نساء الرقة تثبتن للمجتمع أن مهن الرجال ليست حكراً لهم

نساء الرقة تثبتن للمجتمع أن مهن الرجال ليست حكراً لهم

لم تغب المرأة الرقاوية يوماً عن المشاركة في العمل إلى جانب الرجل، فنشطت منذ القدم في مجالات عدة، منها الزراعة وتربية المواشي والخياطة، إضافة للطب والمحاماة والهندسة وغيرها من المجالات الأخرى. كما عملت لجان المرأة التابعة للمجلس المدني في الرقة وريفها منذ خروج #داعش من المنطقة، على مساعدة النساء في تحصيل معظم حقوقهن المسلوبة والعمل على تمكينهنّ، ليأخذن دورهنّ بشكل كامل، كعضو أساسي وفعال في المجتمع، متحديات بذلك كافة القيود والعوائق التي فرضت عليهن على مدى سنين طويلة.

دعم المرأة

تقول سمر السايس (صاحبة مشغل خياطة بحي #المشلب) لموقع «الحل نت» إن « المرأة لم تتمتع بحريتها الشخصية قبيل سيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية (#قسد) على المدينة، فتنظيم (#داعش) فرض قيود صارمة على النسوة وعقوبات قد تصل أحيانا إلى القتل والرجم، إلى جانب تخوف الأهل من ذلك، فكانوا يزيدون من تشديدهم على بناتهم أو زوجاتهم أو أخواتهم، ويمنعوهن الخروج من المنزل، خوفاً من مصيبة قد تحل بهم، ربما تكون من لا شيء»، وفق تعبيرها.

وأشارت خلال حديثها إلى أن العادات والتقاليد المتوارثة في بعض الأحيان لم تكن أقل قسوة من قيود التنظيم، لا بل شبيهة بها في بعض الأوقات، والتي تجعل من المرأة ربة منزل مهمتها رعاية زوجها وأولادها فقط، إلى جانب التشكيك الدائم بكفاءة وذكاء المرأة من قبل البعض في قدرتها على استلام مناصب قيادية في المجتمع.

وعن الفترة التي تلت سقوط عاصمة «الخلافة المزعومة» تقول «السايس» إنه «عقب خروج التنظيم من المدينة تسارعت الأحداث، وبدأ التركيز على دعم المرأة لتثبيت أقدامها في المجتمع، وبسبب إيمان اللجان بذكاء المرأة وقدرتها على تحمل العبء، قامت بتنظيم دورات مهنية باختصاصات مختلفة لمعظم نساء المنطقة، حيث خضعت لدورة خياطة لمدة أربعة أشهر وعقبها قامت اللجان بتأمين فرص عمل لنا بأحد مشاغل الخياطة في الحي الذي أقطنه، نتيجة العمل بجهد وبعد سبعة أشهر أصبحت أملك مشغل خاص بي تعمل به 10 نساء من الحي، والفضل يعود للجان المرأة التي آمنت بقدرتي».

مهن جديدة

لم يقتصر نشاط المرأة في المهن النسوية التي عملت بها قديماً، بل وعمدت على مشاركة الرجال في مهنهم وكسرت احتكارهم لها كونها نصف المجتمع، بحسب مريم الرشيدي (صاحبة ورشة نجارة ألمنيوم) والتي تحدثت لموقع «الحل نت» قائله: إنه «بإمكاننا العمل في جميع المهن ولا يحق للرجل أن يحتكرها لنفسه، فالمنزل يحتاج إلى مصروف يومي ونظراً لوضع العمل الصعب الذي يواجه زوجي وكون أن نجارة الألمنيوم مهنة والدي وأنا أحبها منذ صغري، تشجعت وافتتحت الورشة بعد أن خضعت لدورة مهنة لمدة خمسة أشهر في نفس المجال، وعقب انتهائها مُنحت شهادة خبرة أستطيع العمل بها في شركات المدينة»، مشيرةً إلى أنها «تقدم المساعدة لزوجها في العمل بالورشة أحياناً».

