نشرت صحيفة (لاكروا) الفرنسية بالأمس، تقريراً عن الأزمة الاقتصادية التي تجتاح لبنان. حيث يعيش اللبنانيون أسبوع غضب بعد شهور من الاحتجاجات، وذلك بعد صدمتهم بأكبر أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ البلاد، على حد وصف الصحيفة. فالناس يتظاهرون أمام البنوك ضد ما فرضته عليهم من قيود على سحب أموالهم، وكذلك ضد التضخم الجامح وتسريح العمال الذي لا يتوقف.

وتختصر (كارين)، مديرة الموارد البشرية في شركة تنظيم معارض مقرها في #بيروت وقد تم تسريحها من عملها في شهر تشرين الثاني الماضي، مخاوف غالبية اللبنانيين، بالقول: “لقد ادخرنا أموالنا لشراء منزل خاص بنا والتأمين على تقاعدنا والادخار لتأمين مصاريف جامعة طفلينا، ولكن ماذا سيحدث لهذا المال؟ أخشى أن كل شيء سوف يتبخر!”. وقد كان زوج (كارين)، المغترب لمدة عشر سنوات في المملكة العربية السعودية، يقوم سابقًا بتحويل راتبه بالدولار إلى لبنان. إلا أنه يحضره نقدًا الآن، في كل إقامة له في لبنان، خشية أن يتم تجميد هذه الأموال في البنك.

وكانت قد بدأت الاحتجاجات التي اجتاحت لبنان من أقصاه إلى أقصاه في 17 تشرين الأول الماضي على إثر الإعلان عن سلسلة من #الضرائب الجديدة. وقد استؤنفت الانتفاضة الشعبية، التي بدا أنها توقفت خلال العطلات، بقوة أكبر في يوم السبت الحادي عشر من الشهر الجاري، مع إطلاق “أسبوع الغضب”. حيث يستمر الركود السياسي لأن رئيس الوزراء الجديد، (حسن دياب)، والذي تم تعيينه في التاسع عشر من شهر كانون الأول الماضي، لم يقدم بعد حكومته، حتى لو بدا تعيين أعضائها وشيكًا. لكن الآن بات الغضب ضد #البنوك وهو ما تحول إلى سخط شعبي.

“أسبوع الغضب” بات في كل مساء، أمام مقر البنك المركزي في #بيروت أو أمام الوكالات والمكاتب. حيث تتحول المسيرات أحيانًا إلى مواجهة مع قوات الأمن الداخلية التي أعلنت عن مائة عملية اعتقال على الأقل. وتقول (لبنى)، البالغة من العمر خمسة وأربعين عاماً والعاملة في عيادة خاصة، بعد أن تم تحديد سقف سحبها بمبلغ 300 دولار (268 يورو) في الأسبوع، معبرةً عن سخطها: “لم يعد اللبنانيون قادرون على تحمل إجبارهم على “التسول” مقابل الحصول على الدولارات من حساباتهم منذ ثلاثة أشهر، والوقوف في طوابير طويلة لساعات أمام البنوك”. وتضيف قائلةً: “300 دولار! هذا هو الحد الأقصى للمبلغ الذي سمح به البنك الخاص بي أن أسحبه في الأسبوع، حتى في حالة حدوث إنفاق غير متوقع، في حين أن هذا المال مالي وهو ثمرة عملي”.

وقد كان قد تم فرض هذه الرقابة الشديدة على سحب #العملة_الأجنبية للتخفيف من النقص في الدولار وأزمة السيولة التي تواجه البنوك، دون أي توجيه رسمي من قبل البنك المركزي أو الحكومة. وتتراوح السحوبات المصرح بها من 150 دولارًا (134 يورو) إلى 1000 دولار (893 يورو) أسبوعيًا  لأولئك الذين يحالفهم الحظ.

ويضاف هذا التقييد المفروض على سحب الأموال تخفيض قيمة العملة التي لا يذكر اسمها. وإذا كانت البنوك مستمرة في تطبيق سعر الصرف الرسمي، الذي تم تثبيته عند 1507.5 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، فإن الليرة اللبنانية قد انخفضت قيمتها في السوق الموازية حيث يتم تداول إلى ما يصل إلى 2500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. ووفقًا للعديد من الدراسات، فقد ارتفع متوسط سلة المنتجات الاستهلاكية اليومية (الرز والحبوب والزيت وما إلى ذلك) بالفعل بأكثر من 30٪. وبالنسبة إلى (سناء وريتشارد)، المؤسسين الشباب لإحدى المدارس الموسيقية، فإن المعادلة كارثية. “يريد مالكنا تحصيل الإيجار بالدولار أو دفعه بمعدل 2000 ل.ل مقابل دولار واحد، بينما لا نزال نحصل فواتيرنا على الموسيقى بالسعر الرسمي”، يقول (ريتشارد) بقلق. ويضيف: “نحن بالكاد في وضع البقاء على قيد الحياة لأن نشاطنا يعتبر رفاهية”.

وتختتم (#لاكروا) تقريرها بالإشارة إلى أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت منذ عدة أشهر في لبنان لا تزال موجودة الآن، مع وجود مئات الشركات التي تسرح موظفيها أو تفرض عليهم القبول بالحصول على نصف الأجور، أو تخفيض ساعات العمل، أو حتى إغلاق أبوابها. فـها هو رامي، رب أسرة بالغ من العمر 53 عامًا ورئيس تحرير في مجال النشر لمدة 20 عامًا، ينهار على مرأى ومسمع الجميع. حيث يقول وهو يجهش بالبكاء:”بطردي من عملي هذا، فإنني أفقد راتبي، لكنني أفقد كذلك الضمان الاجتماعي لأطفالي الثلاثة وزوجتي وأنا”. ويختم رامي حديثه للصحيفة بالقول: “حتى خلال فترة الحرب الأهلية لم نواجه مثل هذه الأوقات الصعبة. الفقر يدخل كل بيت في #لبنان اليوم…”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.