“الحب من أول نظرة”.. ماذا عن النظرة الثانية؟

“الحب من أول نظرة”.. ماذا عن النظرة الثانية؟

قالت سما (24 سنة): رأيته يشتري خبزاً وأعجبني، وقالت مايا (20 سنة): لمحته يدرس في الشرفة وأعجبني “من أول نظرة”. وقالت منى: نظر نحوي نظرة حنونة فأعجبني “من أول نظرة”.

يمكننا أن نفهم حالة #الحب أو الإعجاب “من أول نظرة” إذا ألقينا “نظرة” على عمل الكاتب مثلاً.

يبدأ الكاتب عمله عادةً بفكرة، وبعد أن يحدّدها بوضوح يبدأ باختيار الشخصيات وتسجيل مواصفاتها وتفاصيلها. يحتاج تقديم الشخصية إلى صفحة أو أكثر يصف فيها الكاتب عادةّ تفاصيل كل شخصية: الماضي والحاضر والطموح وردات الفعل والعادات والشكل وكل ما يمكن أن يفيده في حكايته. تستمر هذه العملية طوال فترة التحضير للعمل، فتتم إضافة مواصفات جديدة أو حذف مواصفات أو تعديلها بحسب الحبكة والموقف الذي يحتاجه النص، ويعرف الكاتب جيداً أن المفتاح الأول لمتابعة القراء للقصة أو متابعة المشاهدين للفيلم إن كان يكتب السيناريو هو تعلقهم بالشخصية الأساسية أو ما يسمى  “البطل”.

يتقن الكاتب الماهر تأليف شخصية تجذب القارئ منذ الصفحات الأولى وكذلك يفعل كاتب السيناريو مع اختلاف بسيط، إذ يمكن لكاتب القصة أن يكتب مثلاً: (فلان شخص لطيف يحب جاره ويعتبره بمثابة والده). أما كاتب السيناريو فعليه أن يشرح العبارة نفسها بطريقة بصرية فيصف المشهد كالتالي: (بينما كان فلان يغادر بيته يلمح جاره قادماً وهو يحمل بطيخة كبيرة فيهرع لمساعدته). نفهم من هذا الموقف أن فلان لطيف يحب جاره ويعتبره بمثابة والده، بكلا الحالتين وصل الانطباع الأولي عن البطل بالطريقة المطلوبة.

توصيف الشخصية في السيناريو يشبه إلى حد كبير حالة “الحب من أول نظرة”. ما يعجب الفتاة “من أول نظرة” هو موقف صغير أو جملة عابرة تعني لها شيئاً أو حتى طريقة الحركة أو الشكل تذكرها بشخص يعني لها شيئاً. ينطبق الأمر نفسه على الشاب فيمكن أن يشعر بالإعجاب من أول نظرة للأسباب نفسها. فلربما لاحظت سما أن الشاب أو “البطل” كان لطيفاً جداً مع البائع، وهي تحترم من يتعامل بلطف مع الناس. أما مايا التي تحب الإنسان الجاد الذي يبذل جهده لتنفيذ ما عليه من واجبات فقد أعجبها الشاب الذي يدرس في الشرفة باستغراق وكونت عنه رأياً: إنه شخص يعتمد عليه. ولعل منى تذكرت عمها المفضل حين رمقها الشاب بنظرة تحمل حناناً مشابهاً.

لكن هل يكفي ذلك لتكوين صورة واضحة عن الشخصية؟
“يحتاج الأمر لتعزيز بكل تأكيد” هكذا تقول هالة كاتبة السيناريو وتتابع قائلةً: الانطباع الأولي هام خصوصاً إن كان الموقف تلقائياً ولكن التصرفات والمواقف التالية لا تقل أهمية في تعزيز ذلك الانطباع أو نفيه، حسب رغبة الكاتب.

هل تعتبر فترة الخطوبة تلقائية؟
يكون التصرف تلقائياً إن لم يكن مقصوداً توجهه رغبة في إظهار صورة معينة أمام الآخرين، لذلك تعتبر فترة الخطوبة بعيدة عن التلقائية عموماً بل على العكس تزداد تصرفات الشاب و #الفتاة تصنعاً بوجود التدخلات والرقابة والشكليات والضغوطات في بعض الأحيان.

تقول حلا: أعجبني حين تقدم لخطبتي، كان حنوناً وقام بكل واجبات #الخطوبة على أكمل وجه. لاحظت مرةً أنه كان عنيفاً مع النادل في المطعم وسألت نفسي إن كان انطباعي الأول خاطئاً لكن أبي قال إنه من العيب أن أتراجع عن الخطوبة، وحين بدأ يضربني بعد الزواج تغير معنى العيب بالنسبة لي.

تدرك الفتاة في الظروف المثالية معنى #الإعجاب “من أول نظرة” وتحلله وتفهمه وتعرف أنها بحاجة إلى أكثر من ذلك لتقرر إن كان هو “بطلها” وتدرك أن انخراطها في الدراسة والعمل والمجتمع يدعم قدرتها على تحليل المواقف والشخصيات، لكن سيناريو الحياة ليس مثالياً بالنسبة لكثير من فتياتنا لهذا علينا أن نحاول أن نكون داعمين بقدر استطاعتنا للتخفيف من “الحبكة” غير السارة وذلك عن طريق الثقة ببناتنا والابتعاد عن الشكليات في فترة التعارف والخطوبة لتكون “النظرة الثانية” أكثر صحة، وعدم الضغط على الفتاة التي يمكن أن تدفع ثمناً كبيراً فيما بعد.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.