منذ شهرين، وفيروس #كورونا يجوب البُلدان القارّة الواحدة تلو الأخرى، لم تسلم منه لا دول الغرب ولا الشرق، انتشرَ كالنار في الهشيم، بخاصّة في #الصين الموطن الأول لانتشاره، ثم #إيران، وهذه الأخيرة لها الأثر الأكبر في انتشار الفيروس في الدول المجاورة بالإضافة إلى الخليج.

#العراق، وباعتباره الجار الأبرز لـ #طهران، ويشترك معها عبر سلسلة حدود بريّة تبدأ من الجنوب، إلى الوسط، ثم بعد أن ينقطع معها الارتباط البري في بقية المواقع الجغرافية، يعود الاشتراك معها عبر الحدود البرية في شمال البلاد، بالضبط في جبال #إقليم_كردستان العراق.

لذلك، وبعد أيام معدودة، حدثت أول إصابة في العراق، تحديداً في #النجف، لطالب علوم دينيّة إيراني كان قد جاء منذ مدة قصيرة من طهران، تلتها في اليوم التالي /4/ إصابات لعائلة في #كركوك، أيضاً بعد قدومها من إيران، ثم /3/ إصابات قبل أيام ثلاث، وأخيراً في الأمس /5/ إصابات.

قراراتٌ تُقابلها ارتفاعات

ارتفع عدد الإصابات حتى اللحظة، ووصل إلى /13/ حالة، /6/ منها في #بغداد العاصمة، /5/ في كركوك، واحدة في #بابل، وحالة النجف الأولى؛ ليتحوّل الفيروس إلى حديث الشارع، والكثير من العامّة ينتابهم القلق الشديد؛ نتيجة المنظومة الصحية (الفاشلة) في البلاد، على حد وصفهم.

كانت #الحكومة_العراقية قد اتخذَت العديد من القرارات، لمنع تفشي الفيروس، منها تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس لمدة /10/ أيام، منع التجمعات في المقاهي ودور السينما والنوادي، وكذا المناسبات، غلق الحدود البرية مع إيران و #الكويت، وتعليق الرحلات الجوية مع طهران، لكن كل تلك الإجراءات لم تمنع من انتشاره.

الأمر لم يقف عند القرارات التي اتخذتها الحكومة فحسب، #وزارة_النقل هي الأخرى أغلقَت مقارها في محافظتي كركوك والنجف، لسبعة أيام اعتباراً من الأمس، وكذلك خطبة الجمعة لـ #مرجعية_النجف، التي حثّت الحكومة والإعلام على العمل لرفع الوعي الصحي بين المواطنين.

كل تلك المُعطيات، ولم يتحقّق المطلوب، بل الأسوأ هو الذي يحدث بدليل الإصابات الـ /5/ عصر الأمس، لذلك تحدّثنا مع “رغد السهيل”، وهي “بروفيسور” في تخصص “المناعة والفيروسات بجامعة بغداد”، حول عدّة جوانب عن الفيروس، وعن الوعي، وكيفيّة الالتزام بالتعليمات وعدم الهلَع.

قالَت: «ارتفاع عدد الإصابات في بغداد والعراق عموماً، أجده مؤشراً غير مريح، والناس مزدحمةٌ بالشوارع كأنهم في نزهة، هذا عدم وعي وجهل (عظيم) واستهتار أيضاً»، وأضافَت، «توقعوا ارتفاع بالإصابات خلال الأيام القادمة؛ لأن الوضع غير مسيطر عليه بتاتاً، ولا أحدَ يشعر بالمسؤولية (لا الدولة ولا المواطن).

“رغد السهيل” – أخصائية في المناعة والفيروسات – فيسبوك

معلوماتٌ مغلوطة

منذ أن صيرَت أول حالة في العراق، انتشرَت العديد من الدعوات القائلة بضرورة استخدام “الحرمل، البخور، والديتول”؛ لأنها تحد من انتشاره بحسب تلك الدعوات التي انتشرت بصورة غير طبيعية وسط المجتمع العراقي، حتى أن مقاطع مصوّرة، أظهرَت أطباء في “مستشفى الكندي”، إحدى أبرز مستشفيات بغداد، وهُم يرشون “البخور” في أروقة المشفى.

سألناها عن ذلك، فأجابَت: «تلك معلومات مغلوطة، الحرمل والبخور، لا يعالجان الفيروسات، بل يُسببان ضيق بالتنفس، ومريض “الكورونا”، يعاني من مشاكل بالتنفس، بمعنى إن كان هُناك مريضً ما بالفيروس، فإنه سيختنق ويتوفى سريعاً بسببهما، أما الديتول، فهو لا يقتل الفيروسات مطلقاً، هو يقتل باقي الميكروبات ولا يؤثر على الفيروسات».

