ديرالزور.. المنازل المتصدعة “قنابل موقوتة” تهدد حياة قاطنيها

ديرالزور.. المنازل المتصدعة “قنابل موقوتة” تهدد حياة قاطنيها

الحياة بين الأنقاض، داخل منازل متهالكة وآيلة للسقوط على رؤوس ساكنيها في أي لحظة، يكون على مسؤوليتهم الشخصية، هذا هو أقصى ما يمكن أن تقدمه أحياء مدينة #دير_الزور المدمرة لقاطنيها، منازل متصدعة وأخرى مدمرة بنسبة كبيرة وبلا سلالم أيضاً، حيث يشترط عليهم التوقيع على «إقرار» بالموافقة على مواجهة مصيرهم المحتوم بالموت تحت الأنقاض، مقابل السماح لهم بالعيش داخل بيوتهم التي قد تنهار على رؤوسهم، وهو ما يرد عليه الأهالي بالقول: «نموت في بيوتنا، أفضل من النزوح والعيش بداخل خيام متهالكة يخطف بها الموت، أرواح أبنائنا جوعاً أو برداً».

السكان وقعوا على إقرارات من قبل الجهات الحكومية في المنطقة، بمسؤوليتهم عن سلامتهم الشخصية في حال حصل انهيار لأي منزل على أصحابه.

مأساة حقيقية يعيشها سكان تلك الأحياء، تحت سقف يوشك على السقوط، وجدران غير موجودة، أو على أقل تقدير تملأها التشققات، هم مجبرون لعدم وجود بديل آخر أمامهم بعد أن أنهكهم #النزوح، مما يضطرهم إلى العيش وسط الركام، ينتظرون الموت الذي قد يداهمهم وأبناءهم في أية لحظة، وسط تجاهل حكومي لمعالجة هذه المأساة.

وتحتوي أحياء #العرضي والجبيلة والرشدية والحميدية والعمال وقسم من الموظفين، بداخلها آلاف «القنابل الموقوتة» من المنازل الآيلة للسقوط، التي انهارت أجزاء منها بالفعل نتيجة العمليات العسكرية التي مرت بها المحافظة، وداخل تلك الأحياء، وقعت عشرات الأسر على إقرارات بالعيش وسط الركام «على مسؤوليتهم الشخصية»، حتى وإن كان الموت في انتظارهم، فإنهم يرونه «أكرم» لهم من العيش في مخيمات النزوح، وفقاً لأبو عمر (أحد سكان حي #الجبيلة) الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية.

وداخل حي الرشدية، والتي يعد من أقدم أحياء المدينة وأكثرها عراقة، توجد مئات المنازل التي أهلكتها سنوات الحرب التي عاشتها المدينة، أحد المنازل، يظهر من واجهته أنه «شبه منهار»، دخل مراسل موقع «الحل نت»، ليكتشف انهيار نصف المنزل المكون من 3 طوابق، على مساحة تتعدى 150 متراً، الركام يغلق مدخل المبنى، عجز السكان عن رفع #الأنقاض، بسبب ارتفاع تكاليف إزالتها.

في هذا المنزل تعيش 5 أسر، وزعوا أنفسهم على 5غرف، استطاعوا بجهودهم الذاتية المتواضعة، تجهيزها للعيش فيها قدر الإمكان، منها ثلاث غرف في الدور الأرضي، يعيش سكانها تحت أسقف متصدعة، انهارت أجزاء منها، بلا أبواب موصدة، خوفاً من انهيار المنزل عليهم، وفى الدور الأول، تعيش أسرتان في غرفتان، دون دورة المياه، التي راحت مع النصف المنهار من المنزل نتيجة إصابته بقذيفة مدفعية سابقة.

تحدثت «لطيفة»، أو «أم سلمى» فضلت ذكر اسمها الأول فقط، من سكان المنزل ذاته، لـ«الحل نت» عن مأساة أسرتها التي أصبحت مهددة بالموت في أية لحظة وخاصة مع هطول الأمطار الغزير وأصوات الرعد القوية، وقالت، بينما كانت تحاول إسناد باب شقتها المخلوع: «وين نروح؟… #الإيجار كله غالى، وإحنا عيلة كبيرة، وما في إلا ابني الكبير يشتغل وراتبوا 35 ألف ليرة، غير اللي كل واحد فينا يحاول يأمنه ، ومع هذا بالزور ليكفونا لنص الشهر أكل وشرب»، وتابعت بقولها: «خلونا نوقع تعهد على أنو نحنا قاعدين على مسؤوليتنا الخاصة، وهذا اللي قدمته إلنا الحكومة» وفق تعبيرها.

وأعرب «عبيد الرزق»، أحد سكان حي الحويقة، عن غضبه إزاء تركهم في الحي يواجهون الموت، كما أبدى اعتراضه على مطالبة ذويه له بالانتقال بأسرته إلى شقة بالإيجار بداخل الأحياء المأهولة بدلاً من العيش في منزل متصدع، بقوله: «إيجار شو؟ أنا يا دوب عم أمن مصاريف الأكل والشرب، أقل بيت للإيجار بالجورة أو القصور بدو 50 ألف وأنا ما عندي، وراضين بقسمة ربنا واللي بدو يصير».

وقال «عمر السلامة»، أحد سكان الحي ذاته، بينما كان يرقد على سريره مصاباً بكسر في إحدى ساقيه، نتيجة سقوطه من أعلى السلم: «نحنا مالنا غير هالبيت، يا أما نتحمل ونقعد بيه أو نرجع نتشرد بين الخيم بهالبرد وتحت المطر»، وتابع بقوله: «البيت شوفة عينكم ما ينقعد فيه، بس ما معي مصاري مشان أعيش أنا وعيلتي بمكان ثاني، وانجبرت أوقع على إقرار أنوا نعيش بهالبيت على مسئوليتنا الشخصية» وفق قوله.

أما ابنته «ريم» فقالت إن «المنزل عبارة عن جدران نعيش فيها، ومو مبسوطين أنوا قاعدين أنا وأهلي ببيت رح يوقع على روسنا بأي لحظة».

وعلى الرغم من كثرة الحديث عن هذا المعضلة، وبرغم الكثير من المطالبات من قبل أصحاب البيوت وقاطنيها، وبرغم كل التهالك المرئي عليها والحوادث المؤسفة بها، إلا أن خارطة الانهيار والاندثار والتجاهل الحكومي المتعمد هو المتتابع عاماً بعد آخر هي السائدة حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.