حملة «بدنا نعيش»: تجار الحروب والفاسدين في الحكومة يزيدون آلام البشر

حملة «بدنا نعيش»: تجار الحروب والفاسدين في الحكومة يزيدون آلام البشر

تتواصل حملة بدنا نعيش في السويداء، كرد فعل على تردي مستوى المعيشة بشكل غير مسبوق، لتلقي الضوء على التهميش الذي تتعرض له المحافظة منذ سنوات، والذي ترافق مع بروز ظواهر سيئة كالخطف، محملة الفاسدين في الحكومة المسؤولية عن هذا الأمر، فيما بدأت الجهات الرسمية بتخوين هذا الحراك…

وبين مطالب الحملة المحقة؛ والموقف الرسمي، ما يزال الكثير من المواطنين يتخوفون من استغلال الحراك وتطوره إلى صدام في المحافظة لا تحمد عقباه، فيما يعتبر آخرون أن هذا الحراك جاء متأخراً.

الإهمال الحكومي ساهم بتهميش المحافظة

تعتبر محافظة #السويداء من المحافظات الفقيرة، إذ تظهر إحصائيات التقرير الوطني الثاني لأهداف التنمية للألفية في #سوريا الصادر في أيلول عام 2005، أن معدل الفقر تحت الخط الأدنى بلغ 18.77% في عام 1997 في المركز قبل الأخير، فيما كان معدل الفقر بشكل عام في البلاد 14.26%. وفي عام 2004، بلغ #معدل_الفقر في السويداء 17.72%، فيما بلغ معدله بشكل عام 11.39%. فيما ارتفع المعدل في سوريا بشكل عام خلال سنوات الحرب التي تلت الحراك الشعبي السلمي إلى حوالي 90 % بحسب تقارير إعلامية.

ويعود أحد أسباب ارتفاع معدل الفقر في المحافظة إلى اعتمادها على قطاع الزراعة، وهو قطاع غير آمن بسبب الجفاف، بالإضافة إلى قلة المعامل والمصانع على مستوى المحافظة، إذ يوجد فيها خمسة معامل فقط، وهي معمل للأحذية، ومعملين للسجاد والموكيت، ومعمل لتصنيع العنب تتبع جميعها لوزارة الصناعة، بالإضافة إلى شركة عصير الجبل الخاصة. يضاف إلى ذلك إحجام المستثمرين في السنوات التي سبقت الأزمة من الاستثمار في المحافظة خاصة والمنطقة الجنوبية عامة.

وفي سنوات الأزمة، لم تول الحكومات المتعاقبة أيّ اهتمام بتوطين صناعات كانت منتشرة في مناطق النزاع ونقلها إلى المحافظة، كونها تتمتع باستقرار نسبي، تلا ذلك امتناع حكومة #عماد_خميس من زيارة المحافظة في عام 2017، بعد حادث اختطاف أحد ضباط المراسم من قبل عائلات شبان مفقودين من السويداء.

الوافدون والعمران والتهريب

لم تشهد المحافظة خلال سنوات الحرب سوى ثلاثة أحداث أمنية كبيرة، وهي تفجير مقر للمخابرات الجوية في تشرين الثاني عام 2013، واغتيال زعيم حركة مشايخ الكرامة المناوئة للحكومة الشيخ #وحيد_البلعوس في أيلول عام 2015، وهجوم «داعش» على مناطق في ريفيّ السويداء الشمالي والشرقي أواخر تموز عام 2018، مما أسهم بوجود استقرار نسبي.

وأدى هذا الاستقرار إلى لجوء عشرات الآلاف من أبناء المحافظات السورية إلى السويداء، حيث قام هؤلاء بتنشيط الحركة الاقتصادية من خلال افتتاح البعض مشاريع إنتاجية من جهة، والتحويلات التي كانت تصل لمعظم الوافدين من ذويهم خارج البلاد من جهة ثانية. تزامن ذلك مع حركة عمرانية كبيرة شهدتها المحافظة وخاصة المدينة، من خلال إنشاء آلاف الشقق السكنية وذلك عبر المغتربين.

كما أسهمت حركة تهريب #المازوت في ريفيّ السويداء الشرقي والشمالي، باتجاه محافظة #درعا التي كانت معظمها تحت سيطرة #فصائل_المعارضة، في تحسن الأوضاع المعيشية للكثير من الأشخاص، مستفيدين من عدم اتخاذ الجهات الأمنية أية إجراءات لمكافحته، إلا أن التهريب توقف في عام 2016، وانتهى مع اندحار «داعش» شرق البلاد وسيطرة الجيش النظامي على درعا.

بعد توقف التهريب، برزت عصابات الخطف والسرقة إذ عاثت فساداً دون أيّ تدخل من الجهات الأمنية، مما أدى إلى مغادرة معظم الوافدين المحافظة، ترافق ذلك مع كساد سوق العقارات أسفرت جميعها عن تراجع الوضع المعيشي بشكل كبير.

ويسعى الكثير من أبناء المحافظة إلى السفر خارج البلاد للمساعدة في تأمين العيش الكريم لعائلاتهم، إذ شكلت #لبنان خلال الحرب أحد الوجهات الرئيسة، كما قام المئات مؤخراً وخاصةً من طلاب الجامعات بترك دراستهم والسفر إلى العراق لمساعدة أسرهم.

انهيار الليرة… والدعوات للتظاهر

أدى تدهور #سعر_صرف_الليرة، ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة أمام العملات الأجنبية في الآونة الأخيرة، إلى استياء شعبي في السويداء، مسبباً ارتفاعاً جنونياً في الأسعار، واستمرار المعاناة في تأمين بعض المواد الأساسية كالمشتقات النفطية.

تزامن تدهور الليرة مع اندلاع الأزمة في لبنان، مما أدى إلى عودة الكثير من أبناء المحافظة الذين يعملون فيه دون الحصول على مستحقاتهم ليسهم ذلك في تفاقم الأزمة.

وعلى الرغم من هذا الواقع المعيشي السيئ، إلا أن الاحتجاجات التي حملت شعار #بدنا_نعيش التي تواصلت منذ 15 كانون الثاني الجاري، لم يشارك بها إلا ما بين 150 إلى 200 شخص، حملوا شعارات تطالب بتحسين الوضع المعيشي، ومحاربة الفاسدين، وتحتج على الوضع الأمني في المحافظة. ويتخوف مواطنون في المحافظة من المشاركة في الحملة، خوفاً من استغلال البعض لهذا الحراك، وحدوث خروقات أمنية من شأنها أن تفاقم الوضع الأمني المتردي أصلاً في السنوات الأخيرة.

تخوين الحملة رسمياً

اتهمت الجهات الرسمية في المحافظة، ارتباط المحتجين بجهات خارجية وجماعات مسلحة تسعى لتجييش الوضع، مشيرة إلى أن ما تم في هذا الحراك هو «مطالب محقة يراد بها باطل».

وقال رئيس مجلس المحافظة «رسمي العيسمي» في افتتاح جلسته العادية الحالية إنه «جرى دعوة عدد منهم إلى مكتب المجلس والوقوف على مطالبهم والاتفاق على رفع مطالبهم إلى أعلى المستويات»، منوهاً برفضهم مقابلة محافظ السويداء في اليوم التالي حيث اتضح لاحقاً وبعد متابعة وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) أن هناك جهات أخرى وراء التجييش والتظاهر وخلق الفوضى مختصراً كلامه بأن ما تم من حراك هو مطالب «محقة يراد بها باطل»، وذلك وفقا لصحيفة «الوطن» المحلية سبه الرسمية.

بدوره، أشار أمين فرع حزب البعث الحاكم «فوزات شقير» إلى متابعة كثير من المكالمات والمحادثات التي أثبتت وجود جهات خارجية ومجموعات مسلحة، تقوم على التجييش مقابل دفع مبالغ مادية للذهاب بالمحافظة إلى الفوضى وخلق انقسامات في المجتمع، وما يثبت ذلك رصد مجموعة تقوم بتوزيع مبالغ مالية على الطلاب بعد خروجهم من مدارسهم، أي العودة إلى الأسطوانة ذاتها حين يكون هناك رفض شعبي للسياسات الحكومية.

إلا أنه برز موقف لأحد أعضاء المجلس #حسام_كيوان، انتقد أداء الفريق الحكومي في المحافظة، ورفض رئيس مجلس الوزراء زيارة السويداء، والوقوف على مطالب وأوجاع الشعب، موضحاً أن أداء الفريق الحكومي سيوصل المحافظة إلى مكان لا تحمد عقباه مؤكداً أن الجميع مع رفع الصوت عالياً ضد الظلم وضد من يقف وراء تجويع الناس لكن لا أحد مع الفوضى وجر المحافظة إلى الفتنة.

تجار الحروب

قالت حملة #بدنا_نعيش في تصريح صحفي نشر على حسابها على الـ«فيسبوك» إن مطلب العيش الكريم ليس رأياً ولا موقفاً سياسياً يحتمل الجدل، بل هو حق إنساني غير قابل للنقاش.

وأضافت الحملة أن #المحتجين «يعلمون أن الحرب أتت على البشر والحجر، ولا يطالبون حكومتهم بأن تمنّ عليهم بما ليس لديها، وما من عادة الكريم الطلب، إنما يضع الناس أصابعهم بكل وضوح في عين الخلل، وهم على يقين بأن #تجار_الحروب والفاسدين في الحكومة هم من يزيدون آلامهم ويضيقون عليهم عيشهم».

وأردفت الحملة أن «الحكومة تراقب وتتجاهل المعاناة وتقف مكتوفة الأيدي وأكثر من ذلك تغض النظر عن الخارجين عن القانون وتشجع إجرامهم.».

وأشارت الحملة إلى أن «الحقائق أصبحت واضحة للجميع، #الحكومة تطلق يد الفاسدين، وتمتنع عن كف يد عصابات الخطف والسرقة، وتشرع القوانين لنهب ما يشقى به المغتربون بشتى الوسائل والطرق، وعندما يصرخ بوجهها الناس، تكلف زعرانها وعناصرها الفاسدة بتخوين الناس وتفريقهم وتوزيع الاتهامات عليهم».

وتابعت «الحق واضح، والمطالب واضحة، وليس من المقبول المتاجرة بأوجاع الناس وتصوير احتجاجاتهم بما لا يقصدونه ويطالبون به»، خاتمة بيانها الصحفي من أن «المحتجين يرفضون الفوضى، و #التظاهر_السلمي هو شكل راق من أشكال التعبير الحضاري، لكنه لا يروق لقطاع الطرق، فهم يخافون منه لأنهم يعرفون أن #الكرامة والرجولة معدية، وأن صوت الحق عال، وإن صاحب الحق سلطان».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.