نشرت صحيفة (لاكروا) الفرنسية يوم أمس، تقريراً تناول الانقسام الفلسطيني بعد “خطة السلام” في الشرق الأوسط التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء في الثامن والعشرين من الشهر الماضي والتي أطلق عليها اسم “صفقة القرن”. حيث تحدّ وبشكل كبير هذه الخطة من حق عودة #اللاجئين_الفلسطينيين إلى وطنهم الأم. وفي #لبنان، ينقسم #الفلسطينيون اليوم بين أولئك الذين يفضلون البقاء هناك في انتظار عودة مفترضة، وأولئك الذين باتوا يخططون لمستقبلهم في مكان آخر.

فقبل عام تقريباً، كان (وليد أيوب) يستعد لتحقيق رغبته، بعد أن جمع ما يقرب من 9000 يورو من عائلته وأصدقائه للدفع لأحد المهرّبين. حيث طار هذا الفلسطيني، البالغ من العمر 20 عامًا والمولود والمقيم في مخيم عين الحلوة في لبنان، إلى الإكوادور حيث كان سيبقى من أجل العبور إلى إسبانيا ثم بلجيكا، وجهته النهائية. ولكن هذا المخطط فشل تماماً واضطر هذا السباك المسكين إلى العودة إلى عين الحلوة، بعد ثلاثة أشهر قضاها في الانتظار في الإكوادور. ومنذ ذلك الحين، يمضى وليد أيوب، المحاصر في لبنان، لياليه في التسكع وأيامه في النوم، ممزقاً بين رغباته في أوروبا أو #فلسطين. ولا يبدو أن “خطة السلام”، التي قدمت يوم في الثامن والعشرين من الشهر الماضي مع ضجة كبيرة من قبل دونالد ترامب، قد تسهل مهمته. حيث تقضي ما يسميها الرئيس الأمريكي بـ “حل الدولتين الواقعي” بالاعتراف بالقدس واعتبارها “عاصمة غير قابلة للتجزئة” لإسرائيل، وكذلك ضم الدولة العبرية للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وفي طريقها، تقضي “خطة السلام” المزعومة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

واليوم، هناك اثنا عشر مخيماً فلسطينياً في لبنان، في الوقت الذي تؤكد فيه شخصيات حكومية لبنانية دعمها لحق اللاجئين في العودة. وهو خطاب متوقع من قبل السلطات اللبنانية الغارقة في أزمة لم يسبق لها مثيل. فهذه الأخيرة لديها نظرة سيئة على التسوية الدائمة المحتملة لهؤلاء اللاجئين الذين وصل عددهم إلى 174422، وفق الإحصائية الرسمية الصادرة في شهر كانون الأول من العام 2017، والموزعون في اثنا عشر مخيماً. وفي عين الحلوة، أكبر مخيم فلسطيني في لبنان، اندلعت المظاهرات بعد الإعلان عن الخطة المذكورة. وقد أعلنت الفصائل الفلسطينية “يوم الغضب”، حيث كانت مكبرات الصوت على مدخل المخيم تصدح بالموسيقى تشجع الفلسطينيين على الانتفاضة. وقد تم تنظيم مسيرة جديدة، لكن عدد الذين استجابوا للنداء بدأ يقلّ. فمن المسلم به أن الإعلان عن الخطة المذكورة قد أشعل الغضب، لكن الفلسطينيين يقرّون، في كل مرة أكثر بقليل من سابقتها، أن فكرة العودة إلى أرضهم لن تكون في عهدهم بل ربما في عهد الأجيال القادمة. وفي هذه الأثناء، اعتاد البعض على فكرة الوضع الراهن في المخيمات في لبنان. أما الآخرون، مثل وليد أيوب، فهم  يراهنون على الهجرة مجدداً، مدفوعين بالوضع الاقتصادي الذي لم يعد بالإمكان احتماله في أرض الأرز.

“لا يوجد عمل”، يقول (محمد عمارة) البالغ من العمر 31 عاماً وهو يجلس على كرسيه البلاستيكي أمام متجر ، محاط بأصحابه. حيث يعترف عمارة بأن وضعه يزداد سوءًا على مدار الأسابيع .المتتالية. حيث يضيف سائق الشاحنة، الذي يكافح من أجل كسب 300 يورو في الشهر، مؤكداً: “الشباب لا يفعلون شيئاً سوى البقاء في الشارع لأنه لا يوجد عمل بكل بساطة”. ومع ذلك، فإن السبب الوحيد الذي سيجعله يغادر لبنان هو العودة إلى فلسطين ولا شيء دونه.

من جهته، يؤكد (ماهر شبايطة)، القيادي في حركة (فتح) في مخيم عين الحلوة، بأن “القرار 194، الذي تم اعتماده في عام 1948 والذي ينص على حق العودة، هو الحل الوحيد الصحيح والساري”. بينما يقول وليد أيوب في نهاية حديثه للصحيفة: “على الأقل، إذا ذهبت إلى بلجيكا وانتهى بي الأمر بالحصول على جواز سفر بلجيكي، سأتمكن من الذهاب إلى فلسطين. وهو ما لا يمكنني فعله أبداً من لبنان”. وعندما سئل عما يعتزم القيام به اليوم؟ ردّ أيوب دون تردد: “مشغول في التخطيط لمحاولة الهروب الرابعة!”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.