في الوقت الذي ينتظر آلاف السوريين يومياً على طوابير الغاز، ويعانون الأمرّين لتأمين بضعة ليترات من المازوت تقيهم برد الشتاء، تتنافس الدول المتصارعة على الأرض السورية لوضع يدها على منابع النفط والغاز ومصادر الطاقة.

وتعمل تلك الدول على إبرام عقود ومشاريع طويلة الأمد مع الحكومة السورية، على عجل لتسديد فاتورة الحرب ودعم الحلفاء لها.

ومع بدء ترسيم مناطق النفوذ للدول المعنية بالشأن #السوري، بدءاً من شرق #الفرات الذي يعتبر خزان سوريا النفطي، حيث تتركز معظم حقول #النفط هناك، فأصبحت تحت الوصاية الأمريكية.

وأعلنها الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) الشهر الماضي بكل صراحة أن “النفط في أيدينا ويمكننا أن نفعل به ما نشاء”.

لكن موسكو لم تستغنِ عن حصتها في موارد #الطاقة السورية، بل أصبحت المتربع على عرش الدول المستثمرة لموارد الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي شرق البحر المتوسط، الذي يعادل الاحتياطي المقدر لبلوك بحري واحد من الغاز احتياطي البر كاملاً، وفقاً لتصريحات وزير النفط في الحكومة السورية (علي غانم).

سوريا “تعوم” على بحر من الغاز!

في العام 2010، قامت السفينة الأمريكية “نوتيلس” وبمساعدة تركية، بمسح جيولوجي، وتبيّن من خلال المسح أنّ واحدة من أكبر حقول احتياطي الغاز في العالم، تقع شرقي المتوسط، وهو حقل “لفيتان” العملاق للغاز باحتياطي قدره 23 ترليون قدم مكعب، حينها كانت سوريا في المرتبة 43 في احتياطي الغاز عالمياً، بواقع 240 مليار متر مكعب.

وبحسب موقع “hydrocarbons-technology” فإن تمّ استخراج الغاز من سوريا ستصبح “ثالث بلد مصدر للغاز في العالم”، أي أن سوريا ستحتل مركز قطر، بعد روسيا وإيران، حيث يقدّر مركز “فيريل” للدراسات احتياطي الغاز السوري بـ 28,500 ترليون متر مكعب.

وقال الباحث الاقتصادي (جميل حسين) لموقع (الحل نت) إن “روسيا تسعى للتحكم بالجغرافيا وإبعاد أي منافس مستقبلي، مثل قطر أو إيران، عن تصدير الغاز من شرق المتوسط إلى #أوروبا، والتحكم بالتصدير عبر الخط الحالي (بلو ستريم)، الذي ينقل الغاز إلى تركيا مروراً بالبحر الأسود، أو خط أنابيب (ساوث ستريم) لنقل الغاز إلى أوروبا”.

وأضاف حسين أن “المياه الإقليمية وغاز شرق المتوسط ستكون الحرب الطاقوية المقبلة عليها بين كبار المنتجين والمستهلكين في العالم وسوريا، فوفقاً لهيئة المسح الجيوبوليتيكة الأميركية، يحتوي ساحلها وتحت مياهها الإقليمية على مخزون من الغاز يقدر بـ 700 مليار متر مكعب”.

استحواذ روسي على الطاقة منذ 2013

رصد موقع (الحل نت) الاستثمار #الروسي في مجال الطاقة والغاز في سوريا منذ العام 2013، أي قبيل التدخل العسكري الروسي رسمياً في سوريا عام 2015، وكانت أولى العقود الموقعة بين شركة “سويوز نفتا غاز” الروسية مع السلطات السورية للتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية لمدة 25 عاماً، حيث تشمل عمليات التنقيب مساحة 2160 كلم مربع، وذلك في عام 2013.

وفي 2014، صادقت الحكومة السورية على عقد التنقيب المبرم مع روسيا عن النفط في الساحل السوري، والذي فازت به شركة “سيوز نفط” الروسية، بكلفة تقديرية بلغت 100 مليون #دولار.

وينص العقد على أن تقوم الشركة بإجراء عمليات المسح والتنقيب عن النفط والغاز، في المنطقة الممتدة من جنوب شاطئ مدينة طرطوس إلى محاذاة مدينة بانياس، وبعمق عن الشاطئ يقدر بـ 70 كيلومتراً طولاً، وبمتوسط عرض 30 كيلومتراً، وبمساحة إجمالية تبلغ نحو 2190 كيلومتراً مربعاً.

وكان العقد الأكبر من نصيب شركة “ستروي ترانس غاز” عام 2017 في التنقيب عن الغاز والنفط في شواطئ طرطوس وبانياس، بالإضافة إلى حقل قارة بريف دمشق، فضلاً عن حق استخراج الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر، لمدة 49 عاماً.

كما حصلت الشركات الروسية التالية “زاروبيج نفط، زاروبيج جيولوجيا، أس تي غه إنجينيرينغ، تيخنوبروم أكسبورت وفيلادا أوليك كيريلوف، ميركوري وديمتري غرين كييف”، على عقود للتنقيب وإعادة تأهيل حقول نفط وغاز، وصيانة مصافي نفط متضررة في سوريا في نفس العام.

وفي شهر أيلول 2019، وقعت الحكومة السورية، على هامش الدورة 61 لمعرض دمشق الدولي، ثلاثة عقود مع شركات روسية في مجال المسح، والحفر، والإنتاج في القطاع النفطي والغازي في المنطقة الوسطى، والمنطقة الشرقية، اللتين تُعدّان الأغنى في سوريا.

وفي الشهر الأخير من العام 2019، أقر مجلس الشعب، عقوداً للتنقيب عن النفط مع شركتين روسيتين تشمل التنقيب، والإنتاج في ثلاثة مناطق، من بينها حقل نفطي في شمال شرق سوريا وحقل غاز شمالي العاصمة دمشق، من خلال شركتي “ميركوري، وفيلادا” الروسيتين.

من جهته، أشار الصحفي الاقتصادي (أيمن محمد) إلى أن “حكومة النظام أعطت لروسيا الحق في السيطرة على ثروات سوريا الطبيعية بصبغة قانونية، من خلال بروتوكولات التعاون التي وقعت منذ العام 2014”.

وأوضح أن “تلك البروتوكولات تتيح لموسكو الاستثمار في قطاع النفط والغاز السوري، كما تم إنشاء اللجنة العليا السورية الروسية للتعاون الاقتصادي في 2017، التي تضمن حق الاستثمار في قطاعات الطاقة السورية”.

وأضاف محمد لموقع (الحل نت) أن “هذه الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون تعتبر بمثابة حصة روسيا من الكعكة السورية، وضمان لاسترجاعها الأموال التي موّلت بها النظام على مدار السنوات الماضية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة