أعلنت وزارة الدفاع التركية، صباح اليوم الثلاثاء، وبشكل رسمي أنها لن تسحب قواتها من مواقع المراقبة العسكرية في إدلب، رغم تكثيف الجيش السوري وحليفه الروسي الضربات على المحافظة الشمالية، التي تعتبر آخر حصون المعارضة السورية.

وجاء التأكيد التركي، عبر وزير الدفاع، خلوصي آكار، في تصريح نقلته «رويترز» مؤكداً أن انسحاب الأتراك «غير وارد» حالياً، وذلك بعد ساعات من تأكيد مسؤول معارض أن زعيم أكبر جماعة «جهادية» في #إدلب قرر سحب قواته إلى حدود #تركيا.

نقاط المراقبة التركية

يوجد في إدلب 12 نقطة مراقبة تركية، مهمتها من المفترض «حماية #وقف_إطلاق_النار»، في إطار #خفض_التصعيد وفقاً لاتفاقات #آستانا، الموقعة من الثلاثي الضامن أنقرة وموسكو وطهران.

النقاط التركية في إدلب، تعرضت أكثر من مرة لضربات عسكرية من #الجيش_السوري، دون وضوح ما إذا كانت مقصودة أو ضمن الحملة العسكرية التي يشنها في الشمال، لكن الضربات لم تلق أيّ رد تركي.

وعلى الرغم من أن النقاط العسكرية التركية تأسست وحددت بموافقة روسية، إلى أن تصريحات تنتقد مهمة تركيا في إدلب خرجت من #موسكو مراراً، إذ يتهم الروس #أنقرة بأن «وجودها العسكري لم يوقف هجمات الإرهابيين»، وفق قولها.

«الجولاني» المراوغ «الثعلب»

وأفاد قيادي معارض بأن زعيم «هيئة تحرير الشام» المدعو «أبو محمد الجولاني» قرر سحب قواته من إدلب باتجاه الحدود الشمالية مع #تركيا، بعد ساعات على عقده اتفاق مع مقاتلين معارضين للدخول إلى المنطقة لصد هجوم الجيش السوري.

وكتب #مصطفى_سيجري القائد في #الجيش_الوطني بتغريدة أمس «المجرم #الجولاني والذي لطالما كان معطل للجهود السورية والتركية وذريعة الروس الدائمة، الآن وبعد خسارة عشرات القرى والمناطق، تم رصد قراراته في لقاء جمعه مع بعض قياداته وقد تحدث فيه عن ضرورة الانسحاب والتراجع، والتحصّن في المناطق الحدودية بدعوى عبثية المعارك بالقرب من الطرق الدولية».

من جانبه؛ كتب الصحفي المعارض «عبد الله موسى» بهذا الشأن «يبدو أن الجولاني يخبئ قواه البشرية وموارده المادية (وهي الأكبر في إدلب بعد سرقة وضرب الفصائل) لوقت لاحق، إذ يتميز الجولاني عن باقي قادة الفصائل بميزات عدّة، لعلَّ أهمها، أنه الأقل عاطفة في الحسابات والتحركات، ولن يضره سقوط نصف إدلب، بالعكس سيكون من المريح له إدارة المنطقة واستبدادها إذا كانت أصغر مما هي عليه الآن، وهو متخوف دائماً من الوقت المناسب الذي ستقدم فيه تركيا على لعب ورقة جبهة النصرة (نواة هيئة تحرير الشام)».

تركيا حليف المعارضة «الخائن»

وقبل ورود أنباء عن قرار «الجولاني» سحب قواته، أكدت مصادر من الهيئة و«الجيش الوطني» (العامل تحت إمرة أنقرة) وصول الطرفين إلى اتفاق يقضي بدخول مقاتلين من الأخير إلى إدلب، لصد هجمات الجيش.