منذ أسبوع، والجشع لا يتوقّف، بخاصة في خانة “الكمامات”، ارتفعَت أسعارها إلى رقم غير متوقع، وصلَ سعرها في بغداد والمحافظات إلى قرابة /10/ دولارات للعلبة الواحدة، بعد أن كانت لا تتجاوز قيمتها /2/ دولار، وفي الأيام الأخيرة باتَ الشارع يُعاني من شحّتها في الصيدليات أيضاً، لكن فعلياً ما فائدة “الكمامات”، وهل تفي بالغرض؟

تقول “السهيل”، «يتم ارتداء الكمامة فقط عندما تكون مصاباً بـ (الإنفلونزا) أو أي عارض آخر، ارتداء الكمامة هو لحماية الآخر؛ فهي لا تحميك شخصياً، إن ارتداء الكمامات إذا كنتَ سليماً وخرجت للشارع مثلاً غير مطلوب منك استخدامها، “الكورونا” تحديداً لا ينتقل عبر الهواءه إنه ينتقل عبر الرذاذ وعطاس المصاب».

الدواء من منطقٍ علمي

مؤخّراً، الكثير من الوسائل الإعلامية تنقل عن تصريحات لبعض الدول، بخاصة الصين منها وإيران، بأنها كشفَت علاجاً لفيروس “كورونا”، وفي طور تجربته، وفي غضون أسابيع من الممكن طرحه للشارع، لكن #واشنطن وعلى لسان #دونالد_ترامب، ووزير الصحة الأميركي، بيّنت أن طرح العلاج وتجهيزه لا يتم في مدة أقل من سنة، لعدة أسباب، وهُنا استفسرنا “السُهيل”.

تقول الأخصائية في “المناعات والفيروسات”، لـ “الحل نت“، إنه «من منطق علمي بحت، لا يمكن مطلقاً إعداد لقاح خلال فترة زمنية وجيزة، ولا حتى /6/ أشهر، وحتى سنة ربما لا تكفي، إعداد اللقاح يتطلب تجارب مختبرية كثيرة، ثم تجربته على الحيوان ودراسة تاثيره على الحيوانات، أهمها الأرانب ثم القِردَة».

«هذا يتطلب وقتا أكبر، ومن ثم تجربته على الإنسان ودراسة التأثير على الإنسان، ودائماً يتم إعادة التجارب؛ فالأمر ليس بهذه السهولة، إعداد لقاح والإعلان عنه الآن يُثير الريبة حقاً وجداً، لا أؤمن بمنطق المؤامرة، لكن هذا يتوجب التوقف عنده، فهذا اختصاصي ولن يقنعني أحد، فأنا أعرف عن ماذا أتكلم»، تُكمل “السُهيل”.

الخلية البلعمية (Phagocytic Cell) – إنترنت

مُحاربَةٌ ورَقيقَة

لدى الإنسان، أجهزة وخلايا مناعيّة كثيرة، وُجِدَت لحمايته من خطر الأوبئة والفيروسات والأمراض، ثمّة منها تمتلك أسلحة مُضادّة لتلك الفيروسات، ويبقى السؤال: هل بوجد خليّة مناعية بإمكانها أن تحد من “كورونا” مثلاً، أو تفي بالغرض ولو بنسبة معيّنة؟ “السهيل” تُؤكّد وجود ذلك.

«هذه خلية عظيمة داخل جسمنا، تُسمي الخلية البلعمية (Phagocytic Cell)، موجودةٌ في دمنا، وفي الأنسجة وفي الأعضاء أيضاً، في كل مكان موجودة معنا، مهمتها ابتلاع كل الميكروبات لتفتّتها وتطحنها إلى فتات داخلها، فتقضى عليها»، تُبيّن الأستاذة الجامعية.

وتُوضّح، «ليس هذا فحسب، إنما ترسل الأوامر والرسائل لباقي الخلايا؛ لتطلق صواريخها ورصاصها على المعتدى الذي ينتهك حرمة جسدنا، هذه الخليّة ليست بسيطة أو سهلة في الحروب، إنها أساس المناعة، لكنها رقيقةٌ تتأثر بانفعالاتنا، فتتعطّل، لذا يجب علينا منحها الثقة والغذاء، لتمارس مهمتها بالشكل المطلوب».

نصائح

في نهاية الحديث، سألناها، عن النصائح التي من الممكن توجيهها للبشر، من أجل أخذ الحيطة، بخاصّة في هذه المدّة التي ينتشر فيها الفيروس بصورة مُتسارعة، فقالَت “السهيل”: «يجب الالتزام بالنظام الصحي، وعلى وجه الخصوص “فيتامين C و D”، النظافة الشخصية الكاملة، والابتعاد عن لمس العين والوجه قدر الإمكان».

«كورونا مرضٌ لا يُميت بتلك الصورة الهائلة المرسومة عنه، لكنه يحتاج لرعاية صحية، ونحن في بلاد لا مشفى لائق فيها، لذلك يجب الابتعاد عن تقبيل  الآخر، والحذر من التجمعات، وعدم تناول الطعام في المطاعم والمقاهي أو التجول بالمولات والأماكن المغلقة، “كورونا” ليست مزحة، والمنزل يظل أكثر الأماكن أماناً، لذلك يجب تقليل التنقل قدر الإمكان».

والفيروس، عبارة عن شكل جديد من مجموعة فيروسات “كورونا”، وهي عائلة من الفيروسات تصيب عادةً الحيوانات، ولدى البشر، يتسبب نوع من الفيروس في نزلات البرد، ولكن يُسبب التهابات حادة وخطيرة في الجهاز التنفسي، ولا يوجد له علاج أو لقاح محدّد حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.