بيوت النازحين المدمرة أمام أعينهم.. لكن لا يستطيعون تأهيلها والسكن فيها!

بيوت النازحين المدمرة أمام أعينهم.. لكن لا يستطيعون تأهيلها والسكن فيها!

يواجه أهالي مناطق ريف دمشق، وغيرها من أرياف المدن التي كانت ساخنة خلال السنوات الحرب، من معضلة القدرة على إعادة إكساء وترميم ما تم تهديمه أثناء العمليات العسكرية الأخيرة، والعودة إلى منازلهم بعد أن أثقلت كاهلهم تكاليف استئجار المنازل في المدن.


وفي استطلاع أجراه موقع (الحل نت) في مناطق بدمشق وريفها، تراوحت الإيجارات في المناطق الشعبية، والعشوائية، التي توجهت إليها شريحة واسعة من سكان الريف لرخص ثمنها (ركن الدين، مزة جبل، عش الورور، جبل الرز، دف الصخر…)، بين 50 – 80 ألف ليرة للغرفة والصالون، وبين 75 – 150 ألف ليرة للمنزل المؤلف من غرفتين وصالون.


تكلفة تأهيل المنزل وسطياً 14 مليون ليرة سورية


وترتفع أسعار الإيجارات وسط المدن أكثر من ذلك بكثير، لكن نسبة قليلة من النازحين توجهت إلى هذا الخيار.


ويعتبر الإيجار الشهري حمل صعب على تلك الأسر بحسب من التقى بهم موقع (الحل نت)، إذ أكد (أبو سلوم) من زملكا ورب أسرة مؤلفة من 5 أبناء وزوجة، أن “عمله الشهري مع اثنين من أبنائه بالكاد يحقق عائداً يتراوح بين 300 – 400 ألف ليرة سورية من العمل في مهنة التبليط، 100 ألف منها تذهب أجرة للمنزل في منطقة عشوائية في دمشق.


وتابع “حاولنا العودة لمنزلنا المدمر، لكن عملية تأهيله بحاجة ما يقارب الـ 7 ملايين ليرة، عدا عن تكاليف إعادة تأمين أغراضه من براد وغسالة وما شابه، أي على الأقل أحتاج لـ 14 مليون ليرة للعودة إلى منزلي، وهذا شيء شبه مستحيل فنحن بالكاد نأكل ونشرب”.


نازحون يعيشون بالإيجار ومنازلهم أمامهم مدمرة


(فراس. س)، من سكان الحجارية بدوما، قال إن “الخدمات في المنطقة غير متاحة فلا مياه ولا كهرباء ولا يمكن العيش هناك”، مضيفاً “حاولنا أن نرتاح من نفقات #الإيجار عبر العودة إلى منزلنا، لكن ذلك بحاجة ملايين #الليرات لتأهيل ما دمر وتأمين الأثاث”.

حال فراس وأبو سلوم، كحال آلاف الأسر #السورية النازحة، التي وقفت عاجزة أما قدرتها على العودة إلى منازلها المدمرة، ما دفع البعض منهم مضطرين لبيع ممتلكاتهم بأسعار زهيدة.


وقال (إيهاب. ر) وهو شاب متزوج حديثاً، لموقع (الحل نت) إنه قام بإكساء منزل في منطقة القدم قبل #الحرب، على أمل أن يتزوج هناك، لكن عجزه عن العودة بسبب عدم سماح محافظة دمشق للسكان بالعودة حتى الآن، دفعه لبيع المنزل الذي تبلغ مساحته 100 متر بسعر 5 ملايين ليرة سورية فقط، علماً أن المنزل بحالة جيدة نوعاً ما، على حد وصفه.


وتابع “اضطررت لبيعه على حاله لأحد السماسرة، وبسعر بالكاد وصل إلى 5 ملايين ليرة علماً أن المنزل شبه سليم، والمبلغ الذي بعته به، يساوي سعره قبل الحرب، أي أنه منطقياً يجب أن يكون سعره اليوم حوالي 20 مليون ليرة تبعاً للأسعار الرائجة”، بحسب قوله.


وفي بلدة “يلدا” أيضاً، ورغم عودة الأهالي، اضطر (إسماعيل) لبيع منزله بـ 7 ملايين ليرة، لعدم قدرته على الترميم، وهناك أمثلة كثير في مناطق مختلفة اضطر الأهالي لبيع ممتلكاتهم فيها بأسعار بخسة بسبب عدم قدرتهم على الترميم، وإعادة إكساء #المنازل وشراء الأثاث، إضافة إلى عدم توفر الخدمات والبنى التحتية.


تكاليف مرتفعة وقروض بشروط مستحيلة


وفي جولة لموقع (الحل نت) لمعرفة أسعار تكاليف #البناء في أرض المعامل دون تكاليف النقل، فقد ارتفع سعر طن الحديد من 450 ألف ليرة سورية قبل شهر إلى 630 ألف ليرة، بينما ارتفع سعر طن الاسمنت نحو 5 آلاف ليرة ليسجل 50 ألف ليرة.


ووصل سعر متر الرمل والبحص إلى نحو 7 آلاف ليرة، والبلوك (15) لنحو 125 ليرة، لتصل كلفة بناء 50 متراً على الهيكل إلى نحو 7 ملايين ليرة سورية.


أما بالنسبة لتكاليف #الإكساء، فوصل سعر متر السيراميك إلى 6500 ليرة سورية، وسطل الدهان “الإكروليك” الكبير إلى 45 ألف ليرة، وكيس لاصق السيراميك 2500 ليرة، ولوح “الجبسن بورد” بـ 12 ألف ليرة للمستورد و8500 للوطني.


كما ارتفعت أجور العمالة اليومية لتتراوح ما بين 4 – 7 آلاف للعاملين العاديين، وما بين 10 – 15 ألف ليرة لـ “معلم المهنة”.


ووافق الشهر الماضي، “مصرف سوريا المركزي” على مقترح رفع سقف #القروض السكنية، التي يمنحها المصرف العقاري السوري، وذلك بعد أكثر من عامين من المناقشات، ليصبح سقف القرض السكني للشراء 15 مليون ليرة بدلاً من 5 ملايين ليرة، والقرض السكني للترميم 4 ملايين ليرة، بدلاً من 2 مليون ليرة.


وتعتبر شروط الحصول على هذه القروض شبه مستحيلة من ناحية تأمين أكثر من كفيل، وبيان دخل ثابت، إضافة إلى أن سقوف القروض رغم رفعها، لا تكفي لا لشراء منزل ولا إكسائه نتيجة التضخم الحاصل، وقرار الحكومة الجديد القاضي بتمرير البيوع العقارية عبر المصارف، الذي ساهم برفع الأسعار أكثر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.