وأفاد «عبد الله موسى» بهذا الشأن بأن «تركيا يهمها فقط أن تكون حدودها تحت سيطرة ميليشيات تطيع أصغر الأوامر، ما يؤمن لها استقراراً وورقة تلعبها مستقبلاً. في إدلب تركيا غير معنية بسقوط عمق المحافظة جنوباً، وهي تعتقد أن موازين القوى في إدلب متفاوتة في حدها الأقصى. وأنه مهما قدمت للفصائل، فإن سماء المنطقة ممنوعة عنها وهي ملك روسيا وسلاحها الجوي الحاسم. أما النصرة فتركيا تعتبرها ورقة أكبر من أن تلعبها حاليا، أكبر من أن تحرقها مقابل إغلاق باب الحجج والذرائع أمام الروس للهجوم على إدلب».

وتابع موسى حديثه عن مواقع القوة موضحاً أن «سيطرة الروس على الطريقين الدوليين لا يضر تركيا، بل بالعكس ربما يفيدها من الناحية التجارية. وتركيا لا تستطيع أن تقول للفصائل أنها اتفقت مع #روسيا على تسليمها نصف إدلب، لذلك تدع الأحداث تجري على هذا المنوال».

ومع تضارب التحليلات بهذا الشأن، ما يزال من غير الواضح ما إذا كان قرار دخول قوات من #الجيش_الوطني إلى إدلب تم بأمر من أنقرة لحماية مصالحها؛ أو حتى تسليمها لاحقاً إلى الجيش السوري كما حصل في مناطق عدّة شرق الفرات، أو هو محاولة أخيرة لحفظ ماء الوجه بعد ورود تأكيدات أن قيادات وعناصر من الجماعة «المعارضة» بدأت بالتوجه إلى #ليبيا، لتقاتل بالنيابة عن تركيا في حرب ليس للسوريين فيها ناقة ولا جمل.

لمعرفة مصير إدلب… علينا أن نعرف ماذا يحدث في ليبيا

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الإثنين، أن 300 مقاتل من «الجيش الوطني» وصلوا إلى #ليبيا بالفعل، وأما عدد المجندين لتلقي التدريب في #تركيا للذهاب إلى ليبيا بعدها فهو بين 900 إلى 1000 مجند، في ظل ارتفاع وتيرة الانتقادات والغضب من السوريين المعارضين واستمرار خسائر القوى المعارضة مزيداً من المساحات والمدن في إدلب.

وأضاف المرصد أن «الراتب المطروح من جانب تركيا يتراوح ما بين 2000 و2500 دولار للشخص الواحد، لعقد مدته 3 أو 6 أشهر، مقابل التوجه إلى #طرابلس في ليبيا، وكلما طالت المدة كلما زاد الراتب الذي يتلقاه المقاتل».

ونشر المصدر ذاته، محتوى تسجيل صوتي لمقاتل سوري موالٍ لأنقرة يتحدث مع مجندين عن الاستعداد للرحيل من #عفرين إلى طرابلس يقول «سنتحرك في الساعة العاشرة صباحاً من عفرين. ونحن لسنا عبدة الدولار ولكن الظروف والديون التي مررنا بها تدفعنا إلى فعل هذا»، بحسب قوله.

وافتتحت الفصائل الموالية لتركيا أربع مراكز لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات في عفرين، تحت إشراف أكثر من جماعة، منها فرقة الحمزات والجبهة الشامية ولواء المعتصم ولواء الشامل.

رواية الفريق الموالي

كتب عضو هيئة المصالحة في سوريا «عمر رحمون» عن ما يجري على الأرض، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق دولياً على إنهاء مسألة إدلب، بـ«إتلاف المواد الإرهابية»، في إشارة إلى الجماعات المتشددة، مبرراً ذلك بأن الأتراك يرفضون استقبالهم والدولة السورية تمتنع عن مصالحتهم لأنهم «عتاة القتلة»، بحسب تعبيره.

