أصدر مجلس الوزراء السوري قبل أيام قراراً خاصاً بشراء وبيع العقارات والمركبات، ولاقى القرار استنكاراً وغضباً من سوريين كثر، على اعتبار أن القرار سيعقد عمليات البيع والشراء.

ونص #القرار على إلزام الجهات العامة المخولة قانوناً بإدارة سجلات ملكية #العقارات والمركبات بأنواعها والكتاب بالعدل “بعدم” توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابل للعزل قبل إرفاق ما يدل على تسديد الثمن أو جزء منه في #الحساب المصرفي للمالك، أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانوناً.

واعتبر سوريون، أن القرار يؤدي إلى الدخول في دوامة من المعاملات والطوابير، التي ما زال #السوريون يقفون عليها للحصول على #الغاز والمازوت والخبز وغيرها من الحاجات الأساسية.

لكن في المقابل، ما الذي ستجنيه السلطات السورية من وراء القرار الجديد؟ وما مدى قانونيته؟ وكيف سيؤثر على حركة #السوق وعمليات البيع والشراء؟

القرار سيخلق فوضى وضغطاً على المصارف

لم يمض يوم واحد على صدور القرار حتى خرج مدير “المصرف التجاري” وأكد بأن “المصرف غير قادر على فتح حسابات جديدة، لحين تمكّن البنك من تطوير وتحديث النظام المصرفي التقني المعمول به حالياً”.

موقع (الحل نت) تواصل مع موظف في “المصرف العقاري” للوقوف على قابلية تنفيذ القرار، إذ قال إن “نظام الدفع #الإلكتروني وعمليات البيع والشراء عن طريق #البنوك يعتبر خطوة متقدمة تتعامل فيها جميع الدول الأوروبية، لكن للأسف البنية التحتية اللازمة لهذا الأمر غير متوفرة لدينا”.

وتابع الموظف “هناك آلاف السيارات تُباع وتشترى كل يوم، وفي كل عملية يجب أن يتم إيداع ثمنها في البنك، التي تتطلب حضور الشخص وإيداعه المبلغ بنفسه وأخذ الإيصال، ما سيسبب أزمة وطوابير غير منتهية، أما في الأنظمة المصرفية الحديثة، فإن التحويلات تتم عبر تطبيقات البنك ويتم أخذ الإيصالات الكترونياً، وهي خدمات غير موجودة في سوريا”.

وأكد المصدر أن “هذا القرار من ضمن مشروع الحكومة الالكترونية التي تحتاج #سوريا إلى سنوات لتطبيقها، وسيخلق حالة من الفوضى والضغط على المصارف من أجل فتح حسابات بنكية لإتمام معاملات البيع والشراء، كما أن هناك عدم ترابط بين البنوك وسياساتها في التعامل فيما بينها، بخاصة في التحويلات النقدية من بنك إلى آخر”.

صحفي اقتصادي: القرار يهدف تحصيل ضرائب ودعم الليرة

مدير التشريع العقاري في مديرية المصالح العقارية (عصام قولي) قال لصحيفة (الوطن) إن عبارة “متفق عليه” لم تعد مقبولة في عقود #البيع والشراء، وإن التصريح عن قيمة المبيع إلزام وفق المعمول به في السجل العقاري.

وهذا يعيدنا إلى (قانون البيوع العقارية) التي يسعى إلى تنفيذه وزير #المالية (مأمون حمدان) منذ منتصف العام 2018، وينص على زيادة الضريبة على العقارات بكل أشكالها، واستيفاء الضريبة على العقارات بالاعتماد على أسعارها الرائجة، وليس التخمينية المعتمدة في السجلات المالية، وبالتالي تحصيل المزيد من الرسوم والضرائب.

من جهة أخرى، أكد الصحفي الاقتصادي (أيمن محمد) لموقع (الحل نت) أن “الهدف من القرار هو منع انهيار الليرة، وإبعادها عن التعاملات في البيع والشراء، بعد تدنيها لمستويات قياسية، حيث يلزم القرار التعاقد بالليرة السورية فقط، ما سيزيد الطلب عليها ويحسن نوعاً ما من سعرها، إضافة إلى السيطرة على السيولة النقدية للمواطنين، ووضعها في المصارف، بخاصة أن عملية السحب بعد الإيداع ستكون مقيدة بشروط”.

وأضاف محمد أن “المصارف أيضاً سيكون لها نصيب من القرار الجديد، ففتح الحساب البنكي يُكلِّف حوالي ألف ليرة سورية، وكل عملية بيع وشراء وإيداع وسحب يتقاضى عليها البنك عمولة، وستصبح بعدها الحسابات وهمية، والتي لن تستعمل إلا لمرة واحدة فقط”.

القرار غير دستوري ويمكن الالتفاف عليه بشكل قانوني

تواصل موقع (الحل نت) مع تاجر للعقارات يدعى (أبو وليد) للوقوف على أثر القرار الجديد في حركة البيع والشراء وأكد أن “قرار الحكومة سيسبب نوعاً من الجمود في حركة العقارات بشكل كبير، فأصحاب العقارات سيمتنعون عن البيع في الفترة الأولى خوفاً من إصدار قرار آخر قد يمنعهم حتى من الحصول على أموالهم، كما يحدث الآن في #لبنان مع أصحاب الحسابات البنكية”.

وأضاف (أبو وليد) أن “إجبار البائع على تقاضي ثمن عقاره بالليرة السورية يشكل أيضاً عائقاً ومصدر خوف، خصوصاً مع الانهيار الكبير في قيمة الليرة أمام الدولار، ما سيفتح الباب أمام التحايل على القرار بطرق أخرى، وبالتالي مزيد من الرشاوي والفساد في دوائر الدولة”.

وعن طرق “الالتفاف” على القرار ومدى قانونيته، أوضح المحامي (عبد الله رجب) أن “القرار الصادر عن مجلس الوزراء يعتبر مخالفاً للدستور بشكل عام وإقراره يحتاج إلى جلسة لمجلس الشعب، إذ أن الدستور ينص على حرية تملّك الفرد وتصرفه بممتلكاته”.

ولفت رجب في تصريح لموقع (الحل نت) إلى أن “هناك طرق عديدة للتحايل على القرار، كأن يتفق البائع والشاري على سعر ليس حقيقياً، ويسدد القسم الأكبر منه بالدولار أو أي عملة أخرى، والجزء الآخر يقوم تسديده بالليرة ويتم إيداعه في البنك، أو وضع صفة (الفراغ) على العقد، الذي يعتبر عقد هبة وليس بيع، وبالتالي يتم وضع مبلغ مالي بسيط في المصرف، أو البيع عن طريق حكم محكمة (دعوى إقرارية) وهذا ما سيزيد من فرص عمل السماسرة ومعقبي المعاملات أيضاً”.

وختم المحامي حديثه بأن “هناك ثغرات في القرار غير موضحة، بخاصة فيما يتعلق بتعدد المالكين للعقار، وحتى الورثة، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك 10 ورثة لعقار واحد، فهل سيضطرون جميهم للنزول إلى المصرف وفتح حسابات لكل منهم لقبض ثمن حصته من العقار؟ وماذا عن نقل الملكية من الأب إلى الابن أو الزوجة؟ فجميعها نقاط تدل على أن القرار غير مدروس من الناحية القانونية ويفتح المجال أمام التلاعب والمزيد من التعقيدات”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.