فيما تقول إسراء عبد الحكيم (عاملة في فرن معجنات) لـ«الحل نت» إنني «لطالما أردت أن أعمل في هذا المجال من قبل؛ لكن الظروف لم تكن تسمح كون أن المرأة لم يكن لها الحق بالعمل، وعقب حضوري لدورات توعوية عدّة في مكاتب لجنة المرأة تشجعت على العمل وقامت اللجنة بتأمين فرصة عمل لي بأحد أفرانها التي افتتحتها مؤخراً، إذ نعمل في الفرن أربعة نساء بمردود أسبوعي يقدّر بتسعة آلاف ليرة سورية، أقوم بتأمين بعض مستلزمات المنزل وأساعد زوجي بالمصروف كون الأسعار مرتفعة جداً مع الانهيار الحاد بسعر #الليرة_السورية، خاصة وأن عمل زوجي في مجال الأعمار يتوقف في الشتاء».

بدورها تحدثت أمينة كنجو (صاحبة ورشة نجارة موبيليا) للموقع قائلة: «فقدت زوجي في معارك #الرقة وأهلي نزحوا إلى #تركيا قبيل سيطرة التنظيم على المدينة، فقررت الاعتماد على نفسي، والبدء بالعمل في ورشة نجارة موبيليا صغيرة، بعد أن خضعت لدورة تدريبية لمدة خمسة أشهر أقامتها لجنة المرأة العام الماضي وعقب انتهائي منها قامت اللجنة بمساعدتي عبر تأمين معدات العمل على أن أقوم بدفع نصف ثمنها بعد افتتاح الورشة، والعمل بها».

نظرة المجتمع

وعن نظرة المجتمع لها كونها امرأة وتعمل نجارة، تكمل «كنجو» حديثها عن ذلك: «بالنسبة لمجتمعنا لم يعهد من قبل امرأة تعمل في هكذا مهن، وفي البداية تلقيت بعض الانتقادات من النساء قبل الرجال، لكن مع مرور الوقت تعود الجميع على ذلك، كما أن جاري الذي فتح سوبر ماركت أصبح يأذن لزوجته بالنزول للدكان والبيع فيه، وزوجي وأولادي يقدمون لي الدعم الكافي وسأستمر في العمل لتحسين أمور أسرتي وإعادة ترميم منزلنا شبه مدمر» وفق تعبيرها.

أما مشعل العلي (من سكان #حي_الطيار) فقال لموقع «الحل نت» «أحيي النساء التي تعمل لإطعام أطفالها ومساعدة زوجها في المصروف اليومي، الذي أصبح ثقيلاً بسبب ارتفاع #الأسعار، أو بهدف إعادة ترميم المنزل، فعمل المرأة أصبح طبيعي في المدينة بسبب توفر الفرص لهن بكثرة، ونظرة المجتمع، لن تأبه بها امرأة شجاعة قررت تحمل عبئي العمل في المنزل وخارج المنزل، بكل إرادة وتصميم».

عالم أجمل مع المرأة

عجزت دول العالم من جعل معدل استخدام #المرأة ودخلها وظروف عملها تتماشى مع تلك الخاصية بالرجل. ووفق #منظمة_العمل_الدولية، يبلغ معدل مشاركة المرأة عالمياً في القوى العاملة 50%، مقارنةً مع 77% للرجل. ولكن وجود عددٍ أكبر من النساء في #سوق_العمل ليس كافياً، بل إن نوعية الوظائف هي الهدف الأسمى، حسب تقرير للمنظمة.

«عندما تصبح المرأة في وضعٍ أفضل، يغدو العالم مكاناً أفضل للجميع». هكذا وصفت «شونا أولني»، رئيسة قسم النوع الاجتماعي والمساواة والتنوع في منظمة العمل الدولية، أهمية عمل المرأة في الحياة قبل سنوات، مؤكدة من أنه وتحقيقاً لتلك الغاية، أدرجت 193 دولة المساواة بين الجنسين كأحد العناصر الرئيسة في أجندة #الأمم_المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 التي أُقرت مؤخراً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.