وتابع «رحمون» الذي يمثل جهة حكومية، وينطق بلسان شريحة كبيرة من الكتلة الموالية «تم الاتفاق على تفريغ إدلب كالتالي، وبدأت تركيا بالتنفيذ: تقوم تركيا بنقل كل المرتزقة الذين وافقوا على القتال معها إلى ليبيا بضوء أخضر أمريكي. وتقوم بنقل بقية الفصائل التي لم توافق على الذهاب إلى ليبيا بالتوجه لجبهة إدلب… فرتبت لهم الدخول إلى جبهات القتال بإدلب مباشرة، ومنعتهم من الاحتكاك بالناس أو التدخل بشؤونهم، ليقتلوا ويموتوا بالآلة الحربية التي لا قبل لهم بها. وقامت تركيا بتأخير جبهة النصرة إلى الصفوف الخلفية من أجل حماية الحدود والمعابر وجمع الأموال، لأن الحدود والمعابر عشق أبدي للجولاني».

وختم «رحمون» منشوره الذي دوّنه اليوم على صفحته بموقع «فيسبوك» وهو المعروف بعرّاب المصالحات لمصلحة دمشق «كل الاحتمالات يتم الاستعداد لها والتحضير لها بدقة… قد نشهد معارك هنا وهناك لترحيل هذه المواد المستهلكة، ولولا وجود هذه المواد لقامت تركيا بتسليم ادلب للجيش السوري دون أيّة طلقة. في نهاية المطاف معرة النعمان وسراقب إلى حضن الوطن الدافئ»، وفق تعبيره.

رواية المعارضة

وفي السياق ذاته، نفى قائد عسكري معارض في حديث لموقع «الحل نت» صحة انسحاب القوات التابعة للجولاني من إدلب، وتحدث أيضاً عن وجود «حملة إعلامية لتشويه صورة الثوار»، وشدد على ضرورة تأسيس غرفة عمليات موحدة في إدلب تضم أيضاً «الجيش الوطني».

وقال النقيب «عبد السلام عبد الرزاق» في تصريحات خصّها لـ«الحل نت» إن: «هناك معلومات عن فشل المساعي التركية لوقف الحملة الروسية على إدلب، وأتوقع أن تحاول روسيا تغيير تكتيكها العسكري؛ فاستنزاف تلال الكبينة وفشلها لأشهر هناك سيجبرها على تغيير المحاور إلى تلال أخرى في الساحل والغاب، وربما فتح جبهات جديدة في ريف حلب».

وأضاف النقيب «عبد الرزاق» أنه «تم الاتفاق لدخول قوات من الجيش الوطني، ودخلت دفعات البارحة، لكن هناك حملة لتشوية صورة الثوار وإضعاف الثقة بهم. ويأتي الحديث عن انسحاب الهيئة أو غيرها ضمن الحرب الإعلامية ولا أساس له على الأرض، وأتوقع أن التطورات الأخيرة ستؤدي إلى إجبار الروس على العودة إلى المسار السياسي»، وفق قوله.

الحدود المغلقة ووعود إردوغان «خلبية»

تستضيف تركيا 3.7 ملايين سوري، وهو أكبر عدد لاجئين سوريين في أيّة دولة بالعالم. لكن في المقابل تحتضن محافظة إدلب لوحدها  ثلاثة ملايين سوري، وهي آخر مساحة كبيرة تسيطر عليها المعارضة بكل «تلويناتها» بعد تسع سنوات من الحرب. لكن ما يثير الدهشة؛ بل الغضب، أن حدود تركيا المغلقة بوجه النساء والأطفال في إدلب تبعد 29 كيلومتراً فقط، بينما تبعد #طرابلس الليبية عن أنقرة الذي تعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بـ «الدفاع عنها» 1920 كيلومترا! هذه الوعود التي أطلقها الرئيس التركي بعد أشهر من انطلاق الثورة السورية، جاءت معظمها «خلبية» وخاصة الخطوط الحمراء التي لم تنفذ أيّة واحدة منها حتى سقطت جميع المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، لتبقى إدلب آخر الحصون بين فكيّ روسيا وتركيا معاً من جهة، والجيش السوري والميليشيات الموالية له من جهة أخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.