رئم عادل

لم تكن مشاركة “المرأة العراقية” واسعة في ميادين الاحتجاج في السنوات الماضية، إلا أن التظاهرات المتواصلة منذ شهر أكتوبر الماضي، كسرَت القوالب القديمة، حيث صارت بالرغم من المضايقات الاجتماعية والسياسية التي تتعرض لها، قيادية في تنظيم الانتفاضات والتحشيد للمسيرات، وكذا خبيرة بحملات الدعم اللوجستي.

ما يؤكد ذلك، هم المراقبون للحراك الشعبي، إذ أن هذه الاحتجاجات وفق قولهم، قلبَت موازين تواجد النساء في المجتمع، بعد أن كانت محصورة في البيت وتقتصر أعمالها على الطبخ والمناسبات العائلية، حيث باتت تلعب غالبية الأدوار الأساسية في الحياة، ولعل أبرزها، هو تنظيم الحراك المعارض للنظام الحاكم.

دورٌ مُهم

في هذا السياق، يقول “محمد المحمودي”، وهو صحافي في حديث لموقع ”الحل العراق”، إن «دور النساء العراقيات في العملية السياسية لم يكن حديث النشأة، إلا أن دورهن برز بشكل أكثر وضوحاً خلال تظاهرات أكتوبر الماضي وخروجهن الى ساحات الاحتجاج ومساندة أخوتهن دون خوف»، وهو ما يؤكد ما قيل أعلاه.

مُشيراً إلى، أن «المرأة العراقية ساهمت في كثير من الحملات، منها الدعم اللوجستي والطبابة ورسم اللوحات والغرافيك وإعداد الطعام، وحتى دورهن الإعلامي في التنظيم والتحشيد»، مُستطرداً، أنه «بالرغم من الظروف الاجتماعية التي تمنع الكثير منهن على التواجد في الساحات، إلا أنها (أي المرأة) كان لها أثر مهم في استمرار الحراك الشعبي».

وهذا ما يشير إلى أن المشاركة النسوَية التي كانت خجولة في الاحتجاجات المعارضة للأحزاب الحاكمة ما بعد 2003، بدأت تتوسع بل وتترسخ انطلاقاً من الشعور بالأهمية وبناء الدولة الديمقراطية، واستشعاراً بمبادئ حرية التعبير عن الرأي، لذلك تتواجد حالياً كداعية للتغيير والإصلاح، ناهيك عن بروز وجوه نسائية شابة تُدافع عن “حقوق الإنسان”، ومواجهة أخطاء السلطات.

مرهونٌ بالنساء

عن ذلك، تقول الناشطة المدنية “انتصار الميالي”، وهي التي عُرفَت على مر السنين المنصرمة، بمشاركتها في أغلب الاحتجاجات، «إننا كنسوة، نقوم بالعديد من الأمور، منها العمل المستمر في التحشيد، وجمع التبرعات، وتقنيات السلامة الأمنية أثناء الانتهاكات التي يتعرض لها المتظاهرات والمتظاهرين، فضلاً عن كتابة رسائل المناشدة للمجتمع الدولي والرأي العام».

قائلةً في حديثها مع “الحل العراق“، إن «تغيير مستقبل العراق مرهون بتغيير واقع النساء، ورفع الحيف عنهن، وتعزيز مشاركتهن في إعادة بناء وطن آمن نشعر فيه باحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وتوفير الحياة الحرة الكريمة لجميع العراقيين دون إقصاء أو تمييز أو تهميش».

أما عن ما يتعرّضن له من تهديدات سياسية بالتصفية الجسدية، قالت “الميالي”، إن «كل محاولات التشهير والإساءة والتهديدات التي نتعرض لها، تُزيدنا كل يوم إصراراً وعزيمة، كما أن دعم الأهل والأصدقاء، ومساندة المتظاهرين أنفسهم، تزيد من استمرار التظاهرات حتى نصل إلى التغيير الكامل».

مسيرةٌ وردية

الدليل على كلام “الميالي”، بأن التهديدات، تُزيدهن إصراراً وعزيمة، هو تظاهر، الآلاف من النسوة في شوارع #بغداد و #البصرة و #الناصرية للتعبير عن دعم الاحتجاجات، ورداً على رجل الدين #مقتدى_الصدر كما الحملات الممنهجة الهادفة للتقليل من شأن المشاركة النسوية في الاحتجاجات واتهامهن بالفسق والفجور، حيث حملت التظاهرة عنوان ”المسيرة الوردية”.

“زينب نجم”، وهي إحدى مُنظّمات “المسيرة الوردية”، قالت إن «هناك حملة لتشويه التواجد النسوي في ساحات التظاهر لجميع المحافظات، متناسين دورها البطولي في الإسعاف ومساعدة أبنائها وإخوانها وتواجدها رغم الظروف الأمنية».

مضيفة لـ “الحل العراق“، أن «الحديث عن تعرض النساء إلى مضايقات في محاولة يائسة لمنع التواجد النسوي في الساحات، ماهو إلا ادعاءات غير صحيحة، وهذا إن دل على شيء، فيدل على وعي المتظاهرين الذين يستحقون النصيب الأكبر من الشكر لحمايتهم لأخواتهم، وعملهم سور حماية وتنظيم لمسيراتنا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.