فريد إدوار    

«عِنادهُ قادهُ إلى حَتفهِ» قد تكون تلك، النهاية الحتميّة لقائدِ #فيلق_القدس التابع للحرس الثوري الإيراني #قاسم_سليماني الذي تجاهل الرسالة التحذيرية المُرسلة إليه عام 2017 من وزير الخارجية الأميركية، #مايك_بومبيو عندما كان مديراً لوكالة الاستخبارات الأميركية، مفادها: «سنُحمّله وسنُحمّل #إيران مسؤولية أيّة هجماتٍ على المصالح الأميركية في #العراق من قبل ميليشياتٍ تابعةٍ لهم».

لكن “سليماني” تجاهل الرسالة حينها، ورفض قراءتها، قائلاً: «أرفض استلام الرسالة وأرفض قراءتها، ليس لدي شيءٌ أقوله لهؤلاء الأشخاص».

بعد مرور عامين وأزيد بـ 15 يوماً، من إرسال الرسالة، نفّذت #الولايات_المُتحدة تهديدها وقضت على الرجل الذي كان يُلقّبه مرشد الثورة الإيرانية، #علي_خامنئي بـ «الشهيد الحي»، ولم يستفد “سليماني” من الدروس والعِبر التي لقّنتها #واشنطن سابقاً لشخصياتٍ قد تبدو  أهم من “القاسم” نفسه من جهة حضورها الديني، أمثال أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي.

قُتِل “سليماني” وقُتِل مَنْ معه من وكلاء إيران في العراق، وعلى رأسهم نائب رئيس #الحشد_الشعبي أبو مهدي المهندس، لتختلط أوراق طهران في العراق، البلد الذي يشهد فراغاً سياسياً وتوتراً أمنياً سَبّبته الصراعات الطائفية والإثنية، وزاد عليه التدخل الخارجي من جانب إيران لتمرير مصالحها الإقليمية عبر أراضيه.

بعد مقتل الرجل الذي كان يعمل على إعادة تشكيل #الشرق_الأوسط لصالح إيران، بات «نظام الملالي» يبحث عن مخرجٍ لإعادة هيبته داخلياً، والتفكير بلمّ شمله لمنع تساقط قواته كأوراق الخريف، قبل التفكير بكيفية الرد على الولايات المُتحدة، بعد حالة الإحباط وتراجع المعنويات التي أصابت قوات الحرس والباسيج، التي يعتمد عليها “خامنئي” لمواجهة الاحتجاجات الشعبية في الداخل الإيراني.

وكيف لا تتلقى طهران ضربةً صادمة، وهي التي كانت تعتمد كلياً على الرجل الثاني في الجمهورية الإيرانية، الذي كان يعمل كوسيطٍ وكقوةٍ عسكرية لتوجيه الميليشيات الشيعية المسلحة داخل العراق، والسعي لتقوية وبناء نفوذها في #لبنان عبر حزب الله، وجماعة الحوثي في اليمن، والتعاون مع نظام الأسد، ودعم حركات المقاومة الإسلامية في #فلسطين وعلى رأسها حركة حماس.

فالنظام في طهران يواجه، ربما، امتحاناً صعباً، فهو مُرتبكٌ بين رغبته بالانتقام وبالتالي إعادة هيبته، وبين خشيته من خسارة وكلائه في الدول العربية الأربع (العراق، لبنان، اليمن وسوريا)، وكل ذلك، ليُثبت للجميع أنه قادر على الرد وأنه ما زال يسيطر على الأوضاع.

لكن الواقع مختلفٌ تماماً، وتعاكس رغبات طهران ومطامحها في المنطقة، فهي تُدرك جيداً أن تبعات مقتل قائد فيلق القدس، سيمتد أثرها بعيداً، وسط مشهدٍ يُرعبها داخلياً مع غليان الشارع وانتظار الفرصة المناسبة للانتفاضة ضد النظام بعد مقتل سليماني الذي سيُشكّل حافزاً قوياً للمنتفضين.

في مقابل ذلك، تُفكّر إيران بالردّ السريع للحفاظ على ماء وجهها أمام الأصدقاء قبل الأعداء، وفي الوقت ذاته؛ تخشى من ذاك الردّ والمواجهة المباشرة مع أميركا، فهي تعلم أنها خاسرة لا محال، لأسبابٍ عدة أهمها، الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه وما قد تكلّفها الحرب المباشرة من انهيار الاقتصاد بشكلٍ نهائي، وربما هو  ما تسعى إليه واشنطن لجرّ طهران لمبارزةٍ غايتها عرض القوة، الخاسر فيها سيفقد كل شيء.

ولكن، مَنْ يتتبع سيرة إيران في المواجهات عبر التاريخ، فأنه سيُدرك أنها لا تسكت عمن أهانها، لذلك ستحاول الردّ بشكلٍ غير مباشر، عبر وكلائها في الدول العربية، في مقدمتها العراق، فهي قد تستخدم ميليشياتها لضرب أهدافٍ أميركية سواء دبلوماسياً أو عسكرياً كتلك التي سبقت مقتل “سليماني” في قاعدة (K1) في كركوك، أيضاً القواعد الأميركية في مناطق #شرق_الفرات في سوريا، لن تكون بمنأى عن خطر إيران المتمدّد.

السعودية حليفة الولايات المُتحدة أيضاً قد تكون ضمن أهداف طهران، وتصعيدها سيشمل  تنفيذ هجماتٍ على البنى التحية النفطية، كما حدث في استهداف موقعين لشركة (أرامكو)  في سبتمبر أيلول 2019.

وبين هذا وذاك، قد تُضرَب جميع تلك الفرضيات بعرض الحائط، إذا ما عَلِمنا بالضعف الذي أصاب وكلاء إيران في العراق ولبنان، بعد مقتل “سليماني”، وهو ربما سيُلقي بظلاله على قرارات طهران، وإعادة التفكير بمسألة الرد عشرات المرات قبل البدء به، والذي سيكون مُستبعداً في الحالة التي يعيشها نظام الملالي الذي يخشى على الدوام من الداخل الإيراني قبل الخارج، وعليه فإن قبول الهزيمة، ولو بشكلٍ مؤقّت، ربما سيكون أنسب حلٍّ للخروج من المأزق دون خساراتٍ إضافية.


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة