نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية بالأمس تقريراً عن الخطر الذي باتت تشكله #ليبيا على تخوم الاتحاد الأوروبي. فبرميل البارود الليبي بات يهدد بالتحول إلى صراع دولي وكارثة إنسانية مماثلة لتلك الموجودة في سوريا ولكن هذه المرة على الحدود الأوروبية. وقد حان الوقت، بحسب الصحيفة، للمجتمع الدولي، وخاصة الأوروبيين الذين يغضون الطرف حتى الآن، أن يتخذ ما يلزم في سبيل منع التصاعد الخطير على الجانب الآخر من البحر المتوسط.

ومجرد أن 11 زعيما من البلدان المتضررة، أو حتى تلك التي انخرطت في الفوضى الليبية، قد التقوا في #برلين تحت رعاية الأمم المتحدة يوم الأحد في التاسع عشر من الشهر الجاري هو تطور إيجابي في حد ذاته. حيث يتضمن الإعلان المشترك الذي تم تبنيه على “التخلي عن التدخل في النزاع المسلح أو الشؤون الداخلية في ليبيا”. كما تضمن الإعلان المذكور الوعد باحترام الحظر المفروض على شحنات الأسلحة إلى هذه البلد.

كما يدعو الإعلان كذلك إلى دعم الهدنة غير المستقرة، والتي تمت ملاحظتها منذ الثاني عشر من هذا الشهر، في المعارك بين حكومة الاتفاق الوطني لفايز #سراج والجيش الوطني الليبي للواء خليفة #حفتر. فالأول، المعترف بها دولياً، يسيطر على العاصمة #طرابلس وكذلك غرب البلاد، بدعم من تركيا. والثاني يحكم، بحكم الأمر الواقع المدعوم من روسيا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، شرق البلاد، بنغازي وبرقة، ولكن يسيطر كذلك على موانئ النفط.

“خطوة صغيرة نحو الأمام”
لكن لا يبدو أن الأماني المأمولة التي تم تبنيها في برلين كافية، خاصة بسبب الغموض الذي يحيط بوسائل الحفاظ على وقف إطلاق النار. ففي الوقت الذي يدافع فيه الروس والأتراك عن فكرة وجود قوة تدخل تسمح لهم بتوطيد مشاركتهم العسكرية على أرض الواقع، الأولى تكون على جانب اللواء “المتمرد” حفتر، والثانية تكون على جانب السيد سراج، فإن الأوروبيون يدعون إلى إنشاء آلية مراقبة بسيطة.

هذه الخطوة الأولى، والتي تأتي بعد تصعيد خطير نتيجة التدخل الأجنبي لاسيما إرسال مرتزقة كل من تركيا وروسيا، تمثل، على حد تعبير أنجيلا ميركل، “خطوة صغيرة إلى الأمام” تستحق الثناء. فقد تمكن الأوروبيون، الذين كانوا على وشك تهميشهم من قبل الروس والأتراك، أخيراً من أخذ زمام المبادرة وبدئوا في استعادة السيطرة على الوضع. لكن قمة برلين أبعد ما تكون عن إنهاء المعركة الدامية من أجل السلطة بين الحكومة الرسمية والرجل القوي في شرق #ليبيا. فالمواجهة تغذيها ليس فقط الشهية الجيو سياسية والبترولية للقوى في المنطقة، ولكن كذلك بسبب غموض موقف بلد مثل فرنسا. فهذه الأخيرة تدعم رسمياً حكومة سراج بينما تدعم، من وراء الكواليس، اللواء حفتر الذي يدّعي أنه الوحيد الذي يستطيع تهدئة جنوب ليبيا، بوابة الساحل للإرهاب الإسلامي الذي تقاتله باريس.

وبدعم كبير، أحبط اللواء حفتر، زعيم المتمردين، الوساطة الدولية وهو يهدد طرابلس الآن، مما يطيل أمد الحرب الأهلية لصالح المتطرفين. وستستفيد فرنسا من كسر تناقضها الكبير، والذي لا يمارسه شركائها الأوروبيين، لكنها ستضعف في الوقت ذاته موقف الاتحاد الأوروبي.

فأوروبا، التي لا تبعد كثيراً عن الساحل الليبي، هي أول المتضررين من الفوضى في بلد يقاتل فيه مرتزقة تركيا الإسلاميون القادمون من سوريا الآن حيث يعيش أكثر من 700 ألف مهاجر من جنوب الصحراء، ويحلم بعضهم بعبور البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي.

وما بين الانسحاب الأمريكي والظهور التركي والروسي، فإن دول الاتحاد الأوربي السبعة وعشرين مهددة بالتهميش. وبالتالي ليس لديهم خيار سوى إسكات انشقاقاتهم وتوحيد صفوفهم وقوتهم إذا أرادوا منع الحرب الأهلية الليبية المطولة من التحول إلى كابوس جيو سياسي شبيه بالكابوس السوري على أعتابهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.