطال الجميع حتى يدفعوا

في تشرين الثاني الماضي، انتشرت وثيقة صادرة عن مديرية الجمارك التابعة لوزارة المالية، بتاريخ شهر سابق، تضمنت عدة قرارات بالحجز الاحتياطي على أموال شركة MTN وأعضاء في مجلس إدارتها، نتيجة قضايا جمركية لها علاقة بالتهريب بلغت غراماتها نحو 20 مليون ليرة سورية فقط، وهو مبلغ صغير جداً قد تجنيه الشركة في ساعة واحد أو أقل بحسب بعض التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي، إلا أن الهدف كان من ذلك أن يعي الآخرون بأن التشهير سيطال الجميع.

وفي اليوم التالي من انتشار الوثيقة، أصدرت شركة MTN توضيحاً أكدت فيه أنها “ملتزمة في معالجة هذه القضية، انطلاقاً من حرصها والتزامها الدائم بالقوانين والأنظمة المرعية في سوريا”، كما أشارت إلى أن إيمانها بالدور الذي تقوم به في تطوير قطاع #الاتصالات، بما يسهم في خدمة المجتمع السوري”، على حد تعبيرها.

10 آلاف حجز احتياطي حتى أيلول 2019

معاون وزير المالية (بسام عبد النبي) كشف في أيلول الماضي، أنه تم الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لنحو 10,315 شخص منذ بداية العام عبر 538 قرار، بقيمة أموال مطالب بها عبر هذه القرارات 1.8 مليار ليرة، فقط!

وأوضح عبد النبي، أن قرار الحجز المتعلق بوزير التربية السابق (هزوان الوز) يعد الأكبر من حيث عدد الأشخاص، الذين شملهم قرار الحجز الاحتياطي.

وجاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للوز في أيلول الماضي، مع قائمة من رجال الأعمال واشخاص آخرين عددهم 87 شخصاً، وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن قرار الحجز جاء بناء على قضايا فساد قدرت قيمتها بـ 350 مليار ليرة سورية، إضافة إلى معلومات حول تورط أحد كبار رجال الأعمال السوريين فيها بشكل غير مباشر وهو (محمد حمشو).

وجاء الحجز على أموال الوز بعد أيام من كلمة رئيس الحكومة (عماد خميس)، خلال جلسة في مجلس الشعب، قال فيها إنه “يتم التدقيق اليوم بملفات فساد كبيرة جداً، وأن الأسابيع القليلة القادمة ستكشف عن محاسبة أسماء ستفاجؤون فيها” مؤكداً أنه “لا يوجد أحد فوق القانون لأن هيبة الدولة هي الأهم”، على حد تعبيره.

فوز وقاطرجي وحمشو خارج التشهير حتى الآن

بعد ذلك بدأت مصادر إعلامية ومقربة من دوائر النظام الضيقة، تتحدث عن الحجز على أموال مقربين جداً من بشار الأسد منهم #رامي_مخلوف، مؤكدين أن القصر الجمهوري تدخل ليسحب شركة سيرتيل منه، وكل استثماراته وخاصة الإعلامية، إضافة إلى الحجز على أموال #محمد_حمشو، إلا أن وزير المالية (مأمون حمدان) نفى الحجز الاحتياطي على رجال أعمال معروفين دون تسميتهم.

بعد ذلك، نفى قاضي محكمة البداية المدنية في دمشق (طارق برنجكجي) وجود حجز احتياطي قضائي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأي من رجل الأعمال السوري (رامي مخلوف)، أو (محمد حمشو)، أو (حسام قاطرجي)، أو (محمد براء قاطرجي)، أو (سامر فوز)، ذاكراً الأسماء بشكل علني.

لكن، يختلف الحجز الاحتياطي على الأموال قضائياً الذي يتحدث عنه القاضي، عن الحجز الاحتياطي على الأموال بقرار صادر عن وزير المالية ومديرياتها أو باقي الوزرات، حيث لا يمكن أن يصدر أمر قضائي بالحجز على أموال أحد إلا في حال وجود دعوى مقدمة أصولاً للقضاء، في حين يحق لوزير المالية أن يصدر قراراً بالحجز عند مجرد شكه بوجود تجاوزات أو فساد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.