مع فقدان الثقة بقدرة الليرة السورية على الثبات، واستمرارها بالتدهور منذ عام 2011، انتقل سوريون كثر إلى اكتناز العملات الصعبة، أو الذهب، أو شراء العقارات، أو السيارات بما يملكون من ليرات سورية.

وتوجه سوريون بكثافة نحو تبديل الليرات بالدولار الأميركي، العملة التي كسبت ثقة الجميع خلال الحرب كونها المستخدمة في التعاملات التجارية مع الخارج (استيراد، تصدير)، وبات سعرها أساساً يومياً لتقييم الوضع الاقتصادي، إضافة إلى سهولة تسييلها عند الحاجة.

مع استمرار تدهور الوضع #الاقتصادي السوري في ظل العقوبات الغربية، واتخاذ قرارات حكومية مضرة بالاقتصاد المحلي وفقاً لحديث العديد من الصناعيين والتجار، لموقع (الحل نت)، إضافة إلى تفشي #الفساد بشكل كبير بدلالة كثرة الحجوزات الاحتياطية على الأموال.

وبسبب كل ذلك انخفضت قدرة #الليرة_السورية الشرائية تحت الصفر لانخفاض الثقة فيها، وبات التعامل بالدولار الأميركي هو الغالب.

وقال الخبير الاقتصادي (زاهر أبو فاضل) لموقع (الحل نت)، إن “تسعير #السلع يومياً وفقاً لسعر صرف #الدولار أمر طبيعي، كون المستوردات تتم بهذه العملة، وخاصة أن مصرف سوريا المركزي لا يمول استيراد إلا بعض السلع المحددة بنشرة أسعاره الرسمية، وغالباً لا يحظى إلا بضعة تجار على ذلك التمويل بينما يتجه آخرون للسوق السوداء لشراء الدولار”.

وتابع أن “ارتفاع تكاليف المعيشة بالتوازي مع انخفاض قيمة الليرة، جعل التعامل اليومي بالدولار مقياساً لكل الأسعار وليس بالضرورة أن يكون التعامل بالدولار نفسه”.

سماع الأسعار بالدولار أخف وطأة من قيمتها بالليرة!

ويعقّب على ذلك (عمار. س) وهو رب أسرة من 5 أطفال يعيش بدمشق بقوله لموقع (الحل نت) “عندما تسأل البقال بكم سعر صحن البيض، ويجيبك بأنه يساوي دولارين، تشعر أنه رخيص، لكن عندما تعلم كم سعر الدولار اليوم وهو أكثر من 1000 ليرة، يتبين كم تدهور الحال الاقتصادي”.

وأردف “نتيجة #التضخم، بات الباعة يخبرون الزبائن بأسعار البضائع بالدولار بداية، ثم بالليرة السورية، كي يعلم الزبون أن سبب الغلاء هو تدهور العملة وليس الدولار بحد ذاته”.

بدورها، قالت (أم سامر) من منطقة مساكن برزة بدمشق، وهي موظفة حكومية إنها “مع كل صباح تفتح تطبيق العملات لمعرفة سعر صرف الليرة أمام الدولار اليوم، كي لا تتفاجأ بالأسعار، ومع ذلك، يمكن أن تحصل مفاجآت حتى لو استقر السعر”.

وتابعت لموقع (الحل نت) أن “هناك من يضارب بالسلع، نتيجة عدم الثقة بقدرة الليرة، فقد بات الباعة يبيعون السلع وفق أسعار دولار متوقعة في المستقبل ليوم أو يومين على أبعد تقدير، ومنهم من يبيع على سعر محتمل بعد ساعات”، لافتةً إلى أن “هذه مشكلة ثانية زادت من التضخم، وجعلتنا تحت خط الفقر”.

مستثمر: الدولرة مناسبة للوضع الراهن

متعهد أعمال البناء يدعى (محمود. أ)، أكد لموقع (الحل نت) أن “تعاملاتهم اليومية بشراء مواد البناء والإكساء تتم بالدولار، حيث اتجه الكثير من المتعهدين والتجار، إلى التعامل بالدولار لسهولة حمله وتداوله بالمبالغ الكبيرة، وخاصة عند شراء المحاضر والأراضي أو كميات كبيرة من المواد”.

وأضاف أن “الذي فرض علينا التعامل بالدولار، هو استمرار انحدار قيمة الليرة، وصعوبة حمل المبالغ الكبيرة، واستيراد البضائع أساساً بالدولار، وبالتالي فرضت #الدولرة عليناً فرضاً”.

وأوضح أن “الدولرة مناسبة للوضع الراهن، والعودة لليرة السورية حالياً قد يعيق العمليات التجارية السريعة بالمبالغ الضخمة، ولن يفيد بتحسين قيمة الليرة الشرائية نهائياً”.

وبعد اعتماد أغلب السوريين من مواطنين وتجار، على تقييم وضعهم الاقتصادي وأسعار المواد الاستهلاكية والغذائية على سعر الدولار، الذي تقول الحكومة إنه سعر مبالغ فيه ومتلاعب به من جهات خارجية.

أصدر الرئيس (بشار الأسد) مرسومين رفع بموجبهما عقوبة المتعاملين بغير الليرة السورية في جميع العمليات التجارية، وكل من ينشر أو يشارك أو يروج لسعر صرف الدولار في السوق السوداء المخالف لسعر الدولار في مصرف سوريا المركزي الثابت منذ سنوات على 435 ليرة سورية.

وتبع المرسومان بيومين، إعلان مصرف سوريا المركزي استعداده لشراء الدولار من أي مواطن بسعر 700 ليرة سورية، لما قال إنه “حرصٌ على المواطنين من المساءلة القانونية والملاحقات القضائية”، علماً أن السعر المعلن هو السعر التفضيلي للحوالات الخارجية الخاصة بالمنظمات الدولية، الذي حدده المركزي كانون الأول الماضي.

تحميل الخسارة للمواطنين وترهيبهم

وعلَّق بعض التجار في حديثهم مع موقع (الحل نت)، بأن المرسوم الأخير لن يحل مشكلة اقتصادية، وقال أحدهم مفضلاً عدم ذكر اسمه “هذه قضية اقتصادية ولا تحل بأسلوب أمني عبر التهديد والوعيد، أي أن نقوم بترهيب الناس وتهديدهم بالسجن إن تداولوا الدولار، ثم نعلن نيتنا شراء ما لديهم من دولارات، وتحميلهم خسائر فرق السعر بين السوداء والسعر المعلن رسمياً للشراء، مقابل تحقيق أرباح للخزينة”.

وأضاف أن “المواطن اشترى دولاراته بسعر مرتفع أكثر مما يريد المركزي شراءه نتيجة انفلات السوق وتدهور قيمة الليرة وعدم ضبط القضية من قبل المركزي نفسه، وليس بسبب المواطنين”.

وأردف “نحن تجار نستورد بضائعنا بالدولار، ونمول أنفسنا بعلم الدولة وبرغبة منها، عبر #السوق_السوداء لأن المركزي لا يريد استنزاف قطعه من الدولار، فقام بتخفيض قائمة المستوردات الممولة بالسعر الرسمي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.