هتافنا للثورات الأخرى ليس عبثاً، ودعواتنا للتضامن فيما بيننا ليست من خلفية إنسانية، بل من منظور سياسي بحت. نهتف للثورات في البلدان الأخرى، لأننا نعلم أن هناك اقتصاداً عالمياً واحداً يقوم بتجويعنا وتفقيرنا، ولأننا تعلمنا أن الثورات تفشل إذا ما بقيت في سياقها القومي، ولأن التجارب السابقة علمتنا أنه لكي تنتصر #الثورات عليها أن تمتد وتتخطى الحدود والهويات التي فرضتها علينا النظم الاستعمارية والقومية.

لماذا يحتاج تضامن #الشعوب مع بعضها إلى تعليل، أما تكتل الأنظمة العالمية والعربية فيما بينها لقمع الشعوب المنتفضة، فلا يبدو أمراً مستهجناً، ولا يتم السؤال عن الرابط الذي يجمع بين هذا النظام أو ذاك، وفي حالة #تضامن الشعوب الثائرة مع بعضها تكال إليها التهم بالتبعية للسفارات والارتهان للخارج.

حين تتضامن الشعوب مع بعضها، تهرع أحزاب السلطة للتخوين وتتسابق الأنظمة لنجدة بعضها، تتدخل وتؤازر بكامل عتادها وأموالها وإجرامها، في حين تستنكر علينا #هتافاً أو لافتة نرفعها تضامناً مع بعضنا البعض.

“فرّق تسد”، هذه القاعدة الأولى التي تقوم عليها أي سلطة، وفي السعي الدائم إلى التفرقة، تلجأ #الأنظمة إلى أدوات عديدة لتشجيع الاقتتال، في لبنان مثلاً، تستعمل السلطة، #الطائفية و #العنصرية، هكذا، ننشغل نحن المتضررون منها بكره ولوم بعضنا، عوضاً عن توجيه غضبنا نحو السلطة، التي يتسنى لها في هذا الوقت الاستمرار في فسادها ومراكمة أرباحها على حسابنا.

فكرة الساحات المليئة بالثوار من مختلف المناطق اللبنانية، أربكت السلطة. جميعنا رأينا محاولات السلطة لإعادة بث الطائفية، إن كان عبر إرسال مجموعات بهتافات طائفية أو من خلال إعادة نشر فيديوات قديمة جداً لشحن مناطق ضد أخرى.

أن نخلع عنا طوائفنا وزعماتها، ونقف جميعاً في وجه السلطة يعني أننا نمتلك القوة، إلا أن هذه القوة وحدها لا تسقط نظاماً، وإلا لماذا فشلت الثورات في دول أخرى؟ اتحادنا مع بعضنا داخل البلد الواحد لن يكون كافياً، لأن الأنظمة الأخرى عاجلاً أم آجلاً ستقدم خدماتها لمساعدة #النظام_اللبناني. اتحادنا كشعب واحد يمنحنا قوة، لكن اتحاد الشعوب هو ما يرعب الأنظمة، التي تعلم جيداً أن مصالحها مرتبطة، وسقوط أحدها يعني، لا محالة، سقوط الآخر.

حين نطالب بالحرية والعدالة لا يمكن أن نفصّل حرية على قياسنا فحسب ولا يمكننا صياغة حرية تناسب الفقاعة التي نعيش فيها، فالحرية لا تتجزأ، ولا يمكنني أن أطالب بحرية شعبي وأترفع عن المطالبة بحرية الشعوب الأخرى، أو أن أفاضل بين الدكتاتوريات أو أبرر لها، فالحرية هي أن لا نصطف مع نظام دون آخر.

لا يوجد في أي من بلدان المنطقة نظام جيد، جميعها شاركت بشكل أو بآخر في المجازر التي حصلت وتحصل بحق الشعوب الثائرة، لذا فإسقاط النظام غير ممكن من دون بناء  #تحالف_ثوري للشعوب المنتقضة لمواجهة أنظمة القمع والاضطهاد والاستغلال القائمة.



إن كنا فعلاً نريد إسقاط النظام، علينا إسقاط داعميه أيضاً، علينا إسقاط ملوك النفط، وزعماء الاستبداد، ورؤساء القتل في البلدان المجاورة، إن كنا مع الثورة حقاً، فهذا يعني أن الثورات في جميع البلدان ثورتنا أيضاً، وعلينا الوقوف مع جميع الشعوب ضد المنظومة القاتلة والعنصرية والطائفية.

هذه ثورتنا، ثورة مستمرة وممتدة بين كل البلدان. من فلسطين إلى سوريا ومصر والبحرين والسودان والجزائر والعراق واليمن وكل مكان من العالم. نبض الشعوب واحد.

من لبنان هتاف ثورة بكل البلدان



هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.