كثيراً ما تتطرق المسلسلات والأفلام العربية لـ “مشكلة” عدم الإنجاب بطريقة درامية كئيبة، وفي الحقيقة، لا يختلف الواقع كثيراً عما نراه على الشاشة، فالبنسبة لكثير من الشركاء (نساء ورجال) الموضوع مؤلم خاصة إن كان الإنجاب من أولويات الزوجين، إلا أن ما يزيد الأمر تعقيداً هو تدخل المجتمع المحيط بموضوع عدم الإنجاب أو تأخره، والتعامل معه كقضية عامة بإمكان الجميع التحدث بها وإبداء الرأي الأمثل بشأنها. السؤال هنا، هل هذه ظاهرة عالمية، أم أنها محصورة بمجتمعات معينة؟

زواج مبارك، متى نفرح بطفل؟
عندما يتأخر حدوث الحمل عند امرأة ترغب بالانجاب، يتصاعد التوتر والقلق، ليس فقط عند الزوجين بل عند عائلتيهما ومعارفهما.

تقول رنا (متزوجة من سنتين): تعرّضت خلال سنة زواجي الأولى لسيل من التعليقات والأسئلة عما إذا كنت #حاملاً  أم لا. لم أعر هذه الأسئلة  اهتماماً في بادء الأمر كونها واقع مفروض في معظم #المجتمعات السورية. لكن خلال السنة الثانية لزواجنا بدأت التعليقات تشعرني بأنني مذنبة، لذلك عانيت الأمرين عندما أخبرتني الطبيبة بأن لدي كتلة في الرحم يجب استئصالها، وأنه من المرجح أن يتم استئصال الرحم وبهذا يتبخر حلمي بالأمومة. لم يقتصر الأمر على ألمي الشخصي، إنما معرفتي بطريقة تعاطي المحيط مع هذا الأمر ضاعف الضغط النفسي. توقعت أن يتدخل الجميع لإقناع زوجي بالزواج من أخرى، الأهل والأصدقاء والزملاء كذلك. ترى لو كان الأمر معكوساً هل سأتركه؟ هل سيقنعه أحد بضرورة الانفصال كي لا أُحرم من فرصة #الأمومة؟

مجتمع آخر
عملت الدكتورة (ريمة القحف) المختصة بالطب النفسي والعلاج العائلي، في السعودية ثم في فرنسا، ولاحظت الفرق الكبير في التعامل مع مشكلة عدم #الإنجاب وردات فعل النساء والأسرة ككل. فبينما تعاني السيدات في المجتمعات العربية من تدخل الأسرة، على الأقل بالتعليقات المسيئة، تتمتع غالبية النساء في المجتمعات الأخرى بدعم العائلة أو على الأقل عدم تدخلها، ومن غير الشائع أن تخشى امرأة تأخرت بالإنجاب أو لم تنجب، من رد فعل أسرة الشريك.

وترى الدكتورة (القحف) أن عدم الانجاب لا يحتل المساحة نفسها في المجتمعين، فتقتنع المرأة في المجتمعات المتقدمة وشريكها بالأمر الواقع ويتفقان على بدائل يريانها مناسبة. يلجأ بعض #الأزواج إلى تبني أو كفالة طفلأو طفلة، أو التطوع في مجال متعلق بالأطفال، أو قد يتفقان على تربية حيوان أليف أو التعايش مع الأمر والاستمتاع بإلجانب الإيجابي منه والمتمثل بالقدرة على الانخراط في العمل وإمضاء وقت أكبر في ممارسة الهوايات والأنشطة وغيرها من الأمور التي تساهم في إسعادهما.

ومن واجب الأشخاص المحيطين بزوجين يواجهان مشاكل بالإنجاب أو اختارا ألا ينجبان، احترام خصوصيتهما وتجنب طرح الأسئلة والتعليقات وحتى النصائح حول هذا الموضوع.

الحياة مستمرة
واجهت (ميسون) صعوبة في الحمل، فقررت وزوجها عدم اللجوء لرحلة علاج طويلة غير مضمونة النتائح، واكتفيا بالمساعدة والاهتمام بأطفال العائلة.

أما (لانا) معملة روضة، فقد اختارت الزواج من أرمل كبر أطفاله ولا يريد طفلاً جديداً، لم يشكل الإنجاب هاجساً لها، تقول ضاحكة “استمتع بصحبة الأطفال حولي يومياً، دون المرور بمرحلة الإرهاق وعدم النوم”.

(ضحى) قررت عدم الإنجاب لأنها مصابة بمرض وراثي، ولم تندم فهي طبيبة أطفال وتعرف صعوبة المعاناة والمرض.

نساء أردن الإنجاب ولم يستطعن، نساء منعهن المرض من الحمل والإنجاب، نساء تزوجن برجال لاتستطيع الإنجاب، نساء اخترن ألا ينجبن. تعددت الحالات ولكل امرأة أسبابها وظروفها. إلا أن الأمومة ليست الدور الوحيد الذي تعيش المرأة من خلاله، فأدوارها بالحياة كثيرة ومهمة، أما إنجابها من عدمه، فلا يحدد قيمتها ولا يؤطر إمكانياتها.

مصدر الصورة المرفقة في المقال: Everyday Health

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.