مع استمرار العمليات العسكرية في ريفي حلب وإدلب، يستمر نزوح المدنيين نحو مناطق أكثر أمنًا قرب الحدود السورية – التركية، فمنذ بدء المعارك في ريفي حماة وإدلب، وبعدهما ريف حلب، نزح نحو مليون وستمئة ألف مدني نحو قرى وبلدات الشريط الحدودي التركي.

وخلال الأيام الثلاث التي أعقبت الهجوم العسكري على ريفي #إدلب و #حلب، نزح نحو 143 ألف مدني، فيما تتواصل عمليات النزوح حتّى كتابة هذه السطور، بسبب دخول مناطق أخرى في نطاق القصف والهجمات العسكرية البرية.

وبسبب كثافة أعداد #النازحين، أصبحت جميع الخيارات أمام من يحاولون النزوح الآن مغلقة، ويستعرض موقع “الحل” في هذا التقرير، أبرز الخيارات المتاحة أمام النازح لتأمين مأوى ومصاعب كل خيار.

المخيمات المكتظة بالنازحين
تنتشر على طول #الشريط_الحدودي بين سوريا و #تركيا، عشرات التجمّعات لمخيّمات النازحين، كانت كافية في السابق ولكن بعد موجات النزوح للمهجّرين، من حزام العاصمة دمشق وحمص القديمة وشرق حلب، امتلأت هذه المخيّمات، كما ازداد الضغط عليها منذ معركة “سكّة القطار” في عام 2018 في ريف إدلب، ثم المعارك في ريف حماة وريف إدلب الجنوبي وحاليًا ريف حلب، حتّى باتت هذه المخيمات غير قادرة على استيعاب مزيدٍ من النازحين.

بحسب عدّة لقاءات أجراها “الحل” مع مدنيين نزحوا مؤخّرًا من ريف حلب الشمالي، وحاولوا الحصول على مكانٍ في المخيّمات، فإن معظم هذه المخيّمات أغلقت أبوابها بسبب استقبال نازحين أكثر من طاقتها الاستيعابية.

من جهةٍ أخرى، فإن تشييد المزيد من #المخيّمات لا يمكن أن يتم بسهولة، كونه يخضع لعدّة إجراءات، يأتي على رأسها إيجاد أرض مناسبة واستئجارها من مالكها في حال كانت خاصة، أو الحصول على موافقة في حال كانت عمومية، وذلك بحسب الناشط “أيمن الحريري” الذي يعيش في إدلب وهو من مهجّري درعا.

وقال الحريري: “بعد ذلك يجب أن تقوم إحدى المنظّمات بتبنّي هذا المخيم، وتشييد الخيم داخله وتخديمه وتقديم #المساعدات له، وحتّى ذلك الوقت، فإن المخيمات الحالية في الغالب غير جاهزة لاستضافة المزيد”.

إيجارات المنازل الباهظة
من بين الخيارات الأخرى أمام النازحين للحصول على مأوى، استئجار منزلٍ في إحدى القرى التي ما زالت آمنة حتّى الآن، وهنا غالبًا ما تكون هذه القرى، إمّا ريف إدلب الشمالي الغربي، أو مناطق “درع الفرات” أو عفرين، اللتين تسيطر عليهما فصائل “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، وتقوم هذه الفصائل بالتحكّم بأسعار الإيجارات للمنازل التي هُجر سكّانها منها خوفًا من الانتهاكات.

لكن هذا الخيار يصطدم بالتكلفة المالية الباهظة لإيجاد منزلٍ فارغ أوّلاً، ودفع مبالغ استئجاره المرتفعة بعد ذلك.

يقول “أبو سامر”، وهو “دلال” عقاري في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي: “إيجاد منزلٍ جاهزْ للإيجار في المدينة أصبح اليوم مهمّة غاية في الصعوبة”، مضيفاً: “خلال الأشهر السابقة، كانت مشكلة الإيجار هي السعر المرتفع للشقق المعروضة، أما اليوم فالشقق المعروضة نادرة”.

أما عن التكلفة الوسطية لأسعار الإيجارات شهريًا، فيوضّح أن بعض المنازل بات إيجارها 400 دولار أمريكي شهريًا موضحًا أنه من “المضحك” أن يستطيع نازح خرج فجأة من منزله دفع هذا المبلغ.

مناطق “الإدارة الذاتية”
وبالمقابل، وجد نازحون من إدلب في مناطق “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا ملاذًا آمنًا هناك.
وكانت إذاعة “آرتا إف إم”، قد نقلت عن “مستشار الإدارة الذاتية” أنور يحيى قوله: “إن هناك إمكانية لتوسيع المخيّمات الموجودة في شمال شرق سوريا لتكون قادرة على استيعاب النازحين الجدد”.

وبحسب معلومات “موقع الحل” فإن نحو ثماني دفعات من النازحين وصلت إلى هناك بالفعل، وتوزّعت على عدة مخيّمات في أرياف الرقة وريف منبج.

وتتميّز هذه المناطق بأنها لا تشهد اكتظاظًا سكّانيًا كما هو الحال في ريفي حلب وإدلب الشمالي، وبالتالي فإن هناك إمكانية لاستيعاب نازحين في المخيّمات، إضافةً إلى إمكانية استئجار منازل بأسعار مناسبة.

دور الإيواء
بالتزامن مع اشتداد العملية العسكرية على ريف إدلب الجنوبي، أقدمت عدّة منظمات محلية سورية، على تأسيس مراكز إيواء وتجهيزها لاستقبال النازحين فيها. تتكوّن هذه المراكز من مدارس أو مبانٍ فارغة يتم فرشها وتجهيزها لإيواء النازحين الذين لا يملكون مأوى ليقيموا فيها، لذلك فهي سريعة التشييد مقارنةً بالمخيّمات.

ومن أهم المنظّمات التي قامت بتشييد مراكز الإيواء “الدفاع المدني السوري” بالإضافة لمنظّمات أخرى، حيث تخضع هذه المراكز ضمن نظام “الاستجابة السريعة” للنازحين الفارين من المعارك.

المساجد
بسبب اكتظاظ مراكز الإيواء والمخيّمات وعدم القدرة على دفع إيجارات المنازل، انتهى مطاف مئات النازحين داخل المساجد في مدينة إدلب وقراها الآمنة.
وخلال الأسابيع الماضية، فتحت جميع مساجد إدلب أبوابها لإيواء النازحين الذين لا يملكون مأوى، فتم تأمين فرش وبطانيات لهم للنوم داخل الحرم الداخلي المغلق للمسجد، في محاولةٍ لإيواء أكثر عدد ممكن من النازحين، وتؤمّن هذه المساجد بشكلٍ رئيسي مكانًا للنوم، والإقامة في صالات الصلاة (القبلية)، في حين لا يوجد غرف أو صالات صغيرة في المساجد لفصل النازحين.

المغارات والأشجار
الخيار الأخير للنازحين الذين لم ينجحوا بإيجاد أي طريقة لتأمين مأوى، كان الإقامة تحت أشجار الزيتون صيفًا أو الاحتماء في المغارات شتاءً.

ويُعتبر النازحون الذين أقاموا في المغارات ومزارع الأشجار هم الأكثر ضعفًا والأكثر حاجةً، حيث يعاني هؤلاء من استمرار الأمراض بسبب التغيّر في الطقس والإقامة في مكان غير صالح للعيش الآدمي، إضافةً لانعدام الخدمات الصحّية والغذائية ودورات المياه والمرافق العامة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة