«حراس الدين» في سوريا من التكيّف مع تنظيم «القاعدة» إلى التقهقر!

«حراس الدين» في سوريا من التكيّف مع تنظيم «القاعدة» إلى التقهقر!

عندما تأسّس تنظيم «حراس الدين» في أواخر عام 2018، كان تنظيم «القاعدة» يحاول من خلال «حراس الدين» التأكيد بأنّه لا يسعى لخسارة الساحة «الجهادية» السورية بسهولة. وجاء تأسيسهم بعد أن رمت «هيئة تحرير الشام» راية القاعدة، وحاولت الانخراط في التفاهمات الدولية لإبعاد خطر الإبادة عنها، فلم يبقَ لدى الأخيرة من يحمل إرثها في سوريا.

ولكن بعد أكثر من عام على تأسيس «حراس الدين» يبدو أن هذا المشروع القاعدي فشل في تحقيق طموحات قيادات القاعدة، على الرغم من التنظيم المحكم في هيكلة هذا الفصيل المتشدّد، واستغلاله نقاط قوّةٍ عدّة لإنجاح هذا المشروع.

بداية على عكس المتوقّع

في بدايات ظهور «حراس الدين» كانت وسائل الإعلام العربية والعالمية، تتوقّع أن فصيلاً قاعدياً جديداً ولد في #سوريا، سوف يكون الأكثر خطوة في الساحة «الجهادية» السورية. وأظهرت عناوين مراكز الأبحاث العالمية والمؤسسات الإعلامية أنّه «إعادة تجديد شباب التنظيم، والفصيل القاعدي الأكثر خبرة وحامل راية القاعدة».

لم يعرّف «حراس الدين» نفسه على أنّه مقرّبًا من #الثورة_السورية، كما أنّه لم يحمل في رسالته أيّ من قيم #الحرية والديمقراطية التي ينشدها معظم السوريون بعد عدّة سنوات من المعارك. ولكن بعد فترةٍ من وجوده على الأرض، خسر التنظيم البُنى التحتية والمواقع الاستراتيجية التي كان يحصل منها على الدعم، وكذلك الأمر خسر الأسماء البارزة في قياداته، وكذلك الحال بالنسبة للمقاتلين الذين لا يتجاوز عددهم الـ 1000 مقاتل بعد انسحاب الكثير من المقاتلين منه.

مقاتلون أجانب وتمويل خارجي

يقول عبد الرحمن الحاج، أستاذ جامعي متخصص في الحركات الدينية: «إن فصيل (حراس الدين) مكوّن بشكلٍ أساسي من المقاتلين الأجانب، لأن #المقاتلين_السوريين، إما اندمجوا مع فصائل أخرى، أو لديهم هدفًا أساسيًا يتمثّل في محاربة النظام».

وأوضح «الحاج» أن هناك قلّة من المقاتلين السوريين الذين انضمّوا إلى «حراس الدين» ولكن التنظيم بالأساس «يقوم على المقاتلين الأجانب، وهو ما شكّل له نقطة ضعف، وجعلته من جهةٍ مستهدفًا من الأطراف الدولية، ومن جهةٍ اخرى، غير مرحّب به من قبل السكّان في مختلف مناطق سوريا، لأن البيئة السورية التي وُجد فيها التنظيم غير حاضنة له وهذا أبرز الأسباب التي أدّت إلى اقتراب تفكّكه».

وأضاف المتخصص في شؤون الحركات الجهادية: «حاليًا يقاتل تنظيم (حراس الدين) في مناطق تمركزه، وهي مناطق جبلية وعرة لا تحتوي على أيّ مورد وهذا يؤثّر على تمويله».

وأكمل: «لا يُعتبر حراس الدين بالأساس تنظيماً مؤسّساً بشكلٍ هرمي وله قاعدته في سوريا، فهو قام فقط بجمع فلول (القاعدة، وداعش) وبعض المنشقّين عن جبهة النصرة، وبالتالي لا أساس سياسي له، كما أنّ أساسه الاجتماعي رخوًا لذلك لا يوجد أي من عوامل استمرار لحراس الدين».

يرى الحاج أن «اغتيال قادة التنظيم الأساسيين لن يؤثّر على تمويله، لأنّ التمويل قائم على أنّ (حراس الدين) جزء من تنظيم القاعدة، وهذه الشبكة الأم هي مصدر تمويل الجماعة، وهي تستمر بتمويله طالما أنّه مستمر بالانصياع لتنظيم القاعدة وتنفيذ اجنداتها في سوريا».

وبحسب الأستاذ الجامعي، فإن «هناك نقطة ضعف مفصلية في تنظيم (حراس الدين) وهي اعتماده بشكلٍ رئيس على التمويل الخارجي المحصور بالشبكات الخارجية، وهذا الأمر يهدّد مستقبله بسبب عدم وجود مصادر تمويل محلية».

على غرار بقية التنظيمات المتشدّدة التي تتكوّن وتسعى لاحقًا للتواصل والحصول على الدعم، فإن «حراس الدين» نشأ كفرع عن القاعدة، وبالتالي فإنّه حاصل على التمويل بشكلٍ مسبق، وتم إرسال شخصيات من التنظيم الأم لتأسيسه ولم شتات «القاعديين».

نهاية في المناطق الوعرة

يرى «الحاج»، أن عوامل استمرار «حراس الدين» محدودة، بسبب عدم وجود تمويل محلي له، ولا يملك التنظيم أيّة قاعدة اجتماعية، كما أن أسماء الأعضاء المؤسّسين له يجعله عرضة لهزّات كبيرة جدًا في المستقبل، ولا سيما أن «قضية المقاتلين الأجانب في سوريا تُعتبر أساسية بالنسبة إلى أي حل سياسي في #إدلب، وهو ما يجعل (حراس الدين) جزءاً من المشاكل التي سوف تواجه السوريين في المستقبل خلال أي #حل_سياسي سواء على الصعيد المحلي السوري أو على الصعيد الدولي».

أمّا عن مستقبل التنظيم فقال «الحاج»: «بالنظر إلى أن (حراس الدين) لا يتمتّع بالحاضنة الشعبية، ويعتمد بشكلٍ أساسي على التمويل الخارجي، فإن تأثيرهم سوف ينخفض أكثر ممّا هو عليه حالياً، إذ أن قوتهم مستمدّة من الدفاع وليس الهجوم؛ وبالتالي فهم مهدّدون بالتراجع شيئاً فشيئًا، وانخفاض المساحات التي من الممكن أن يتحرّكوا فيها».

ويعتقد عبد الرحمن الحاج، الأستاذ الجامعي والمتخصص في الحركات الدينية، أن «عناصر التنظيم قد ينتهي بهم المطاف في الجبال والمناطق الوعرة كما هو الحال في #باكستان، وهي أمور تتوقّف على الصيغة النهائية التي سوف يصل إليها الصراع في سوريا، ولكن وجود (حراس الدين) في كل الأحوال، سوف يكون على شكل استعصاء في مناطق جبلية، وقد يسبّبوا مشكلةً طويلة الأمد للسوريين». مؤكداً في ختام حديثه أن «حراس الدين حالياً في ضعفٍ مستمر ويتآكل بسبب تراكم الأحداث، ورفضه من #المجتمع_السوري، واعتماده على #التمويل الخارجي، وهو ما يؤكّد ضعف قدرته مع الوقت والصمود بالبقاء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة