علي الكرملي

كنتُ قد قلتُ في تصريح متلفز للجزيرة، في نهار الليلة التي وجَّهَت فيها #واشنطن ضربة جوية قرب #مطار_بغداد الدولي، بما معناه، أن المحور الموالي لإيران سيسقُط سقطَةً رهيبة بعد اقتحامه سفارة أميركا في بغداد.

لكنني لم أكن متوقعاً أن يحدث ما قلته بكل تلك السرعة، في ليلة ذلك النهار، حينما أردت واشنطن سليماني والمهندس قتيلَين بطائرة مُسَيّرَة فجر الثالث من يناير الجاري.

في الحقيقة، وإن كان ذلك الرد قد جاء بسرعة البرق، إلاّ أنه متوقع، متوقع، نتيجة التصرفات (الاستفزازية) التي قامت بها الجهات المقربة من #طهران تجاه #أميركا من هجومها على قاعدة (K1) في #كركوك إلى اقتحامها للسفارة.

عمى البصيرة

«شكّلت هذه الأحداث المتسارعة، إعادة لصورة العراق عام 2003، خاصة عند ترديد شعار ”أميركا الشيطان الأكبر“ من قبل المليشيات الخاضعة لإيران»، تقول أستاذة العلوم السياسية رنا الشجيري.

وتُضيف لـ ”الحل العراق“، «أرادت الإدارة الأميركية أن توصل صورة للعالم أن ترامب ليس بعيداً عن خوض الحرب، وهو في أعقاب التحضير لانتخابات الولاية الثانية، وما فعله ترامب، هو نتيجة حماقة الميليشيات التي تدافع عن طهران».

«لكنها لم تحسُب جيداً لتصرفاتها التي أودَت بها في مجابهة مباشرة مع واشنطن، سيكونون هم ضحاياها وحدهم، لا طهران، كان على تلك الميليشيات أن تعي جيداً أنها في معركة غير متكافئة مع أميركا إن خاضتها، لكن عمى بصيرتها أودى بها إلى ما فعلته».

قبل كل ذلك، كان رئيس الجمهورية قد لَوَّحَ باستقالته إن استمرّت المناكفات السياسية، وعدم احترامها لإرادة الشعب الثائر والمحتج، لكن ما مدى إمكانية قيامه بالاستقالة، بخاصّة بعد التصعيدات الأخيرة؟

 وهل هو مستعد للتخلي عن منصبه الذي جاء له بعد أن انشق من حزب مام جلال لأجل ذاك المنصب، وبعد منافسة سياسية وإعلامية شرسة خاضها مع مرشّح الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين؟.

تقول الباحثة السياسية ”ريم الجاف“، إن «صالح ذكي، ويجيد التعامل مع الأزمات، وبيانه الأخير يؤكد سعيه لترطيب الأجواء مع الأطراف السياسية التي اختلف معها قبل أيام، ولُغة بيانه تؤكد علمه بمستقبل الأمور، وكيفية التناغم مع المعطيات، لذلك فهو لم ولن يستقيل».

انتخابات وتغيُّرات

الآن، ومنذ شهر مضى تستمر الكُتَل في التشاورات التي لا تتوقف من أجل اختيار رئيس حكومة للبلاد. وما تصريح رئيس الحكومة المستقيل #عادل_عبد_المهدي في جلسة البرلمان التي عُقِدَت أمس بحضوره، بضرورة تشكيل حكومة مقبلة سريعاً إلا دليل على ذلك.

لكن ما اتضح من خلال كل المجريات التي حصلت (وتحصل) أن محور #الفتح و #البناء الذي يصر على ترشيح شخصيات لا تتناغم ومواصفات الشارع، قد سقطَت من يديه ورقة اختيار رئيس حكومة للبلاد، وتحوّلت ورقة رئيس الحكومة المقبل إلى المعسكر الغربي، لا الإيراني.

«بصورة عامة أرى ان الوضع على المدى القريب في الشهر الثاني من هذه السنة أو الأشهر القليلة التي تيه، سيشهد هدوء وتنصيب رئيس حكومة وفق ما يبتغيه الشارع، لا كما تشتهيه أحزاب طهران»، تقول المحللة السياسية ”صابرين القريشي“ لـ ”الحل العراق“.

مُتسائلَةً لماذا؟، «لأن النظام السياسي العراقي في مأزق خطير، فهو مرفوض شعبياً، وسيرفض دولياً إن اختار الوقوف مع الميليشيات، وكذا ستكون هناك انتخابات حتمية، وتحت وصاية دولية حقيقية، وتأييد إقليمي – خاصة من دول الخليج – التي تنفست الصعداء بمقتل سليماني والمهندس»، تُجيب.

سقطةٌ قاضية

غير كل الأحداث السياسية، طفى إلى السطح الوضع الأمني في البلاد، لا سيما بعد تغريدة الصدر الذي أعلن جاهزية #جيش_المهدي لأي منعطف ميداني، وكذا بعد بيانات الفصائل المقربة من طهران، كما العامري والخزعلي، وكذا التصريحات الإيرانية المتتالية.

الجاف التي تحدّثت سلفاً لـ ”الحل العراق“ تقول، إن «عودة جيش المهدي إلى الواجهة، في غاية الخطورة. يريدون العودة بنا إلى عامي (2006 و 2007) ومقاومة أميركا وما شاكل. الوضع الأمني سيشهد إرباك كبير إن لم يتم التفاوض بين واشنطن وطهران، ولن يكون ضحيتها سوى المواطن المسكين».

في النهاية، يبدو أن تلك الأحزاب والفصائل الولائية، لا تقتنع بأن بقائها بات يشكل الخطر، كل الخطر على البلاد، بخاصة أن الشعب خرج ضدها، لكنها تصر على تُكابرها، غير مدركة أن تكابرها ذلك أفقدها كل شموخها الذي كانت تفتخر به منذ سنوات.

ولذلك، سيؤدي بها تكابرها إلى سقطة قاضية، لأنها بتحرشها لأميركا قد رسمت لنفسها نهاية حتمية، بانَت أولى بوادرها منذ أيام، وستستكمل بقية البوادر بنهاية مريبة وقريبة أكثر من أي وقت مضى، وما يؤكد ذلك السيناريو، هو الحراك الشعبي، الفرح بهذا الدعم الأميركي، وإن كان لمصلحة أميركية بحتة لا عراقية.


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة