تعرضت شعبية الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لضغوط كبيرة نتيجة الأزمات المتتالية التي تعيشها تركيا، مع تراجع كبير في قيمة الليرة التركية، منذ بدايات العام الماضي وحتى تاريخه، أدى ذلك إلى ارتفاع واضح في أرقام معدل البطالة، وظهور أصوات معارضة سواء في البرلمان أو ضمن الكتل الحزبية بما فيه الحزب الحاكم لمعالجة القضايا الاقتصادية وخاصة العملة بعيداً عن الحلول العسكرية.

لكن هذه الأزمات كانت كفيلة بأن يتوجه #إردوغان إلى خارج الحدود من بوابة #سوريا وليبيا لتحقيق الطموح التركي في بناء أو استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية يدفع بها لاستغلال أزمة السوريين، وظهورها بمظهر المخلص والدولة الإنسانية المدافعة عن حقوق المظلومين، فأطماعها التوسعية باتت واضحة أنها تتم على حساب الدم السوري، وآخرها إرسال مقاتلين سوريين من عناصر«الجيش الوطني» للقتال في #ليبيا.

استغلال الأسماء
بعد إرسال الدفعة الأولى؛ والتي كانت من مقاتلي فصيل «سليمان شاه» ذو القيادة «التركمانية» حيث يشكل «التركمان» النسبة الأكبر من عناصره، ومع عدم استجابة قسم كبير من عناصر الفصائل الأخرى للذهاب إلى ليبيا، من منطلق أن حربنا لم تنته حتى نذهب إلى هناك، وأن هذا العمل سيذهب بنا إلى خسارة الداعمين الدوليين، إلى جانب الضغط الشعبي على هذه الفصائل، وإطلاق صفة #مرتزق على العناصر التي تذهب للقتال هناك.

يقوم الأتراك حالياً بالضغط على هذه #الفصائل لإرسال كل منها 100 مقاتل، وتقديم مغريات لقادة هذه الفصائل من بينها زيادة الكتلة المالية المقدمة لهذا الفصيل من قبل #الحكومة_التركية.
«أبو علي» منسق مدني لـ #فيلق_الشام (تسير معاملاته من بيع شراء وأي شيء يحتاجه الفصيل)، حدثنا عن الحوار الذي تمّ في مقرهم في مدينة #بزاعة في مدينة #الباب مؤخراً، بين إداريي الفصيل وعدد كبير من العناصر، إذ تضمن: «قيام الإداريين بتقديم مغريات لكل عنصر يود الذهاب إلى ليبيا، بإعطاء عائلته مبلغ 600$ دولار كمصروف لهم حتى يتم قبض راتب الشهر الأول، إضافة لإدخال عائلته لتركيا، إذا كان يرغب بذلك، وتأمين كافة احتياجاتهم»، وفق قوله.

سماسرة الارتزاق
يتابع المتحدث، بأن كل هذه المنح المقدمة لم تلقَ أذناً صاغية لدى نسبة كبيرة من العناصر، بل وتهكم بعضهم عن المبالغ التي سيتلقاها القادة عن كل عنصر سيذهب، لينفض الاجتماع ولم يسجل سوى 15 عنصراً فقط. وعند السؤال عن كيفية تأمين الفصائل لهذا العدد في ظل رفض غالبية عناصر الفصائل الذهاب، يجيبنا «حج أحمد» وهو مدني ذو ارتباط مع الفيلق ذاته، بأن «الفصيل توجه إلى #مخيمات النزوح العشوائية ومن بينها #مخيم_ترحين، وذلك عن طريق بعض المدنيين (السماسرة) الذين تمّ الاتفاق معهم من قبل الفصيل مقابل منحهم مبالغ مادية، ليقنعوا الشباب الموجودين مستغلين ظروفهم المعيشية القاسية، بتقديم بعض المغريات لهم ومنها إعطاء 1500$ دولار لعائلة كل شخص سيذهب للقتال في ليبيا؛ وسيكون الراتب المقدم لكل عنصر 2500$ عن كل شهر، ومن يقوم بتأمين 25 شاب للذهاب إلى ليبيا سيتم منحه مبلغ مالي قدره 3000$ في حالة عدم ذهابه معهم، أما إن رغب في الذهاب معهم سيتم تسليمه قيادة المجموعة مع راتب قدره 5000$ عن كل شهر».


الحاجة والفقر
وعند سؤالنا للمتحدث عن رد فعل الناس في المخيمات على هذه العروض؟ أجاب بأن «للعيش في المخيمات وتحت سقف الخيم، أثقال وأعباء تفرض على الناس الرغبة في الخلاص، وهذه فرصة للأب ليغير حياة أبنائه وهو يراقبهم بعيونه المليئة بالحزن والقهر، وخلاص لشاب أيضاً ينوي أن يؤمن حياته في ظل فقدان #فرص_العمل وشحها». لافتاً إلى أن «الكثير منهم قد وافق، وكانت أسئلتهم استفسارية، عن المدة التي سيقضونها، ومن المعلوم أن أقصر مدة للتعاقد هي ثلاثة أشهر، وعن كيفية استلامهم لمستحقاتهم المادية، هل يتم الاستلام كل شهر بشهره أم سيتم قبضه دفعة واحدة في نهاية العقد، وفق أقوال بعض المسجلين للذهاب يتم إعطاء دفعات خلال الشهر وفي نهاية العقد يتم تسليم المبلغ كاملاً».

وأضاف «الأحمد» في حديثه لموقع «الحل نت» بأنه «يتمّ التأكيد على هؤلاء السماسرة بأن يطلبوا ممن يتم إقناعهم بالسفر، بعدم الحديث عن تفاصيل الاتفاق وخاصة فيما يتعلق بإدخال عائلاتهم لتركيا». ويتابع قائلاً: إن «أكثر ما آلمني سؤال أحدهم، ما مصير عائلتي في حال خسرت حياتي في ليبيا؟ وهل ستقدمون لها الدعم من بعد موتي؟». إنه الفقر والألم والقهر والرغبة في تأمين حياة كريمة تدفع بالشباب للذهاب إلى المجهول أو أن صح القول إلى الهلاك. هكذا يتم استغلال مأساة #الفقراء والنازحين من #وزارة_الدفاع_التركية بمساعدة الفصائل العسكرية، التي كان من المفترض بها أن تدافع عن حقها في الحرية والكرامة بعيداً عن أجندات جهات؛ أو دول إقليمية كانت مشاركة في نزيف الدم السوري طيلة سنوات التسع الماضية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.