لم يكن يعلم (محمد) أن مبلغ مليون ليرة، الذي استثمره في مؤسسة (شجرتي) قبل نحو شهرين سيتبخر في يوم وليلة، بعد وعود وإغراءات بتقاضي فوائد عليها تقترب من 100% خلال عام واحد فقط.

محمد شاب سوري (31 سنة)، هو واحد من عشرات آلاف #السوريين الذين وقعوا ضحية عملية نصب واحتيال كبرى من قبل شركة ومؤسسة لطالما نقلت أخبارها وسائل الإعلام الرسمية والخاصة على أنها مؤسسة تقدم خدمات بيئية (زرع #الأشجار)، إضافة إلى دعم المشاريع الشبابية، وتأمين فرص #العمل ضمن مشروع (شجرتي).

وتضم (شجرتي) أيضاً (مركز الأعمال الكوري) لصاحبها (زاهر زنبركجي)، إذ جمع مئات ملايين الليرات خلال فترة عمله منذ عام 2016 في مكتبه بمنطقة المزة غربي #دمشق، وتبرأت منه فيما بعد جميع الوزارات، والفعاليات الحكومية، وأنكرت معرفتها بنشاطاته.

فوائد مغرية.. وعناصر الجيش هم الهدف

قبل أيام، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر قيام جهات تابعة للحكومة السورية، بإغلاق مكتب مؤسسة (زاهر زنبركجي)، بالشمع الأحمر، والذي يضم مشروعي (#شجرتي) و (مركز الأعمال الكوري).

وتبيّن فيما بعد أن “نحو 30 ألف شخص معظمهم من عناصر في “قوات #النظام” أودعوا أموالهم في هذه الشركة على أمل حصولهم على فوائد سريعة وكبيرة في نفس الوقت، بكل سهولة وبدون أي تعقيدات روتينية، بحسب ما نقلته صحيفة (الوطن).

وأضاف (محمد) لموقع (الحل نت) “تعرفت على الشركة من خلال صديق لي أودع لديها قبل عام 120 ألف ليرة، وحصل على أرباح وصلت لـ 80 ألف ليرة بالفعل، فتشجعت للموضوع، وأودعت مليون ليرة على أن أحصل على مبلغ 800 ألف ليرة كأرباح بعد 8 أشهر، وهذا مالم يحدث بعد أن أغلقت الحكومة الشركة وتبيّن أنها غير قانونية، فأدركت تماماً أنني وقعت ضحية عملية #نصب”.

(سحر) ربة منزل، لم تكن أحسن حالاً من محمد، فهي الأخرى استثمرت 300 ألف ليرة في مشروع (شجرتي) قبل نحو 4 أشهر، وأوضحت في حديث لـ (الحل نت) “قمت ببيع أسوارتي الذهبية لأشتري أسهم في الشركة كما أخبرتني الموظفة هناك، ومن بعدها انتظر لأجني أرباح أنا اليوم في أشد الحاجة إليها بخاصة مع الغلاء الفاحش في الأسعار وغياب مصدر للدخل”.

وأوضحت سحر “أعرف عشرات الأشخاص الذين قاموا ببيع أشياء ثمينة لديهم، أو الاستدانة أو أخذوا قروضاً من البنوك لشراء أسهم في الشركة، ولم أتوقع أن يكون الأمر عملية احتيال، خصوصاً أن مقر الشركة معروف في أرقى مناطق البلد وصاحبها شخصية معروفة ويظهر على #التلفزيون ووسائل الإعلام بشكل دائم منذ سنوات”.

أرباح تصل لـ 100%

ووفقاً لمن تحدث إليهم موقع (الحل نت) فإنه عند الذهاب إلى مقر الشركة، يُعطى الشخص الراغب بإيداع أمواله “بطاقة” مكتوب عليها المعلومات الشخصية للمودع مسجل عليها تواريخ الإيداع والمدة الزمنية، التي يجب عليها انتظارها لكسب الفوائد.

كما يُسلم المودع أوراقاً وكتيبات تشرح عمل الشركة (شجرتي) والشراكات التي أنجزتها مع وزارة الإدارة المحلية وغيرها من الشركات، حيث كانت مقتصرة في البداية على “عناصر الجيش” ومن ثم أًصبحت مفتوحة لجميع المواطنين.

وطريقة الاشتراك وشراء الأسهم في الشركة، تتم عبر طريقتين (عادي وشهري)، بحسب صحيفة (الوطن).

نظام الاشتراك العادي يضم نوعين، الأول قسيمة بقيمة 100 ألف ليرة سورية، بحيث يدفع المودع 60 ألف ليرة، ويحصل على يسمى بـ “دعم”، بقيمة 40 ألف ليرة بعد 8 أشهر، أي (100%) سنوياً، أما القسيمة الثانية، فهي 150 ألف ليرة، الدفع 90 ألف ليرة، بـ “دعم” 60 ألف ليرة، بعد 10 أشهر، أي بفائدة 6 آلاف ليرة شهرياً، بمعدل 6.66%.

أما النظام الشهري، فتضمن فترة انتظار لمدة 4 أشهر، لأول مرة من كل قسيمة جديدة، وتبدأ الدفعات بقسيمة 100 ألف ليرة، ويكون الدفع 60 ألف #ليرة، والدعم 10 آلاف كل شهر، لمدة 4 أشهر، وهناك قسيمة 150 ألف ليرة، يكون الدفع 90 ألف، والدعم 15 ألف كل شهر لمدة 4 أشهر، وفي حالة تجديد القسيمة لا يوجد فترة انتظار، ويمكن الاشتراك بعدة قسائم للشخص الواحد.

تبرؤ حكومي!

وعلى الفور، وبعد انتشار خبر إغلاق الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، سارعت جهات حكومية إلى نفي علاقتها ومعرفتها بأمر الشركة.

وأصدرت وزارة البيئة بياناً ذكرت فيه “وردتنا معلومات تفيد بأن مركز الأعمال الكوري يقوم بنشاطات ذات طابع تجاري باستخدام اسم مشروع شجرتي واسم وزارة الإدارة المحلية والبيئة، علماً أن #الوزارة ليس لديها أي علم بهذا الموضوع، وأن مشروع شجرتي كان من خلال مذكرة تفاهم تم توقيعها في عام 2012 بين وزارة الدولة لشؤون البيئة ومركز الأعمال الكوري في حينه، ويتعلق بحملات تشجير وتوعية بيئية فقط، دون وجود أي نشاطات تجارية مرافقة”.

بدورها، أكدت مديرة الشركات في وزارة التجارة الداخلية (إلهام شحادة) في تصريحات صحفية “عدم وجود ترخيص لدى الوزارة باسم الشركة #الكورية أو شركة شجرتي أو حتى باسم صاحب الشركة #زاهر_زنبركجي”.

إلا أن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي شككوا في الرواية الرسمية، خصوصاً وأن صاحب الشركة (زاهر زنبركجي) يعمل تحت مظلة السلطات السورية، ومنذ سنوات ويملك مكتباً معظم المتعاملين معه من عناصر الجيش، ودائماً ما يظهر على وسائل الإعلام الرسمية بنشاطاته، التي تهدف بحسب وصفه (لتشجيع الشباب على الاستثمار وخلق المزيد من فرص العمل).

“زنبركجي” في السجن والمودعون بانتظار أموالهم

وما هي إلا أيام قليلة، حتى كشفت وسائل إعلام محلية عن إلقاء القبض على (زاهر زنبركجي)، والذي تبيّن أنه لا يملك حسابات مصرفية، ويقوم بتجميع النقود في منزله التي وصلت لمئات الملايين من الليرات، وتوزيعها فيما بعد على بعض المنازل الآمنة الأخرى، حيث أكدت مصادر قضائية أنه “جاري جمع #الأموال ومن ثم #الحجز عليها وتوزيعها على المدّعين”.

تواصل موقع (الحل نت) مع المحامي (عبد الرحمن شعار) للوقوف على الجانب القانوني من الموضوع، إذ قال إن “جمع الأموال هو جرم يحاسب عليه القانون السوري، حيث تتراوح عقوبته بين 5 و15 عاماً، بحسب المادة رقم 8 للعام 1994، إضافة إلى تغريم المتهم والحجز على أمواله وأملاكه”.

وتابع أنه “يتم توزيع الأموال على المتضررين ممن تقدموا بدعوى أمام القضاء فقط، وهذا يعني أن كل من قام بالتعامل وإيداع أمواله في هذه الشركة يجب عليه تبليغ السلطات المختصة ليستطيع ضمان حقه من المبالغ، التي تم الحجز عليها”.

وتكررت في #سوريا خلال العقدين الماضيين حالات الاحتيال المالي، عبر شركات تجمع الأموال بحجة تشغيلها، وتعلن إفلاسها فيما بعد، كما حصل مع شركة “الكلاس” وشركة “الجاز” في #حلب، إضافة إلى شركات “التسويق الشبكي” المنتشرة سوريا، التي تبيع “سلع ومنتجات” باهظة الثمن للمشترك فيها مقابل دخوله كـ “شريك”، وتبيّن فيما بعد أن السلع المباعة مزيفة ولا تساوي ربع المبالغ التي دفعها المشتركون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.