علي مراد

اختلافٌ مفاهيمي وشرعي بين ما تؤمن به #حوزة_النجف والتي يتصدى لقيادتها الآن #علي_السيستاني وبين #ولاية_الفقيه في #إيران والتي يقودها #علي_خامنئي.

ولاية الفقيه كمفهومٍ شرعي يشبه تماماً دولة الخلافة، وولي الفقيه يعتبر ضمن هذا المفهوم هو خليفة المسلمين، وهذه الفلسفة الأولى التي انطلق بها الخميني في بناء دولتهِ في نهاية سبعينيات القرن الماضي بعد سقوط دولة الشاه.

أمّا حوزة النجف فهي النقيض المتوازي لهذا الخط، حيث تؤمن بأن  المرجعية الدينية هي مؤسسة إفتائية مستقلة تلتزم بخط الإرشاد والتبليغ الديني والاجتماعي والسياسي ضمن الفتوى والنصيحة، وتشخيص ما تعتقد بأهمية تشخيصه ومن خلال هذا يكمن تأثيرها وتوغلها بالمجتمع الشيعي.

النجف بمحتواها ومكانتها المعنوية والتاريخية لها التأثير الأكبر على الشيعة في العالم هذا مما جعل #حوزة_قمّ في إيران، تبذل جهداً كبيراً لتكون المنافس الرسمي الموازي.

وقد امتعضت حوزة النجف كثيراً من الوجود الذي بدأ يستفحل كثيراً لولاية الفقيه وامتداداتها في العراق.

حيث تشعر مرجعية النجف أن توسّع ووجود خط ولاية الفقيه في العراق، يأتي في الدرجة الأولى على حسابها وحساب تأثيرها وتواجدها، وفي الدرجة الثانية على حساب إرباك المشهد العراقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مما يؤثر طردياً على العراق والمنطقة.

وقد شعرت مرجعية النجف باقتراب الخطر بعدما لوّح أتباع الخط الولائي لإيران بسرقة جهود الفتوى الجهادية في محاربة #داعش التي أطلقها السيستاني، حتى إن المشاحنات بين الفصائل التابعة لإيران وبين الفصائل التابعة لمرجعية النجف بانت للعيان.

وقد سحبت #مرجعية_النجف البساط تدريجياً من تحت الأحزاب السياسية والفصائل الموالية لإيران، وبدأت بسحب هذه الشرعية فعلياً حين أعلنت  إغلاق أبوابها بوجه السياسيّين وعدم استقبالهم في البرّاني الخاص بها، وبعدها بدأ التصعيد شيئاً فشيئاً، بعدما شعَرت النجف أن الشارع العراقي ناقم من الدعم الأول الذي أهدته المرجعية للسياسيّين في الانتخابات التشريعية الأولى والثانية، والدعم الذي قدمته في التصويت على #الدستور_العراقي الذي جاء حامياً للسلطة أكثر مما هو حامياً للشعب.

كل هذا يأتي ضمن حربٍ ناعمة بين زعامات الشيعة في العراق وإيران حول حماية نفوذ المرجعية الدينية وحماية الجمهور المحيط بها، حتى إن شعور السيستاني بالتخوف من انهيار المنظومة الدينية الشيعية بات واضحاً، والتي علّق أسبابها على تراكمات الأخطاء التي جاءت بها الأحزاب الدينية الممولة من إيران.

كما أن هذه الحرب، أصبحت واضحة بين خامنئي والسيستاني شخصياً، خصوصاً بعد تصريح خامنئي الذي ضرب التظاهرات الأخيرة ووصفها بأنها مدعومة من أميركا وإسرائيل، حيث جاء رد السيستاني من خلال وكيله الخاص مصرحاً بأن على الجميع ألا يتدخلوا بالوضع العراقي ويحترموا إرادة الشعب العراقي، وكأنه يقول لـ “علي خامنئي” لا تتدخل بشؤون العراق.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحَد؛ بل جاء الرد من إيران وعلى لسان خطيب جمعة #طهران محمد علي كرماني واصفاً المتظاهرين وداعمي التظاهرات هم “شيعة بريطانيا” وبهذا التصريح المبطن الذي فيه إعادة لاتّهام حوزة النجف بأنها بريطانيّة الهوى.

قد تكون إيران دولة لديها ما لديها من الدهاء السياسي، وقد يكون الخط القريب لخامنئي رجال دين أو سياسة لديهم القدرة في المراوغات السياسية، لكن للسيستاني حَظوة في اختيار الوقت المناسب دائماً في إيقاع خصومه في المأزق.

حتى وصل الحال بإيران وأتباعها في العراق وهم يواجهون المأزق الحقيقي اليوم، حيث إن القوى الشعبية في الشارع العراقي اتفقت على إنهاء هذا الوجود من خلال وقفات شعبية جادّة.

وهذا ما يجعل من #الشعب_العراقي أمام مسؤولية كبيرة في فهم ما تريده الزعامات الدينية منه، وكيف توظف هذه الزعامات الصخب الجماهيري لها وضد خصومها.

وللقارئ الجيد أن يفهم وقوف السيستاني مع إنشاء دولة قوية، هذه الدولة التي يريدها السيستاني برأيه هي من ستحمي حوزة النجف وتبقيها عاصمة للتجمهر والجذب الشيعي في العالم.

ليظهر من خلالها صورة جيدة عن التشيّع العراقي الذي أصيب مؤخراً بعدوى التعصب العابر للحدود من الجارة إيران، ليفصل التشيّع العراقي الذي ليس لديه مشاكل خارجية عن التشيّع الإيراني وخط ولاية الفقيه الذي لديه ما لديه من مشاكل مع دول العالم والمنطقة.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة