تعتبر المنابر العسكريّة والسياسية وحتى المدنية منها، سواءً في المعارضة السورية؛ أو المؤيدة  لـ«الثورة السوريّة«، منذ بداياتها، أن محافظة إدلب في السنوات الأخيرة باتت آخر قلاع المعارضة في سوريا، وخاصة مدن وبلدات الريف التي كانت تحاول جاهدة أن لا تحسب على هيئة تحرير الشام المسيطرة على إدلب المدينة،  وأجزاء من ريفها، ورغم ذلك لم تتحرك ساكناً مع مواصلة «الجيش السوري» عمليّاته بلا هوادة، فاتحاً الطريق أمام قوّاته لاختراق محافظة #إدلب وسيطرته كاملاً على مدينة #معرة_النعمان أبرز مناطق ريف المحافظة وأكبرها.

وعلى الطريق الواصل بين مدينة إدلب والحدود السوريّة التركيّة، غصّت الشوارع بعشرات الآلاف من النازحين، الذي لم يجدوا مكاناً آمناً، بعد تهجيرهم من بيوتهم، أو خروجهم منها هرباً من #العمليّات_العسكريّة التي اجتاحت محافظة إدلب خلال الأسابيع القليلة الماضية.

قطار التهجير

من #سوتشي إلى #أستانة واتفاقيات مناطق #خفض_التصعيد؛ مروراً بالعديد من اتفاقيات الهدنة الأحاديّة وغيرها من اتفاقيات وقف إطلاق النار، فضلاً عن نقاط المراقبة المنتشرة في #الشمال_السوري، ضماناً للتهدئة، كل ذلك؛ لم يشفع لأهالي إدلب بحتمية وصول قطار التهجير إليهم، والتي من الممكن أن تكون مأساة جديدة تضاف إلى مآسي الشعب السوري خلال سنوات الحرب، ولسان حال أهلها وناسها يقول: لم نر من المأسة إلا الأجزاء الأولى بعد، فلا إدلب بعد إدلب».

عشرات الآلاف من النازحين إلى طريق مجهول، معظمهم توجه إلى المخيّمات المؤقتة التي أنشأتها منظمات إغاثية على عجل، يعاني الآلاف من أوضاع إنسانيّة بالغة الصعوبة لعدم توفر مقومات الحياة الأساسيّة في تلك المخيّمات، جاء ذلك في ظل البرد الشديد الذي يعصف بالمنطقة خلال الفصل البارد.

معركة الجيش مستمرّة

أعلنت #السلطات_السوريّة صراحة عبر إعلامها الرسمي، أن قوّاتها لن تقف عند معرة النعمان، وبات واضحاً أن #الجيش_السوري، يسعى لإعادة فتح طريق دمشق – حلب الدولي، ما يعني أنه سيتابع تقدمه وصولاً إلى مدينة #سراقب شمال إدلب، أبرز المدن التي يمر عبرها #الطريق_الدولي.

إن وصول «الجيش السوري» إلى مدينة سراقب، يعني بالضرورة أيضاً سيطرته على العديد من القرى والبلدات منها (معردبسة، وخان السبل)، ما يعني مزيداً من أرتال النازحين نحو المناطق الشمالية، خلال الأيام القادمة، يجري ذلك تزامناً مع توجيه #المجتمع_الدولي رسائل مفادها «ربما» التسليم بالأمر الواقع، الذي يرجح الكفة العسكريّة لمصلحة الجيش السوري وحليفه الروسي.

الأرض المحروقة

وعلى الجانب المقابل؛ لا يبدو أن #فصائل_المعارضة المتمثلة بالجيش الوطني والجبهة الوطنيّة للتحرير، إضافة إلى هيئة تحرير الشام، تبدي مقاومة عسكريّة جديّة لإيقاف تقدم الجيش السوري في #حلب وإدلب، إذ أن طريق الجيش السوري بدا مفتوحاً وسهلاً للتقدم في ريف إدلب ووصوله إلى مدينة معرة النعمان، رغم استخدامه سياسة الأرض المحروقة وإمطار المنطقة بالقذائف والصواريخ خلال الأيام الماضية.

وتقول مصادر خاصة لموقع «الحل نت» إن #تركيا أخبرت فصائل #الشمال_السوري بأن مباحثات #أنقرة مع #موسكو فشلت جميعها بالتوصل لمذكرة تفاهم حقيقية بشأن الشمال السوري، جرى ذلك خلال اجتماع نظمته الاستخبارات التركيّة مع ممثلين من الفصائل في العاصمة التركيّة.

وأشار تقرير صادر عن مركز «جسور» للدراسات إلى أن أبرز أسباب ضعف المقاومة من قبل الفصائل هو امتناع #هيئة_تحرير_الشام حتى الآن عن إعادة السلاح الثقيل إلى فصائل المعارضة، والذي استولت عليه وصادرته خلال المعارك السابقة بين الطرفين، ناهيك عن حالة الضعف والاستنزاف الذي تعرّضت له الفصائل نتيجة لاعتداءات الهيئة عليها حسب التقرير.

خذلان المعارضة

وأشار التقرير إلى أن امتناع «تحرير الشام» عن الزجّ بكامل قوتها في المعارك كان سبباً بتقدم «الجيش السوري» مضيفاً «حيث يبدو أنها ترى أن معركتها الأساسية تتركز في شمال الطريق الدولي بين حلب واللاذقية».

إدلب التي استقبلت في مناسبات عديدة عشرات الآلاف من المهجرين الذين قدموا من مختلف المدن السوريّة، بدءاً من محافظة درعا، وصولاً إلى مدينة حلب في الشمال، حيث وجد المهجرون دائماً مكاناً يلجؤون إليه، بعد الخسارات التي منيت بها المعارضة على امتداد الأراضي السوريّة، فكان دائماً عنوان التهجير في سوريا هو «التهجير إلى إدلب» أما اليوم فلا يجد المدنيّون في إدلب مكاناً يلجؤون إليه فلا إدلب بعد إدلب، كما قال أهلها!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.